نعم أيها الصغير قبلك أرسلت مثل هذه الابتسامة، نفاق هذا العالم مثير للاشمئزاز، وستجد عناء ما دمت لا تحسن التلون، لكن دعنا نفكر بترو وتعقل فهذه يا صغيري مدينة النور والمدنية والعطور، ولا يمكن أن يكون التعاطف معها قدر العهر الماجن، وفي العالم لا يوجد فكر مخنث بثوب علماني متسلط ولون ليبرالي متعفن، إنه فكر لا يعترف بندية الرجال، ضحكات وقهقهات في مجالسهم الباذخة بعطور وقوام ممشوق وموائد باذخة وقصور مشيدة، وبلاغات كاذبة فيها من الفخامة والتعظيم ما يفوق طارق بن زياد وموسى بن نصير يقطرون الشمع ويحركهم الطمع، ويبحثون على من يطلقون عنان ألسنتهم الحربائية المسمومة لتبيع الوهم ولترسم معالم الأحلام المعسولة التي تحول حياة فقير حقير إلى مليونير، ومريض إلى قوي عريض، ومستلب إلى مسترد، وحقير إلى شيء آخر، غير حياة هذا الطفل الذي فقد كل شيء سوى ابتسامة تكسر الجماد وتحرك مشاعر العباد. انعموا بسياراتكم الفارهة ومجالسكم الخادعة وأساليبكم المريضة الملتوية، وشعاراتكم العريضة وأرصدتكم المتراكمة، وأنسابكم الممتدة وأصهاركم الفاقعة اللون، تقدم لكم السند والعون، وبيوتكم المكيفة ومسابحكم الزرقاء بلون السماء لكنها ملبدة بالغيوم لنهبكم العموم، لتتركوا لدغات ظفركم المسموم ورشاويكم بأظرفة صفراء في مكان معلوم. اتركوا فتات خبز أسود نقاسمه مع الكلاب الضالة في الشوارع، كما ضللنا وغابت رؤانا ما عدنا نرى سوى صورا سوداوية ممزوجة بقتامة باردة ومستقبل بكوابيس مزعجة حزينة. يا صغيري ما دمت لا ترى سوى هاته الأشياء المريبة فامدد ما تبقى من رجليك واضحك ساخرا لما تحمل رسائلهم المشفرة الحقيرة.