حاول كثير ممن يدور في فلك المخزن أن يجعل من مطالب حركة 20 فبراير مطالب خبزية الهدف منها الرفع من مستوى عيش الناس، وذلك من خلال الحد من غلاء المعيشة والتخفيف من نسبة البطالة والزيادة في الأجور، بدعوى أن غالبية الناس لا يفهمون من التغيير إلا ما يمس حياتهم المادية، أما التغيير السياسي الشامل فهو بعيد عن واقع الناس و اهتماماتهم اليومية، إذن فما على المخزن إلا إن يبادر بإلهاء الناس بشيء اسمه "دستور جديد" ثم التوظيف المباشر لعدد محدود من أصحاب الشواهد المعطلين مع الزيادة في الأجور لموظفي القطاع العام، وهي زيادة استثنائية و غير مسبوقة في تاريخ المخزن بلغت 600 درهم، هي ليست نتيجة حوار اجتماعي كما يزعمون بل نتيجة حراك سياسي ظن المخزن أن الناس خرجوا فيه طلبا للخبز، إلا انه و كل هذه الإجراءات مقصدها الالتفاف على مطلب العدل والحرية، وربح مزيد من الوقت لإطالة عمر الظلم والاستبداد، استمر الشعب في الاحتجاج و التظاهر في مسيرات شعبية تقدر بمئات الآلاف في مختلف ربوع هذا الوطن الحبيب مصرين على التغيير حتى ولو كلف ذلك أرواحهم مطالبين و بأعلى صوت: ما نريده ليس خبزا فقط ما نريده كرامة و عدل، ما نريده هو أن نعيش عيشة الأحرار و ليس عيشة العبيد ما نريده هو أن نعيش مواطنين لنا حقوق وعلينا واجبات وليس "رعايا" خاضعين تابعين. إن الإنسان لا يعيش بالخبز وحده بل يعيش أيضا بالكرامة و الحرية. فما قيمة رغد العيش إن كان معه الذل و الاحتقار و العبودية لغير الله. إن الإنسان قد يصبر على الفقر و ضيق الحال إن كانت معه الحرية و الكرامة و المساواة. إن الإنسان كائن مكرم كرمه الله من فوق سبع سماوات و أعزه و أسجد له ملائكته، فكيف يتم اليوم احتقاره وإذلاله؟ بل و كيف يقبل هذا الإنسان الذل و المهانة لنفسه؟ إن الشعب المغربي اليوم خرج كي يقول للمخزن إن زمن الخضوع و الركوع و العبودية لغير الله قد ولى وبدون رجعة، وإن زمن الكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية قد حان و هلت بشائره. يا أيها المستضعفون في الأرض لا تقنطوا من رحمة الله، إن العدل آت آت آت وعد من الله حق إن الله لا يخلف الميعاد.