يدعو الأستاّذ والفنان المحجوب نجماوي إلى ضرورة الاهتمام بالفنون خاصة الفن التشكيلي في المدرسة المغربية، لأهميته في تنمية العديد من القدرات، وبالنسبة للوحاته صرح أنها تستلهم جمال منطقة خنيفرة وخصوصياتها الثقافية الأمازيغية. نجماوي العاشق للريشة والألوان والمتيم بخنيفرة، يكشف لزوار موقع خنيفرة أنلاين في هذا الحوار عن بداياته الأولى وعن سبب مغادرته لسفينة وشمة، وأشياء أخرى: س : من يكون المحجوب نجماوي ؟ ج : المحجوب نجماوي ، من مواليد قرية أعزيزة ، من أصول صحراوية أمازيغية ركراكية، ترعرعت بمدينة خنيفرة حيث تابعت دراستي من الكتاب (أساكا) ثم المدرسة (الحي الحسني) ثم الإعدادي (الإعدادية الجديدة آنذاك ، الأمير مولاي عبد الله الآن ) ، لأنتقل إلى مدينة مكناس لمتابعة دراستي في شعبة الفنون التشكيلية ( مولاي اسماعيل ) ثم إلى المركز التربوي الجهوي السويسي بالرباط قبل أن أتخرج أستاذا لمادة التربية التشكيلية 1993. س: أنت من نواحي مدينة خنيفرة، كيف عانقت الفن التشكيلي لأول مرة ؟ ج : خنيفرة مدينة رومانسية بألوان طبيعتها المتنوعة ، توحي الى زائرها بالجمال وتشده إليها ساحرتا إياه ، فكيف للمولود فيها ألا يكبر مع هذا الجمال ويتحسسه ويعبر عنه بتلقائية وصدق، أو بالأحرى كيف للمولود بقلب جبال الأطلس ألا يكون فنانا، وقد عاين الطبيعة والنسيج والأعراس والحرث والحصاد ونقل المحاصيل ودرسها وتذريتها وأشغال المرأة الأمازيغية الجميلة بحنائها ووشمها وحيلها ولباسها و نضالها في صمت وانعكاس النور على خدودها، النور المنفلت من ثقوب الخيمة ونوافذ السكن الأمازيغي . كيف لمن خط صورا لكل هذا ولونها ولا يزال، ألا يعانق الفن التشكيلي منذ نعومة أظافره، إنها بكل بساطة خنيفرة الملهمة الساحرة المعشوقة التي استلهمتني ودفعت بي إلى عالم التشكيل من حيث لا أدري . س : أنت أستاذ للفنون التشكيلية ، هل المهنة هي التي أخذتك إلى التشكيل أم العكس؟ ج : أن تكون فنانا ليس اختيارا، بل هو فطرة وموهبة وإحساس ثم دراسة ، أما أن تكون أستاذا فهو اختيار وعزيمة وحظ وإيمان بالرسالة النبيلة للتعليم ...إن اخترت أن أكون أستاذا طواعية وسعيت لذلك ، فالفن التشكيلي اختارني . س : ما هي المعارض التي شاركت فيها فردية أو جماعية ؟ شاركت منذ سنة 1994 بعدة معارض أهمها: الفقيه بن صالح في ذكرى الشاعر المغربي عبد الله راجع 1994 و 1995 . - - بعين اللوح 1997 . *معرضين جماعيين بجامعة الأخوين إفران سنتي 2001 و 2007. * معرضين جماعيين بفندق فرح بالدار البيضاء سنتي 2002 و2003. * المشاركة في فعاليات مهرجان الفنون الشعبية بمراكش سنتي 2003 و 2004 . * المشاركة في معرض جماعي برواق باب منصور بمكناس سنة 2008 . * المشاركة في مهرجان تورثيت الدولي بإفران سنة 2010. * معرض جماعي بمدينة ميدلت سنة 2012. * المشاركة في المهرجان الجهوي الأول للأساتذة المبدعين بقاعة محمد المنوني بمكناس سنة2012. * معرض جماعي بدار الثقافة ببني ملال سنة 2015 . * إرسال أعمالي للمشاركة في عدة معارض باسبانيا وفرنسا سنتي 2011 و2013 . *ومنذ تأسيس جمعية وشمة للفن التشكيلي وأنا مواظب على المشاركة في كل أنشطتها الفنية المحلية الجهوية والوطنية إلى حدود تقديم الاستقالة في أبريل 2015 . س : شاركت في تأسيس وشمة كتجربة جمعوية تشكيلية بخنيفرة حققت الكثير، لماذا الانسحاب بعد بلوغ التجربة لمرحلة النضج؟ ج : بعد العمل مع جمعية الحياة الثقافية بالفقيه بن صالح وجمعية الأوراش الدولية فرع عين اللوح ، كان لي الشرف أن أكون من مؤسسي جمعية وشمة للفن التشكيلي بخنيفرة ورئيسها الأول ثم كاتبها لولايتين وأمين مالها قبل أن أعلن عن استقالتي بعد 15 سنة من العمل التشكيلي على الصعيد المحلي والجهوي والوطني ، حققنا الكثير وأنضجنا تجربتنا الفنية وساهمنا بشكل مهم في انتشار الثقافة البصرية والجمالية سواء محليا جهويا أو وطنيا ، لكن لكل بداية نهاية ولكل جواد كبوة . - اخترت في النهاية الانسحاب من الجمعية وهو خيار صعب، أن تستقيل يعني أنك وصلت إلى الباب المسدود، أو أن أفكارك تتعارض جملة وتفصيلا مع الأخر ، وأحيانا قد يكون السبب هو فشلك في أداء المهمة وتحقيق الأهداف ، أن تتخذ مثل هذا القرار صعب للغاية ، لكنني في النهاية اقتنعت بأنه القرار الصائب لأن تطلعاتي أصبحت اكبر بكثير مما نحن عليه الآن، كما أنني لا أريد أن أكون ظلا لأحد. س : يلاحظ من خلال لوحاتك نوع من الارتباط بما هو محلي أمازيغي .ما السر في ذلك؟ كما يقول الفيلسوف :شارل لالو- الفن انعكاس لمبدعه ووليد لحالته النفسية – أقول أن الفنان ابن بيئته ومرآة عصره، والفنان الصادق هو الذي يستلهم أفكاره وإبداعاته من محيطه الثقافي والبيئي والاجتماعي ،وكما أقول دائما )la révélation et l'inspiration me sont toujours venues de mon patrimoine amazighe( كما أن الثقافة الأمازيغية مليئة بصور الجمال لم تستغل بعد ، والمهمة ملقاة على عاتقنا نحن التشكيليون والشعراء والكتاب ، لتدوين وتصوير مظاهر الجمال التي تزخر بها هذه الثقافة الأصيلة والضاربة في القدم . ثم إن نظرنا إلى إبداعات الشعوب العالمية ، نجد أن لكل شعب ثقافته هو صانعها ومبتكرها ومقدما إياها لبقية الشعوب ، وعلكيم أنتم الإعلاميون تحمل مسؤولية تقديم ثقافتنا للغير. س : باعتباركم رجل تربية ما هي مكانة الفنون في البرامج الدراسية المغربية ؟ وما هي مقترحاتكم لإدماج المزيد من حصص الفنون فيها ؟ وما فائدة ذلك على المسار التكويني للتلاميذ؟ ج : قيمة الأمم والشعوب تقاس بمدى اهتمامها بالتعليم و الفنون ، والمغرب حاول ولا زال يحاول تفعيل مادة التربية الفنية بالابتدائي ، والتربية التشكيلية بالثانوي الإعدادي ، والفنون التطبيقية بالثانوي التأهيلي وكذا الفنون الجميلة بالتعليم العالي وفروع أخرى بمدارس عليا متخصصة ، إلا أن هذه المحاولات لا تزال فتية فتوة التجربة التشكيلية بالمغرب التي عرفت النور بدخول المستعمر الفرنسي إلى أرض الوطن. وكرجل تربية وفنان تشكيلي، ونظرا لما تمتاز به مادة التربية التشكيلية من إنماء للعقل والمعرفة والتعبير والإبداع والتواصل الإيجابي واحترام البيئة والاهتمام بكل مجالات الحياة . أقترح أن نولي أهمية كبرى لهذه المادة من خلال : -تعميم المادة بكل المؤسسات التربوية . - تفعيل الأندية التشكيلية بالمؤسسات التعليمية . - انفتاح المواد المقررة على مادة التربية التشكيلية لما لها من امتدادات تتقاسمها مع مواد التدريس الأخرى ، فالرسم كنشاط أساسي في مادة التربية التشكيلية ، يوظف بشكل مهم في الرياضيات والجغرافيا وعلوم الحياة والأرض والهندسة المعمارية والصناعية ، وكذلك الشأن بالنسبة للتعبير فإذا كان التلميذ يوظف الكلمات والجمل في اللغات ليعبر عن أفكاره ، فإن هذه الوسيلة تتحول إلى خطوط وأشكال وألوان ورموز في التشكيل . - كل هذا الاهتمام الذي سنوليه لمادة التربية التشكيلية لن يعود إلا بالفائدة على أبنائنا ، بل سيكسبهم الثقة بالنفس والاستقلالية في التفكير والتعبير وإعمال العقل واحترام البيئة والتعامل الايجابي مع ثقافتهم وموروثهم الثقافي وتفتحهم على ثقافات الغير. س : هل هناك تجارب في التشكيل أثرت على مسارك؟ في طفولتي مارست الرسم والتشكيل بشكل فطري عفوي و تلقائي ، بدأت أعبث بالأشكال والألوان واستمتع بجمالية ما أخططه و ألونه وأحتك بالطبيعة. لكن أثناء الدراسة بشعبة الفنون التشكيلية بدأت أتأثر بفلسفة الحركات الفنية حيث أعجبت في البداية بأفكار السورياليين و الانطباعيين ثم الواقعية التعبيرية والصوفية التجريدية. بعد الدراسة والتجربة والنضج صرت أبحث لنفسي عن أسلوب وفلسفة فنية خاصة تنسجم وذاتي . س: ماهي آفاق الفن التشكيلي في المغرب؟ ج : رغم أن المغرب أصبح في السنوات الأخيرة يولي أهمية خاصة للفنون التشكيلية ، بإنشاء أروقة للعروض ومتاحف عصرية ودعم من وزارة الثقافة للأنشطة الفنية ووضع برامج تربوية في الحقل الفني ، إلا أنه لا زال بعيدا عن التجارب الرائدة عالميا – فرنساايطالياالمانيا هولاندا إسبانيا...- وحتى عربيا – العراقسوريا مصر والإمارات – لأن المغرب لا يتوفر على أكاديمية للفنون التشكيلية ونقاد وإعلام متخصص في الميدان . س : ما رأيك في هذه الأسماء التشكيلية المغربية : الشعيبية طلال ، المحجوبي أحرضان ، فريد بلكاهية. ج : الشعيبية طلال : رائدة الفن الفطري بالمغرب وهي من الفنانين التشكيليين المغاربة الذين يمثلون الجيل الأول للممارسة التشكيلية بالمغرب إلى جانب محمد بن علي الرباطي ، فاطمة حسن ، محمد الودغيري وأخرين وهي بذلك رمز الفن العفوي التلقائي. المحجوبي أحرضان : السياسي والفنان والكاتب الذي يغرد خارج النص ( الزايغ ). فريد بلكاهية : من رواد الجيل الثاني الذين تتلمذوا على يد الفرنسيين وفي المعاهد الأوروبية وهو فنان حداثي بحث في التراث المغربي ووظف مادة الجلد والنحاس والحناء في تعابيره ، فنان مثقف سجل اسمه بمداد من ذهب في الحقل الفني وطنيا وعالميا . هل من كلمة أخيرة . تشكراتي الفنية للمنابر الإعلامية الجادة والصادقة وأخص بالذكر هنا – خنيفرة اونلاين- انطلاقا مما للإعلام من قوة إيصال المعلومة للجمهور على أوسع نطاق ، خاصة الصحافة الرقمية التي أصبحت تكتسي أهمية كبرى، مقدرا المجهود الكبير الذي يقوم به الإخوة في بوابة خنيفرة أونلاين ، للتعريف بالثقافة الامازيغية وأعلامها وتغطية الأحداث والتعريف بالمؤهلات الطبيعية للمنطقة. حاوره : محمد زروال