منذ الأمد البعيد تنعم منطقة "أصفاح ثكورث ن إيزم" في هدوء وسكينة، أهلها بسطاء يزاولون أنشطتهم الفلاحية والزراعية في تآزر وتآخي قل نظيرهما في هذا الزمن الانطوائي، غير أن خلال بداية الخريف الماضي شيء ما خلخل هذا السكون المألوف، ففي صبيحة ذات يوم من شهر ديسمبر 2014 تعرض منزل في طور التجهيز في ملكية أحد المواطنين من خارج المنطقة وهو من المهاجرين بأروبا لسرقة، كما تم السطو على مطعم المدرسة وسرقة معدات المطعم والأكل الذي كان مخصصا للتلاميذ... وأمام استغراب الأهالي وهم العارفون بسلوكيات أبنائهم وأخلاقهم لم يطالبوا بفتح تحقيق في هذه السرقات حرصا منهم على حرية أبنائهم، وعدم الزج بهم في متاهات البحث وهم في منأى عن أية شبهات... مرت سبعة أشهر، وبالضبط يوم السبت 28 مارس الماضي، شاءت الأقدار أن يعيد التاريخ نفسه ويعاد السيناريو كما في السابق، عاد السُّرّاق مجددا وكسروا الأبواب الخشبية للمدرسة وأفرغوا محتوى مكتبة التلاميذ، كما استولوا على معلبات ومعدات المطعم، وأمام مرور مهمتهم الخسيسة بنجاح، فتحوا باب ضيعة مجاورة بها مستودع لأحد أبناء المنطقة وهو مهاجر بفرنسا، واستطاعوا فتح باب المستودع دون تكسير قفلة مما يدل على امتلاكهم لمفتاح متطور، فأخذوا معدات فلاحية وميكانيكية، لخّصها صاحبها في: مولدين كهربائيين وثلاث مضخات ماء، وأدوات فلاحية وميكانيكية... ثم غادروا في أمان... ثلاثة أيام بعد ذلك، اعتقد اللصوص أنهم لم يثيروا زوبعة، وجاؤوا بنوايا أكثر جرأة، لكن هذه المرة كان أبناء المنطقة في مستوى التحدي، واستطاعوا ضبطهم وحاولوا إيهامهم أنهم مجرد عابري سبيل، كانوا ثلاثة أفراد ومعهم مصباح يدوي قوي الإنارة، ودراجة نارية كانوا يدفعونها يدويا حتى لا تثير الضوضاء وينكشف أمرهم ووقتها لمح أحد السكان ضوء المصباح اليدوي والتأموا للتحري فأسرع اللصوص واختفوا خلف المدرسة، ولما كان الأهالي يهمون بالعودة لديارهم، فجأة لمحوهم يخرجون من خلف صور المدرسة ليطاردوهم فأمسكوا بإثنين منهم فيما تمكن الثالث من الفرار، وفي محاولة للإفلات اعترفوا بالسرقات ووعدوا الأهالي برد المسروق الذي قالوا أنه في حوزة الهارب الثالث، وفي لحظة، طلب العنصر الأصغر الخروج لقضاء حاجته، وسمحوا له بذلك تحت الحراسة، ولما عاد تأكد أحد شبان المنطقة أنه تخلص فقط من شيء ما، فتعقب المكان ليجد أداة حادة "الميديا" (انظر الصورة) وهي أداة مسروقة من مستودع الضيعة المسروقة قبل ثلاثة أيام، لينطلق الاعتراف... وينطلق مسلسل آخر مع التحري الذي باشره الدرك الملكي إثر شكاية الأهالي... وعند اتصالنا بمقر الدرك بتيغزى أفاد قائد الدرك أن المتهمون اعترفوا بعد أن أنكروا في أول الأمر معتبرين أنهم كانوا بمحاذاة الطريق لعل صاحب وسيلة نقل يحملهم إلى عين اللوح، لكنهم لما وصلوا إلى مريرت، قالوا أن ثالثهم يتواجد بحي "تاحجاويت" وأنهم يعرفون أين يضع دراجته النارية، فرافقهم قائد الدرك حيث المكان ولم يجدوا شيئا، ثم بعدها اعترفوا أن لديهم دراجة نارية وقد أخفوها وسط الدفلة في أحد الوديان غير بعيد من مسرح السرقات... ثم اعترفوا بعدما أجلت عناصر الدرك الدراجة من الموقع، حيث وجدوا الدراجة وسط أحراش الدفلة، وخوذتين والأوراق القانونية للدراجة كاملة، وتم إحالتهما لاستئنافية مكناس رفقة الآلة الحادة "الميديا" المحتجزة وذلك يوم 4 أبريل 2015