فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيداغوجيات الحديثة في التدريس
نشر في خريبكة أون لاين يوم 29 - 04 - 2012


- مدخل الكفايات
أ- نحو تقريب مفهوم الكفاية:
حكاية أحمد:
" بينما كان أحمد مسافرا لزيارة بعض أقاربه، إذا به يكتشف عطبا في سيارته اضطر معه للتوقف بإحدى المدن غير المعروفة، وبعد تفكير طويل، أخرج أحمد خريطة استخدمها في البحث عن ورشة ميكانيكي لإصلاح العطب، غير أن هذا الأخير أخبره بأن عملية الإصلاح ستستغرق نصف يوم، وهو ما دفع أحمد إلى تحديد مركز البريد على الخريطة ليخبر أقاربه بتأخره عن الوصول، توجه بعدها إلى أحد الأبناك لسحب النقود اللازمة لإصلاح السيارة. وعندما شعر أحمد بالتعب والجوع، قرر دخول مطعم تناول فيه وجبة الغذاء واحتسى فنجانا من القهوة قبل أن يعود ليدفع أجرة الميكانيكي في المساء، ثم يواصل طريق سفره."
تحليل الحكاية في ضوء المقاربة بالكفايات:
تقدم لنا هذه الحكاية دلالات وأبعادا جد هامة ترتبط أساسا بمسألة تدبير الشأن اليومي وسبل مجابهة مشكلات الحياة الاجتماعية. صحيح أن حالة أحمد هي مجرد حكاية من نسج الخيال، لكن بالرغم من ذلك، فإن كل فرد منا لابد أنه معرض لمصادفة مشاكل مماثلة لتلك التي عرفها أحمد، فقط يبقى السؤال المطروح هو: هل كل الناس قادرون على حل مشاكل الحياة اليومية بنجاح؟ وبمعنى آخر، هل جميع الأفراد يملكون الكفايات اللازمة لمعالجة مختلف الوضعيات الاجتماعية؟ لنترك الجواب عن هذا السؤال إلى حين، ولنعد إلى تحليل حكاية أحمد:
واضح أن صاحبنا تمكن بنجاح من التكيف مع وضعية جديدة (تعطل السيارة داخل مدينة غير معروفة)، مما يدل على تحكمه في كفاية أساسية؛ ألا وهي التموقع في المكان. ومعلوم كذلك أنه لتحقيق هذه الكفاية عمد صاحبنا إلى تعبئة وإدماج مجموعة من:
- القدرات:
- القدرة على قراءة تصميم أو خريطة؛
- القدرة على تحديد نقطة أو معلم؛
- القدرة على طلب معلومات والحصول على إرشادات...
- المعارف:
- مفهوما سلم التصاميم والخرائط؛
- عناصر الطبوغرافيا؛
- مفهوم الشبكة والقن...
ومن هذا المنطلق، يمكن تعيين أهم العمليات والإجراءات التي وظفها أحمد في إطار بحثه عن حل لمشكلته كالتالي:
- التعبئة Mobilisation: وترتبط بسيرورة البحث عن الموارد المعرفية اللازمة ( معارف- قدرات- مهارات..)، تمارس خلالها عمليات عقلية عليا كالانتقاء والفرز والتصنيف والتحقق، وجعلها على أهبة الاستعداد لإيجاد الحلول المناسبة.
- الإدماج Integration: وهو تجميع للعناصر السابقة بعدما كانت متفرقة، من أجل إكسابها معنى وجعلها وظيفية تستخدم بطريقة ضمنية، غير قابلة للتحديد.
- التكيف Adaptation: وهو النتيجة الطبيعية للعمليتين السالفتين( التوصل إلى حل الوضعية)؛ فالتكيف حالة من التوازن المعرفي للذات وعودة لاستقرارها النفسي والمعرفي.
أضف إلى ذلك أن أحمد سيبدي لا محالة نفس الاستعداد لحل جميع الوضعيات المشابهة لتلك التي قابلها أثناء سفره؛ وهذا يعني أن الموارد المعرفية الموظفة من قبل أحمد قابلة لأن تنسحب على فئة عريضة من الوضعيات المتشابهة.
ب- الكفايات في المجال التربوي:
لا شك أن التحليل السابق سيسعفنا كثيرا في الخروج بتعريف ملائم لمفهوم الكفاية قبل أن ننطلق في البحث عن الإطار المرجعي للمفهوم وكذا مسوغات تبنيه في تدريس مادة الرياضيات على وجه الخصوص. وهكذا يمكن القول إن الكفاية هي القدرة على مواجهة وضعيات محددة، بالتكيف معها عن طريق تعبئة وإدماج جملة من المعارف والمهارات والتصرفات من أجل تحقيق إنجاز محكم وفعال.
أما المفهوم في حد ذاته فيندرج ضمن منظور التدريس بالأهداف بوصفه نموذجا من نماذجه، تم تعديله وتحيينه استجابة للانتقادات الموجهة إلى بيداغوجيا الأهداف بسبب ما أصاب هذه الأخيرة من انغلاق في نزعة إجرائية سلوكية حولت الفعل البيداغوجي إلى سلوك تعودي ورد فعل إشراطي يكرس التكرار والمعاودة ويلغي الابتكار والإبداع. من هنا برزت الحاجة إلى تبني التدريس بالكفايات كمقاربة شمولية نابعة من تصور سوسيوبنائي يروم تصحيح سلبيات الأهداف الإجرائية وطبيعتها التفتيتية، ويصبو في ذات الوقت إلى تمكين التلميذ من الاندماج في الحياة العامة والقدرة على التكيف مع مختلف الوضعيات التي تصادفه. أما من جهة أخرى، فإن مفهوم الكفاية يحيل إلى إشكالية قديمة هي إشكالية " نقل المعارف"، فهل ينبغي أن تخدم المعارف المكتسبة داخل المدرسة أغراضا مدرسية محضة ( معرفة حل التمارين ، الحصول على نقط عالية، النجاح في الامتحانات...)، وفي هذه الحالة يعجز كثير من التلاميذ عن حشد مكتسباتهم في وضعيات حقيقية وواقعية، أم أن هذه المعارف يجب أن تكتسب من أجل تمكين التلاميذ من حل وضعيات ليست بالضرورة ذات طبيعة مدرسية بل تنتمي إلى ميادين الحياة العملية بكل تعقيداتها. والحقيقة أن المقاربة بالكفايات جاءت بالفعل لتصحيح وظيفة المدرسة وجعلها بالتالي تركز على إعداد وتأهيل الأطفال للانخراط الفعلي والفاعل في بناء المجتمع وحل مشاكله التنموية. والمدرسة المغربية، بوصفها مناط التربية والتكوين، أبت إلا أن تعيد النظر في ممارساتها وتجدد مقارباتها في ظل الدعوة إلى تجاوز التركيز على الأهداف الإجرائية، على اعتبار أن مجموع هذه الأخيرة لا يساوي ما تصبو إليه غايات التعليم، فالكل، باعتباره نسقا، لا يساوي دائما مجموع أجزائه. لذلك كان مدخل الكفايات بديلا ناجعا يتوخى المردودية التربوية، ويتطلع إلى ربط فضاء المدرسة بالحياة العملية ربطا متينا ووظيفيا. ونظرا إلى هذه الأهمية التي تكتسيها المقاربة بالكفايات في الحقل التربوي، فقد أفرد لها الباحثون عدة محاولات طالت على وجه الخصوص تعريف مفهوم الكفاية، وهي تصب جميعها في التعريف الذي سبق أن أوردناه أعلاه. وهذا جرد لبعض منها:
الكفاية بأنها القدرة على تعبئة مجموعة من الموارد المعرفية لمواجهة Philippe Perrenoud يميز فيليب بيرنو
فصيلة من الوضعيات بشكل مطابق و فعال
وترى غزلان توزان ainTousain Ghislain أن الكفاية هي حصيلة إدماج معارف ومهارات تتجلى في قدرة المتعلم على تحقيق إنجازات محددة.
وأما لوبوتيرف Le Boterf .Guy فيعتبر أن الكفاية هي القدرة على التحويل، وليس الاقتصار على إنجاز مهمة وحيدة تتكرر بشكل اعتيادي... كما أنها القدرة على تكييف السلوك مع الوضعية، ومجابهة الصعوبات غير المتوقعة.
إلا أن ثمة مفاهيم تتجاور مع مفهوم الكفاية وتختلط به أحيانا، نرى أنه من المفيد تمييزها وتوضيح دلالتها فيما يلي:
- القدرة:
وهو المفهوم الأكثر التباسا بالكفاية، بحيث يغدو من الصعب ومن غير الواضح التمييز بين القدرة والكفاية، ومع ذلك توجد بعض الفروق بين المفهومين، إذ إن القدرة تعرف بكونها نشاطا فكريا ثابتا، قابلا للنقل في حقول معرفية مختلفة...وهي لا تظهر إلا من خلال تطبيقها على محتويات متعددة. فمثلا قدرة التحليل تبرز من خلال تطبيقها على:
- تحليل جملة.
- تحليل نص أدبي.
- تحليل وضعية- مسألة في الرياضيات.
- إلخ...
- المهارة:
قدرة مكتسبة على أداء فعل بتناسق وإتقان وتحكم وذكاء وسهولة، مثلا:مهارة لغوية، مهارة يدوية، مهارة رياضية...
- الأداء :
يقصد بالأداء ما يتمكن الفرد من تحقيقه آنيا من سلوك محدد، وما يستطيع الملاحظ الخارجي أن يسجله بأكبر قدر من الوضوح والدقة. ومن ثم فإن مفهوم الأداء يختلف كثيرا عن مفهوم القدرة...من حيث إن هذه الأخيرة تشير إلى إمكانات عديدة توجد عند الفرد بالقوة، ويمكن أن تتجلى في أنشطة متعددة وفي ظروف متنوعة. بينما يشير الأداء إلى ما يحقق هنا والآن.
ج- أنواع الكفايات:
تنقسم الكفايات بشكل عام إلى صنفين أساسيين،هما:
الكفايات النوعية:
وترتبط بمادة دراسية معينة، وهي أقل عمومية، يمكن أن تتحقق في نهاية مقطع أو نشاط تعلمي . وهذه بعض أمثلتها:
- مقارنة أعداد طبيعية وترتيبها تصاعديا وتنازليا.
- حساب مساحة أشكال هندسية محددة.
- الانتقال في شبكة بواسطة قن معين.
الكفايات الممتدة:
وهي غير مرتبطة بمجال دراسي بعينه، بل تمتد لتشمل مجالات ومواد مختلفة. مثلا امتلاك آليات التفكير العلمي أو القدرة على التحليل والتركيب...
وتتخذ الكفايات في المنهاج الدراسي بالتعليم الابتدائي طابعا استراتيجيا أو تواصليا أو منهجيا أو ثقافيا أو تكنولوجيا.
الكفايات الاستراتيجية:
تستوجب تنمية الكفايات الاستراتيجية وتطويرها في المناهج التربوية:
- التموقع في الزمان والمكان؛
- التموقع بالنسبة للآخر وبالنسبة للمؤسسات المجتمعية (الأسرة، المؤسسة التعليمية، المجتمع)، والتكيف معها ومع البيئة بصفة عامة؛
- تعديل المنتظرات والاتجاهات والسلوكات الفردية وفق ما يفرضه تطور المعرفة والعقليات والمجتمع.
الكفايات التواصلية:
حتى يتم معالجتها بشكل شمولي في المناهج التربوية، ينبغي أن تؤدي إلى:
- إتقان اللغة العربية وتخصيص الحيز المناسب للغة الأمازيغية والتمكن من اللغات الأجنبية؛
- التمكن من مختلف أنواع التواصل داخل المؤسسة التعليمية وخارجها في مختلف مجالات تعلم المواد الدراسية؛
الكفايات المنهجية:
تستهدف إكساب المتعلم:
- منهجية للتفكيروتطوير مدارجه العقلية؛
- منهجية للعمل في الفصل وخارجه؛
- منهجية لتنظيم ذاته وشؤونه ووقته وتدبير تكوينه الذاتي ومشاريعه الشخصية.
الكفايات الثقافية:
وينبغي أن تشمل:
- شقا رمزيا مرتبطا بتنمية الرصيد الثقافي للمتعلم، وتوسيع دائرة أحاسيسه وتصوراته ورؤيته للعالم وللحضارة البشرية بتناغم مع تفتح شخصيته بكل مكوناتها، وبترسيخ هويته كمواطن مغربي وكإنسان منسجم مع ذاته ومع بيئته ومع العالم؛
- شقا موسوعيا متصلا بالمعرفة بصفة عامة.
الكفايات التكنولوجية:
واعتبارا لكون التكنولوجيا قد أصبحت في ملتقى طرق كل التخصصات، ونظرا إلى كونها تشكل حقلا خصبا بفضل تنوع وتداخل التقنيات والتطبيقات العلمية المختلفة التي تهدف إلى تحقيق الخير العام والتنمية الاقتصادية المستديمة وجودة الحياة، فإن تنمية الكفايات التكنولوجية للمتعلم تعتمد أساسا على:
- القدرة على تصور ورسم وإبداع وإنتاج المنتجات التقنية؛
- التمكن من تقنيات التحليل والتقدير والمعايرة والقياس، وتقنيات ومعايير مراقبة الجودة، والتقنيات المرتبطة بالتوقعات والاستشراف؛
- التمكن من وسائل العمل اللازمة لتطوير تلك المنتجات وتكييفها مع الحاجيات الجديدة والمتطلبات المتجددة؛
- استدماج أخلاقيات المهن والحرف والأخلاقيات المرتبطة بالتطور العلمي والتكنولوجي بارتباط مع منظومة القيم الدينية والحضارية وقيم المواطنة وقيم حقوق الإنسان ومبادئها الكونية.
2-2- الوضعية- المسألة
تحيل الوضعية- المسألة إلى نظرية الوضعيات، وخاصة الوضعية الديداكتيكية بعد التحول الذي طرأ على دلالتها، من مجرد سياق تربوي لممارسة فعل التدريس في تفاعل بين أطراف ثلاثة هي المدرس والمعرفة والتلميذ، إلى
وضعية تحمل حسب بروسوBrousseau.G مشروعا اجتماعيا يروم إكساب التلميذ معرفة مبنية أو في طريق البناء.
وانسجاما مع التصور السالف الذكر، تعد الوضعية-المسألة- كوضعية ديداكتيكية- عنصرا أساسيا من عناصر المقاربة البيداغوجية في تدريس الرياضيات بالسنة السادسة من التعليم الابتدائي، لارتكازها من جهة على الأسس الديداكتيكية ذات المنحى البنائي والاستكشافي، ومساهمتها، من جهة ثانية، في تنشيط ميكانيزمات التعلم الذاتي، واستثارة الحوافز الداخلية للطفل. وتمثل الوضعية-المسألة عادة برسم أو صورة أو نص لغوي أو موقف تمثيلي، كما يمكن أن تجسدها جميع هذه العناصرأو بعض منها فقط.
ولكي تحقق الوضعية- المسألة أهدافها المنشودة، ينبغي أن:
- ترتبط بمعيش الطفل، وأن يمثل محتواها جزءا من واقعه الاجتماعي؛
- تكتسب الدلالة والقيمة، لتشويق التلاميذ وجلبهم للانخراط الفعلي في سيرورة التعلم والاكتساب، والتجاوب بالتالي مع ثوابته ومتغيراته؛
- تخلو من التعقيد والتشويش، أي أن توضع عناصر المشكل بكاملها في المجال الإدراكي للتلاميذ، مما يساعدهم على إدراك العلاقات ودمج عناصر ومثيرات المجال في وحدة جديدة تسعفهم بالحل المطلوب؛
- تثير فضول التلاميذ وتخلق لديهم تساؤلات؛
- ترتبط بعائق محدد قابل للتخطي، فالتلميذ حسب فيكوتسكي Vygotsky.L لا يتعلم إلا بجعله يجابه وضعيات تفوق مستوى نموه العقلي بشكل معقول. وهذا يؤكد ضرورة أن يتوفر في الوضعية- المسألة شيء من الصعوبة، وأن تتجاوز بنيتها البنيات العقلية للتلميذ؛
- تحقق قطيعة أو قطائع معرفية تقود التلاميذ إلى تفكيك نماذجهم التفسيرية الأولية، وتدفعهم إلى إعادة بنائها عن طريق صياغة مختلف الإجابات المقبولة وتوسل كل الاستراتيجيات الممكنة؛
- تؤول إلى إكساب التلميذ معارف ذات صبغة شمولية (مفاهيم- قوانين- قواعد...).
التخطيط للوضعيات- المسائل:
إذا كان مطمح الوضعية-المسألة كامنا في بناء التعلم واكتساب المعارف الرياضية، فإن تحقيق ذلك يظل رهينا بجودة فعل التخطيط، إن على المستوى الهيكلي العام، أو على مستوى مضمون كل مرحلة من مراحل التخطيط والتي نوجزها فيما يأتي:
تحديد الكفايات:
- تحديد الكفايات المراد اكتسابها من طرف التلاميذ، مع تحليلها إلى مجموع قدرات تترجم ما سيتعلمه هؤلاء من معارف أو مفاهيم أو مهارات.
صياغة المشكلة:
بعدما يضع الأستاذ الكفايات المستهدفة، ينتقل إلى التفكير في صياغة المشكلة الجديرة بتحفيز فضول المتعلمين. و التفكير في المشكلة يعني إلباس الوضعية لبوسا ملائما ذا معنى ودلالة واضحة بالنسبة إلى الأطفال، بالشكل الذي يغدو معه الأستاذ مطالبا بالاستناد إلى ثلاثة معايير أساسية:
- التقبل Acceptation : أي أن المتعلم يقبل المشكل باعتباره مشكلا، ويشعر بدافع بحث هذا المشكل؛
- العائق Blocage : أي أنه لا يستطيع استعمال نماذجه المألوفة ولا يتوفر على خطة جاهزة؛
- الاستقصاء noExplorati : إن الدافع الذي يحفز الفرد يجعله يبحث عن طرق لمعالجة المشكل؛
كما تتطلب صياغة المشكلة اتباع ثلاث خطوات، هي:
- تحديد عناصر المشكلة: ويقصد بذلك ضبط جميع المتغيرات المتحكمة في صياغة المشكلة، مع إبعاد كل ما من شأنه التشويش على التفاعلات والعلاقات بين العناصر المكونة لها؛
- توزيع الأدوار والمهام: تشترط الوضعية- المسألة عادة وجود فاعلين (تلاميذ/أستاذ) ينبغي أن يسند إلى كل منهم الدور أو المهمة التي سيضطلع بها للتأثير في العناصر والتأثر بها؛
- توقع حدوث معطيات غير منتظمة: إذ إن تنفيذ الوضعية على أرض الواقع غالبا ما تعترضه طوارئ غير منتظرة وغير مخطط لها، سواء تعلق ذلك بالبنية البشرية أو بالبنية المادية. وعلى العموم يتعين على الأستاذ احتمال بروز جميع المستجدات الممكنة والتفكير بالتالي في كيفيات التخفيف من تأثيراتها.
3-2- حل المشكلات
غالبا ما يرتبط حل المشكلات بتدريس المواد العلمية أكثر من غيرها، وذلك بوصفه بديلا لما هو مألوف في الممارسات التربوية التقليدية وفي سائر النماذج التعليمية الأخرى المتمركزة حول المعرفة. ومعلوم أن حل المشكلات هو نموذج ديداكتيكي " ينطلق من أسس نظرية تنظر لعملية التعليم على أنها نتاج المجهود الخاص لجماعة التلاميذ، كما أنها تؤسس ممارستها على استراتيجية تعليمية تعلمية، ترتكز على سيرورة من العمليات تتجة نحو حل مشكلات مطروحة على جماعة من التلاميذ". وتتدرج طريقة حل المشكلات وفق خطوات عامة هي:
- تحديد المشكلة: حيث يواجه المتعلمون وضعية تحمل مشكلة تدفعهم إلى الشعور بالحاجة إلى البحث عن الحلول المناسبة؛
- صياغة الفرضيات: في هذه المرحلة يقترح التلاميذ أجوبة مؤقتة ونماذج تفسيرية أولية بمثابة حلول للمشكلة المطروحة؛
- تمحيص الفرضيات: الأجوبة المؤقتة تحتاج إلى اختبار صحتها من خلال قيام التلاميذ بمناولات أو تجارب أو استطلاعات؛
- الإعلان عن النتائج: وهي الخطوة الأخيرة التي يتوج فيها المتعلمون أبحاثهم بالتوصل إلى الحلول والنتائج المرجوة.
هذا وقد عمد هذا الدليل إلى توظيف طريقة حل المشكلات في معالجة بعض المفاهيم الرياضية خصوصا عند تقديم دروس المسائل، إلا أن الأستاذ مدعو إلى استلهام تقنيات حل المشكلات واستثمارها كلما اقتضت طبيعة الموضوع المقدم ذلك .
4-2- بيداغوجيا الخطأ
لطالما اعتبر الخطأ في المجال المدرسي " ذنبا " لا يغتفر، ومؤشرا على الفشل والقصور والإخفاق،علاوة على أن" الممارسات البيداغوجية الكلاسيكية كانت تحمل التلاميذ مسؤولية أخطائهم وتفسرها بغياب الحوافز أو النقص في التركيز" فكان لذلك انعكاس سلبي على نفسية الأطفال، عمق لديهم الشعور بالإحباط والإقصاء والدونية، وكرس في نفوسهم الرغبة في العزوف عن الدراسة. غير أن وضعية الخطأ سرعان ما عرفت تحولا نوعيا أضحت الأخطاء معه تعبيرا عن وجود معرفة غير مكتملة، ومرحلة طبيعية من مراحل بنا ء التعلمات واستراتيجية للتحصيل، على أساس أن الوضعيات الديداكتيكية تعد وتنظم في ضوء المسار الذي يقطعه التلميذ لاكتساب المعارف والسلوكات في إطار البحث عن الحلول، أو ما يمكن أن يتخلل هذا البحث من أخطاء. وتعتمد بيداغوجيا الخطأ على مبادئ أساسية، هي:
- موضعة التلميذ في صلب العملية التعليمية التعلمية؛
- فهم تمثلاته؛
- تحليل أخطائه، والبحث عن الحلول العملية التي تكفل تصحيح مسار التعلم. وتشير عملية التحليل هاته إلى أن أخطاء التلاميذ نابعة من أربعة مجالات رئيسية نلخصها في الجدول الآتي:
سبل استثماره
تجلياته
مجال الخطأ
- تغيير أشكال تقديم التمارين.
- استبدال وسائل ديداكتيكية بأخرى.
- التفكير في وضعيات قريبة من معيش التلاميذ.
- تنويع طرائق التعليم وأساليب التقويم.
- مساعدة التلاميذ على تنويع أساليبهم المعرفية بتمكينهم من الوسائل التي تحقق ذلك...
- جديدة بالنسبة للتلميذ: طريقة تقديم التمرين مختلفة-
وسائل جديدة- السياق الثقافي غير مألوف- لغة غير معتادة تحول دون إنجاز العمل المطلوب...
- مألوفة لدى التلميذ: ولكنها تتطلب نوعا خاصا من التفكير أو استدلالا غير متحكم فيه بعد- تمثل خاطئ للعمل المراد إنجازه...
- مألوفة: غير أنها تفرض إكراهات هامة كإنجاز العمل في مدة زمنية محددة- تمارين عديدة- مستوى الصعوبة عال- تمارين تحيل على تعلمات من مجالات مختلفة...
الوضعية المعطاة
- اعتبار قراءة التوجيهات المرتبطة بالتمارين مرحلة زمنية أساسية وضرورية.
- مساعدة التلاميذ على التساؤل عن معنى الأسئلة المطروحة.
- تعرف الكلمات المفاتيح في السؤال/ الأسئلة.
- التمثل الذهني للعمل المراد إنجازه...
- صياغة الأسئلة: أسئلة قابلة للتأويل – غامضة- استعمال مفردات صعبة...
- فهم المهمة: مشكل القراءة (إضافة- حذف- استبدال)
السلوك تجاه المهمة: ضعف الاستقلالية- استباق- تسرع- نسيان- عدم إعادة قراءة السؤال..
المهمة المراد إنجازها
- تدريب التلاميذ على تكوين صورة ذهنية للمعرفة المراد اكتسابها.
- تكثيف أنشطة الفرز والتصنيف والمقارنة والترتيب.
- الحد من السلوك الاندفاعي والحض على التفكير والتركيز.
- تقوية المعارف الأساسية باعتماد أسلوب التدريب والتكرار.
يمكن أن ترد الأخطاء من العمليات الذهنية الموظفة في وضعية معطاة:
- التكرار: نقل- إعادة إنتاج- استظهار...
- المفهمة Conceptualisation: الانتقال من الإدراك المحسوس لأشياء أو وقائع معينة إلى تمثيلاتها العامة والمجردة.
- التطبيق: استعمال القواعد أو المعارف المكتسبة في مجال معين وتطبيقها في مجال آخر.
- الاستقصاء: استخراج عنصر معين من مجموعة معطاة.
- التعبئة: استحضار حصيلة المكتسبات- انتقاء بعض العناصر الملائمة للوضعية الجديدة.
- الاستثمار: نقل معرفة من وضعية تعلم مألوفة إلى وضعية جديدة جزئيا أو كليا.
العمليات الذهنية
- اعتبار الفروق الفردية في التعلم والتركيز على الكفايات النوعية المؤدية إلى اكتساب الكفايات الأساسية.
- مساعدة التلاميذ على الكشف عن تمثلاتهم ليتمكنوا من تعرفها والتخلي عنها بوصفها غير ذات جدوى وإمدادهم بالإمكانات والوسائل التي تكفل لهم تصحيحها.
- تقديم تمارين للدعم متدرجة من حيث الصعوبة.
- التعلمات السابقة الجزئية غير متينة بما في الكفاية و/أو خاطئة.
- عدم اكتساب المعرفة.
المكتسبات السابقة
ولعل الوضعية- المسألة أفضل مناسبة لاستثمار نموذج التدريس عن طريق الخطأ، خصوصا أثناء تقديم التلاميذ تلمساتهم الأولية بخصوص إيجاد حلول للمشكل المطروح، إذ ينبغي للأستاذ تثمين أخطاء المتعلمين، محللا إياها بالشكل الذي يسعفه باكتشاف مختلف السحنات المعرفية للأطفال .Profils cognitifs
5-2- البيداغوجيا الفارقية
عبارة عن ممارسات وتقنيات بيداغوجية تقوم على أساس وجود فروق فردية بين التلاميذ في الوسط المدرسي تتجلى في:
- فوارق معرفية: تتمثل في اختلاف إيقاع فعل التعلم، واللاتطابق بين زمن التعليم وزمن التعلم، وتعدد الاستراتيجيات المعرفية وأساليب التعلم وغيرها...
- فوارق سوسيو ثقافية: ترتبط بالقيم والمعتقدات واللغة وأنماط التنشئة الاجتماعية والخصوصيات الثقافية.
- فوارق سيكولوجية: إن لكل تلميذ شخصية تميزه وكيانا وجدانيا تغذيه مختلف العواطف المكتسبة، والتي تتحكم في نوعية السلوكات والتصرفات وردود الأفعال الصادرة عن الشخصية إزاء مختلف المواقف.
ومن التقنيات الفارقية الممكن الاستئناس بها في دروس الرياضيات نذكر ما يلي:
- تحديد الهدف/ الأهداف المراد تحقيقها من قبل جماعة الفصل بشكل دقيق وواضح؛
- تنويع أشكال العمل: فردي/ جماعي/ العمل في زمر...
- رصد أساليب التعلم لدى التلاميذ وخاصة في مرحلة بناء المفاهيم؛
- إعداد شبكة لتحليل صعوبات وتعثرات التلاميذ؛
- بناء استراتيجيات بيداغوجية على ضوء الصعوبات المرصودة؛
- تدبير الزمن بطريقة وظيفية ومرنة مع التصرف في الأنشطة الديداكتيكية المقترحة بالكتاب المدرسي على مستويي الكم والكيف وملاءمتها مع الفروق الفردية بين التلاميذ.
منقول


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.