حتى لا نقيد راحة ساكن أو إدارة أو تاجر بشجرة وطائر معشش عليها ومزعج أزبالا و روائح ، فكل يوم نأتي على الأغصان، وكل يوم شجرة، والطائر الأبيض في تكاثر و روائحه وإفرازاته في تزايد ولا أحد استطاع فك لغز بيئتنا. المشكل في رائحة الطيور الكريهة، والحل السهل القضاء على أغصان الأشجار بموعد أو بدون، فتنام الطيور على الرصيف أو تختار وجهة أخرى.أكيد الطيور تحتمي بأشجار وأغصان حتى تنمو وتخلف أخرى، لتعود وفي عودتها إزعاج وجبر ضرر إلى حد اقتلاع الشجر، ولا أحد سيقبل بفكرة المزبلة الإقليمية مرعى الطيور، وأشجار المدينة إسطبلها، والطبيعة تعاقب الإنسان على سوء التدبير، ويستمر الترخيص لتقليم الأشجار. في السنوات الماضية كنا شاهدين على أكبر عملية اجتثاث لشجرة الكالبتوس، ماضينا ومستقبلنا ودون أن نعرف السبب أو البديل أو العواقب المترتبة عن ذلك الاجتثاث ولا حتى حدود ملاءمة ذلك الاختيار؟. الثقافة تقضي على الطبيعة، ووحدها الطبيعة قادرة على خلق توازناتها الممكنة كإحدى خصوصيات المجال. أشجار اقتلعت ولم يبق لها أثر وأخرى عوضت بأشجار بلا طعم ولا رائحة ونباتات وأزهار لم تلائمها المنطقة تغرس وتصبح تبنا، وأشجار قُلمت بدون سبب أو بسبب الطيور المعروفة بطير البقر أو طائر القردان...مع الأسف تنمو الأشجار بعد قصها من جديد، وتعود طيور البقر البيضاء إلى أعشاشها وبأعداد مضاعفة فيتغير لون أشجار المدينة من الأخضر إلى الأبيض، ألوان الطيور ومخلفاتها وروائحها الكريهة، وأحيانا يسهل مسك تلك الطيور وجمعها مع النفايات بلا اكتراث ولا ثقافة بيئية. في الصيف نشتكي اكتساح حشرة الناموس، وبالشتاء والخريف والصيف نشعر بالطيور ومخلفاتها، وتختلط علينا التدابير الناجعة، ولا نرى بالملموس غير الترخيص لقطع أغصان الشجر أو اقتلاعها. أكيد نسمع أن الناموس المحلي يتم القضاء عليه بمبيدات خاصة قبيل فترة التبييض وجمعيات بيئية أخرى تنصح بحماية الطيور في نفس الفترة فكيف نضمن التوازنات؟ شعار البيئة سهل التقمص والتطبيل والتهليل بعيدا عن الواقع، وحتى لو كانت الشجاعة، فمن يملك سلطة البديل وطاقته، فالواقع تختلط فيه كل الاحتمالات، والوسط الإيكولوجي مزبلة إقليمية ومرعى للطيور وبيئة المدينة وما بقي فيها من أشجار - سنة الاجتثاث - هي أعشاش تأوي الطيور عند المساء بدفئها... مديرية الفلاحة أكدت سابقا أن الطائر المزعج يلعب دوره الإيكولوجي في الحقول، ويتواجد بأعداد هائلة بالمطرح الإقليمي (الذي لا مفر منه)، وحاليا قطع الأشجار وتقليم أغصانها وارد ولا يكلف غير ترخيص، لكن ما يؤرقنا في مدينة طبيعية هو ماذا أعددنا للأيام البيئة والجمعيات البيئية والثقافة البيئية عموما ؟ هل ننتظر حتى مناسبة الأيام البيئة ونملأ المجال أنشطة متناثرة هنا وهناك وعلى ضفاف الوادي وأهازيج بإحدى الساحات ونرقص على بيئتنا ونغض الطرف؟ البيئة أو المحيط البيولوجي أو الإيكولوجي والمحيط الإحيائي هي عبارات لها أناسها المختصين، والمدينة لابد لها من سياسة مختلفة وبعيدة عن المجالس والمكاتب الرسمية، هي في حاجة لسياسة بيئية تحدد السلسلة الغذائية للمجال الجغرافي، تعرف أضرار الطيور وعددها المسموح به ومرقدها و مرعاها. ومطرح النفايات وحدود صلاحيته، وإلا فاقتلاع الاشجار حسب الأهواء والحسابات يستدعي حذف حتى أبجديات الطبيعة "كالشجر يتنفس أوكسجين" من مقررات وزارة التربية، لأنه لا معنى له بالنسبة للآمر الناهي بالفأس والمنشار.