لا أحد يجادل في الدور الحيوي الذي ينبغي أن تلعبه التربية في تزويد التلاميذ بالعدة اللازمة لمواجهة مستلزمات العصر و ربح الرهانات الكبرى التي يطرحها ، و لن تكون عناصر هذه العدة مقتصرة فقط على اكتساب المعرفة و مراكمتها و مواكبة ما يستجد فيها :، فالمعرفة وحدها أصبحت غير كافية، بل إن أهم عنصر من هذه العدة لن يكون سوى مهارات التفكير Kفبفضل هذه المهارات (المهارات الأساسية، استراتيجيات التفكير، المهارات الميتاذهنية يصبح التلاميذ قادرين على اكتساب و تقييم و إنتاج المعارف بنوع من الاستقلالية . لكن السؤال المطروح هو كيف الوصول إلى ذلك ؟ لكي يصل المدرس (ة) لهذا الهدف ، فان الوسائل لا تعوزه ، انها عديدة و بسيطة نسبيا و سهلة التطبيق يستطيع استعمالها في دروسه لاستدراج التلاميذ إلى تطوير مهاراتهم الفكرية . سنحاول في هذه المقالة تقديم تركيب لمختلف الاستراتيجيات المقترحة في هذا المجال و التي هي عبارة عن خلاصة أشغال بحوث اهتمت بهذا الموضوع ، و سيكون المعيار الأساسي في اختيار استراتيجية أو استبعادها هو مدى إمكانية تطبيقها بسهولة في مختلف الدروس و من طرف أغلبية المدرسين و بأقل تكلفة ممكنة ، وبالتالي فإن الاستراتيجيات التي ستقدم في هذا الإطار هي بسيطة نسبيا و سهلة التنفيذ . يجدر بنا منهجيا ، قبل إبراز هذه الاستراتيجيات الإجابة عن السؤالين التاليين : 1- لماذا يعتبر تعليم مهارات التفكيرللتلاميذ ضروريا؟ 2- ماذا نقصد بمهارات التفكير؟ 1 – لقد أصبح تعليم مهارات التفكير خلال العشر سنوات الأخيرة أحد أهم رهانات عالم التربية ، ففي مجتمع يتسم بوفرة و غزارة المعلومات ، و في إطار عصر تتغير و تتطور فيه المعارف و المعطيات بوثيرة سريعة جدا لم يعد ممكنا التغاضي عن بذل الجهد لكي يكتسب تلامذتنا مهارات تتعلق بالتفكير النقدي ، و بحل المشكلات ، و بتطوير نوع من الاستقلالية . إن هذه المهارات ضرورية للمشاركة في الحياة الديموقراطية ، و مواجهة كل أشكال التضليل و التعتيم ومصادرة حرية الرأي و التعبير ، ونبذ كل مظاهر التطرف و اللاتسامح ، إنها تجعل التلميذ مواطنا مسؤولا يسهم في المجتمع التكنولوجي كعامل منتج ، كما أنها تؤدي إلى الاطمئنان النفسي للأفراد و تضمن لهم حظوظا كثيرة في النجاح . و بالرغم من كل هذا فإن التقارير و الأبحاث التي اشتغلت على المهارات الفكرية للتلاميذ في السنة النهائية من التعليم الثانوي بينت أنه من الممكن أن يتردد فرد ما على المدرسة لمدة 12 أو 13 سنة دون أن يحصل لديه أي تطور في كفايات التفكير . هذه المهارات لا تتطور تلقائيا كنتاج ثانوي أو فرعي لاكتساب المعارف ، و لهذا يجدر بنا أن نبحث عن الكيفية او الكيفيات الملائمة و الجيدة لتنميتها والارتقاء بها عند التلميذ . لقد كان الاتجاه السائد هو اعتماد دروس يكون موضوعها الرئيس هو هذه المهارات ، إلا أننا نعتقد أن عملية امتلاك هذه المهارات يمكن أن تتم في إطار كل درس من المنهاج مهما كان مستوى المادة المدرسة والأسباب التالية تؤكد هذا الاعتقاد : 1- لكي يكون لمهارات التفكير معنى ينبغي أن تستمد و أن تطبق في علاقة مع مضمون هادف ، وبعبارة أخرى لا وجود لتفكير من مستوى عال إلا بوجود مضمون غني و معقد . 2- إن هذه المهارات لا تنتقل من مادة إلى أخرى إلا عندما يتيح التحكم فيها تطبيقا فعليا لها في مجالات أخرى ، و كمثال على ذلك فإن تعلم حل مشكلات رياضية لا يساعد بالضرورة على حل مشكلات في علم النفس أو في التنظيم الإداري . 5- إن التعلم هو إعادة صياغة أو مراجعة الشيمات Schèmes المعرفية للتلميذ وهو يتضمن مسلسلا لمعالجة المعلومة التي تتصل بمعارفه السابقة من جهة و بمهارات التفكير من جهة ثانية ، ووفق هذا المنظور فالمعرفة و التفكير لا يتعارضان و من تم وجب تدريسهما بطريقة تلازمية . تصبح للمدرس ، بناء على هذا ، مسؤولية مزدوجة تتمثل في نقل المعرفة إلى التلاميذ وإكسابهم مجموعة من المهارات التي ستساعدهم على استعمال هذه المعارف بطريقة جيدة ومفيدة. 2- عندما نتحدث عن مهارات التفكير فان الأمر يتعلق بالعمليات التالية : الفهم ، التطبيق ، التقرير ، النقد ......إلخ . إن هذه العمليات يستعملها التلاميذ كلما تعاملوا مع مضمون معين (أحداث ، مفاهيم ،مبادئ ...) وهي مهارات ذهنية من مستوى عال ، أي أنها عمليات تتجاوز استذكار معلومات معينة أو تطبيقا آليا لبعض القواعد . يتم التمييز عادة بين ثلاثة أنواع كبرى من المهارات : - المهارات الأساسية - استراتيجيات التفكير - المهارات الميتا ذهنية habiletés métacognétives تستخدم المهارات الاساسية في معالجة المعلومة من حيث : تركيبها أو تأويلها أو تطبيقها أو تحليلها أو تقديمها أو الاستدلال عليها ... إلخ. أما استراتيجيات التفكير فهي تشكل القاعدة نفسها لعملية التفكير ، و هي مكونة من مجموعة من العمليات التي ينبغي أن تنجز عبر حصص و تتطلب قدرا كبيرا من التنسيق : كحل المشكلات أو اتخاذ قرار أو التفكير النقدي ... إلخ . وتتيح المهارات الميتا ذهنية تدبير ومراقبة النوع الأول والثاني ، وتتضمن عمليات كالتخطيط والمراقبة وتقييم مسلسل التفكير . نستخلص مما سبق أن تعليمنا ينبغي أن يكون مصاغا و مقدما بطريقة لا تشجع فقط على أن يتملك التلميذ المهارات الفكرية الأساسية و استراتيجيات التفكير ، بل و تشجع كذلك على تطوير المهارات الميتا ذهنية . إن BEYER (1987) يرى أنه لابد من العمل على تنمية الاستعدادات و الاتجاهات التي تعتبر ركيزة لهذه المهارات و منها : - تقبل الالتباس - احترام الحقيقة و الحجج - التشكك و الفضول أما VIKERSON )1988( فيقترح تطوير بعض الاتجاهات كالنزاهة الفكرية ، و احترام الرأي المخالف والتفكير قبل بداية العمل ، و حب الاستطلاع . - استراتيجيات تطوير مهارات التفكير : ما هي إذن الاستراتيجيات البيداغوجية التي يمكن اتباعها في درس ما بغية تحفيز تطوير هذه المهاراتو الاستعدادات ؟ يمكن التمييز بصفة عامة بين استراتيجيتين كبيرتين هما : 6- الاستراتيجيات التي تشجع تطبيق مهارات التفكير . 7- الاستراتيجيات التي تشجع تعلم هذه المهارات بطريقة غير مباشرة . تسعى المجموعة الأولى من الاستراتيجيات إلى خلق محيط بيداغوجي يدفع التلاميذ إلى التفكير و يهتم باستعمال المضمون أكثر مما يهتم باكتسابه . أما المجموعة الثانية فهي تهدف إلى تعليم هذه المهارات بطريقة متلازمة مع تعلم المعارف و الاتجاهات التي ترتكز عليها 2- الاستراتيجيات التي تشجع تطبيق مهارات التفكير . 1.1- وثيرة عمل تتيح للتلاميذ فرصة التفكير تتبنى هذه الاستراتيجيات وتيرة عمل من شأنها أن تتيح للتلاميذ الفرصة للتفكير. فإذا أردنا من المتعلمين أن يفكروا وأن يتساءلوا فعلينا أن نمنحهم الوقت الكافي لذلك ، وهذا يتطلب تقليصا في عدد المواد والمهام المطلوبة ، والاهتمام بالاستغلال الفعال و النشيط للمعارف المتعلمة. غالبا ما يتم التركيز على المضمون ، ويعتقد بعض المدرسين خاطئين بأن جودة درس ما مشروطة بكمية المواد التي يحتويها ، إلا أن الواقع يؤكد أنه كلما كان الدرس أو المنهاج مكتنزا ، كلما مال التلاميذ إلى حفظ المعلومات دون إمعان التفكير فيها، أو التساؤل حول طبيعة ما هم بصدد تعلمه . 1.2 - سيادة مناخ ملائم للتفكير من جهة ثانية تقترح هذه الاستراتيجيات سيادة مناخ ملائم للتفكير داخل الفصل يسمح من خلال تثبيته و المحافظة عليه ، على مساعدة التلاميذ على التفكير و طرح الأسئلة ، و ليتحقق هذا لابد و أن يعبر كل تلميذ عن أفكاره دون خوف من الإهانة أو التحقير ، و أن يتم الاعتراف لكل فرد في جماعة الفصل بالحق في الخطأ . في هذا الإطار يصبح القسم مختبرا تمارس فيه تمارين التفكير بأمان ، يساعد عليها السلوك المحفز الذي يصدر عن المدرس عندما يبدي اهتماما و احتراما لما يفكر فيه التلاميذ عندما يعطي قيمة واضحة لأعمال البحث التي ينجزونها ، ويدعم بكل الأشكال جميع التصرفات التي تسير في نفس المنحى . 1.3 - نوعية الأسئلة المطروحة لقد سجل الكثير من الباحثين الأهمية التي تكتسبها نوعية الأسئلة المطروحة في القسم و التي يجب أن تكون مستفزة للتفكير و مثيرة للحكم النقدي أكثر مما تهدف إلى تذكر المعلومات أو التأكد من استيعاب المادة المدرسة . إن أسئلة من المستوى العالي هي التي بإمكانها أن تدفع التلميذ إلى معالجة المعلومة التي سبق أن تعلمها من أجل خلق أو دعم جواب منطقي و متناسق. و لهذا و لكي تعطي قيمة أكبر لمهارات التفكير يتوجب ان تطرح أسئلة تشغل أنشطة ذهنية معقدة لدى التلاميذ ( المقارنة، التحليل، الاستنتاج، التنبؤ..الخ). تستحق هذه الفكرة المتعلقة بالأسئلة اهتماما كبيرا ذلك أن الأبحاث التي اشتغلت على هذا الموضوع أبرزت أن النمط الغالب على أسئلة المدرسين هو التذكر و سرد الأحداث والوقائع في حين لا تشكل الأسئلة التي تساعد على التفكير سوى نسبة ضئيلة. وإذا كان طرح أسئلة تساعد على التفكير و الحكم النقدي عاملا مهما في تنمية قدرات التفكير عند المتعلم فإن كيفية الأجوبة المقدمة إليهم من طرف المدرسين تبدو هي كذلك أساسية. لقد لاحظ أحد الباحثين بأن هذه الكيفية تشكل عاملا من عوامل المحيط التربوي التي تؤثر كثيرا على الارتقاء بالمهارات الفكرية، فكلما كانت أجوبة المدرس تشجع الإعداد الذهني كلما أدى ذلك إلى تنمية التفكير. لتحقيق هذا يستلزم منح التلاميذ الوقت الكافي لأن هناك علاقة بين المهلة المخصصة للإجابة والإعداد الذهني الذي ينكب عليه التلميذ. إن أجوبة المدرس يجب أن تساعد على التفكير لا أن تكون بمثابة إقرار بسيط لجواب التلميذ لأن المدرس بذلك سيوقف مسلسل التفكير لديه. يوصي بعض الباحثين في هذا المجال بالامتناع عن نقد ردود التلاميذ إيجابا أو سلبا، و بالإنصات إليهم و تقبل أفكارهم ومساعدتهم على مواصلة تفكيرهم بواسطة أسئلة توضيحية ، إن أجوبة المدرس يجب أن تستهدف تنمية عمليتي التحليل و التخصيص بحيث نطلب من المتعلم أن يعطي مثالا يفسر به أقواله، و أن يأتي بعناصر أخرى لإغناء جوابه الأول. 1.4 - إثارة النقاش و تبادل الآراء إن فحصا للمناهج التي تروم تنمية المهارات و القدرات الفكرية يبين بأنها تؤكد على المشاركة والاستكشاف النشيطين للتلميذ، و تقترح مشاكل و تمارين تستهدف إثارة النقاش وتبادل الآراء. إن المناقشة حسب بعض الباحثين هي المقوم الأساسي لكل بيداغوجية تسعى إلى تنمية أساليب و مهارات التفكير عند التلاميذ. فالتفاعل عبر المناقشة مع المدرس و مع الزملاء يشكل أداة قوية للنمو الذهني فهو يتيح استعمال عمليات فكرية متنوعة في مواجهة طرائق تفكير أخرى سواء تعلق الأمر بالشكل أو بالمضمون . هكذا سنفهم لماذا يوصى الباحثون في مجال التربية بتبني طرق بيداغوجية تحث على المناقشة و تستبعد العرض و الاستظهار . على المدرس إذن ، أن يفتتح درسه بأسئلة أو عرض مشاكل تؤدي إلى مناقشات و تبادلات للآراء داخل مجموعات كبيرة أو فرق عمل صغيرة . ينبغي التمييز بين المناقشة كطريقة بيداغوجية و بين الاستظهار حيث يكون التفاعل متمركزا حول المدرس الذي يقوم بدور المراقب . فهو يطرح الأسئلة و يدعم أجوبة التلاميذ . إن المناقشة تتم عكس ذلك في إطار مجموعة يتداول فيها التلاميذ في مواضيع لم يسبق لهم أن تعرفوا عليها . 1.5 - التقييم إن المهام المدرسية التي يقوم التلاميذ بإنجازها توجه تعلمهم بشكل مباشر ، إنها تحدد المعلومات التي سيتعلمونها ، كما أنها تحدد العمليات الذهنية التي سيستخدمونها في هذا التعلم : استذكار ، تركيب ، تحليل ، استدلال ... إلخ . و بما أنهم يميلون في الغالب إلى الاهتمام فقط بالأشياء التي يتم تقييمها ، يبدو ضروريا أن ينصب التقييم كذلك على مهارات التفكير . يجب أن تكون الأعمال التي يطالب المتعلمون بإنجازها في إطار درس معين ، محفزة على التفكير و أن تؤدي إلى اللجوء إلى عمليات عقلية معقدة تدريجيا . و هو نفس ما يمكن أن يحصل في أسئلة الامتحانات إذ عليها أن تتجاوز المستوى البسيط للتذكر أو التعرف على المعلومات لتحث التلميذ على تطوير و مفصلة أفكاره . 3- الإستراتيجيات المساعدة على تعلم مهارات التفكير . إن الاستراتيجيات التي سبق ذكرها تشكل وسائل أو شروطا من شأنها المساعدة على تطبيق المهارات الفكرية . و هي مع ذلك غير كافية بالنسبة للبعض الذي يرى أنه لابد من المرور إلى تعليم مباشر لهذه المهارات . 1-2 - التعليم المباشر : يرى BEYER (1987) أنه يتوجب التدريس المباشر لهذه المهارات شأنها في ذلك شأن المعلومات والاتجاهات التي تدعمها ، و ما يمكن القيام به هو توزيعها إلى عناصر بسيطة و تعليمها للتلاميذ من خلال توفير مناسبات للتطبيق . أما PERKINS (1987) فيقترح أن يتم تعليم التلاميذ تاكتيكات أو استراتيجيات تتيح توجيه و إسناد عمليات عقلية مختلفة ، وهو ما يسميه "إطارات للتفكير " هذه الإطارات هي في حقيقتها معلومات تسمح للشخص بتنظيم و بنينة آلياته الفكرية . يمكن لإطارات التفكير هذه أن تشمل مواضيع و عمليات متنوعة : كيفية تلخيص نص ، كيفية نقد الأفكار الواردة فيه ، طريقة كتابة نص ، كيفية صياغة فرضية ... إلخ . فعلى المدرسين أن يحددوا ويصفوا بشكل جلي مختلف إطارات التفكير التي يمكنها أن تكون مفيدة و أن توفر للتلاميذ فرص وضعها موضع التطبيق في التمارين المختلفة . إن هذا الأمر قد تكون له محاسن أخرى على مستوى عملية التحويل (transfert) و هي صعوبة أساسية في تعليم مهارات التفكير . 2-2 - النمذجة يؤكد العديد من الباحثين على أهمية التأثير الذي يمارسه المدرس باعتباره نموذجا ، فعن طريق سلوكاته يبرهن عن الكيفية التي تنجز بها مختلف العمليات الذهنية التي يرغب في تنميتها لدى المتعلمين ، كما يستطيع أن يدعم ذلك عبر الأمثلة الملموسة التي يقوم بها . في هذا الاتجاه يقترح في الغالب القيام بنوع معين من التفكير و هو التفكير بصوت مرتفع بحيث يعبر المدرس بالوصف الكلامي عن العمليات الفكرية التي هو بصدد إنجازها ويفسرها عندما تقتضي الضرورة ذلك . بهذه الوسيلة يتمكن التلاميذ من ملاحظة وفهم مختلف المراحل والعمليات المتدخلة في الاستدلال على حل مشكلة ما . 2-2 - التمركز حول الميتاذهنية يؤكد COSTA (1981-1985) أن تطوير السلوك الذكي عند التلاميذ يرتبط تحقيقه بمدى ما تحققه الاستراتيجيات التربوية من تنمية للمهارات الميتاذهنية ، أي القدرة على تحديد ما يعرفه المتعلمون وما لا يعرفونه ن والقدرة على امتلاك مهارة تخطيط استراتيجيات لإنتاج المعلومة التي يحتاجونها والوعي الواضح بالاستراتيجيات والمراحل التي يستعملونها لحل المشاكل ، والقدرة على تقييم فعالية تفكيرهم . إن تعليم التفكير هو في الحقيقة تعليم كيفية التفكير بطريقة واعية و مقصودة . و للوصول إلى هذا الهدف يتوجب على المدرسين إعادة مركزة تلاميذهم حول الآليات الفكرية التي يستعملونها كأن يساءلوهم مثلا عن المراحل التي يعتزمون قطعها من أجل تحقيق مهمة ما ، ودعوتهم للحديث عن الاستراتيجيات التي استعانوا بها لتجاوز مشكل معين و مطالبتهم بشرح طبيعة برهنتهم . خلاصة : ما يمكن استنتاجه مما سبق هو أن أغلبية الاستراتيجيات السالفة الذكر سهلة التطبيق داخل كل درس وفي كل المواد الملقنة . إنها مرتبطة ارتباطا وثيقا فيما بينها بحيث يصعب فصل بعضها عن البعض الآخر . إن الأمر يتعلق في الواقع عن "مقاربة متمحورة حول تطوير المهارات الفكرية"الشيء الذي يجعل من هذه الاستراتيجيات عبارة عن أبعاد متداخلة تحدد إجرائية هذه المقاربة .