استطاعت جمعية تامونت للتنمية والثقافة ببلدة أغبالا ن أيت سخمان التابعة إداريا لإقليم بني ملال ، أن تصنع الحدث هذا الصيف وذلك بتنظيمها لمهرجان ثقافي من 7 إلى 10 غشت الجاري بإمكانيات متواضعة في عمق الأطلس الشامخ. أن تكون في أغبالا ن أيت سخمان تشعر بانتمائك الأمازيغي العميق، كل شيء يحيلك على هويتك، ملامح الأطفال في الأزقة ولغتهم الأمازيغية المنسابة، قيم" تينوبكا" التي ورثت عن الأجداد منذ آلاف السنين ، أسماء الجبال والوديان والمغارات والنباتات . ضيوف أغبالا طيلة أربعة أيام لم يكونوا عاديين، فقد حل بالبلدة مناضلون لهم وزن كبير في ساحة النضال الأمازيغي خاصة وأن المناسبة تتعلق تكريم ثلاثة رموز أمازيغية شكلت نجوما أنارت الطريق، بأفكارها وتضحياتها ورزانتها و كدها، لأجيال من الأمازيغ في المغرب وباقي بلدان تامزغا. فمن منا لا يعرف محمد شفيق أو محمد بودهان أو محمد منيب. ضيوف أغبالا منهم من تحمل مشاق السفر لما يزيد عن خمسمائة كلمتر متحديا مخاطر الطريق في هذه الشهر الذي تكثر فيه حوادث السير ببلادنا، من الشمال ومن الجنوب و من الوسط جاء المناضلون وكلهم أمل في غد أفضل لقضيتهم العادلة. إلى بلدة موحى أبحري المبدع الرائع الذي قدم الكثير لتمازيغت و زرع بذورا أنبتت أزهارا أمازيغية اشتغلت طيلة أيام دون كد ودون ملل ذكورا وإناثا وفاء لقيم تيموزغا الأصيلة واحتفالا بالذاكرة الأمازيغية و اعترافا بالجميل لجيل وضع الأمازيغية على سكة النضال العصري في تامزغا. لقد تحولت بلدة أغبالا إلى عاصمة أمازيغية التقت فيها أجيال مختلفة من المناضلين لبوا نداء المكان الذي أنجب شاعرة اسمها تاوكرات أوت عيسى التي كانت خير من يشجع ويحفز المقاومين بأشعارها الموزونة، للصمود أمام القوات الفرنسية التي جاءت بترسانة عسكرية قوية لمواجهة مواطنين بسطاء حركهم حبهم لأرضهم للصعود إلى قمم الجبال وعلى رأسها تازيزاوت خلال ثلاثينيات القرن الماضي . اختار المنظمون تأخير حفل التكريم إلى اليوم الأخير من المهرجان الثقافي لإعطاء الفرصة للمناضلين لاكتشاف جمالية المكان وصدق مشاعر سكان أغبالا تجاهم والسماح بفرص أكبر للتواصل بين أزهار النضال الأمازيغي و جيل الرواد المؤسسين للفكر الأمازيغي. وفي نفس الوقت نظمت جمعية تامونت للتنمية والثقافة أنشطة أخرى سمحت لشباب البلدة بالانفتاح على أفكار وتصورات أخرى للحركة الأمازيغية بالاعتماد على لغة الصورة وذلك بعرض أعمال سينمائية سهر على إخراجها إلى حيز الوجود مناضلون استوعبوا أهمية الصورة في خدمة القضية الأمازيغية ونذكر هنا عرض فيلم وثائفي " بوكافر 33 " للسيناريست والدكتور مصطفى القادري وإخراج حماد بايدو. بالإضافة إلى ندوات علمية من قبيل العرض الذي قدمه الأستاذين براهيم فوكيك و لحسن زروال حول مفهومي الأرض والهوية الأمازيغية . تكريم شفيق وبودهان ومنيب في أغبالا له أكثر من دلالة ، فالاختيار لم يكن اعتباطيا لكنه جاء لخدمة شعار الدورة " من أجل وعي أمازيغي مشترك " وسعي المنظمين لترسيخ ثقافة الوحدة وتجنب التحيز الجغرافي في صفوف الأمازيغ. لم يحضر الأستاذ شفيق إلى أغبالا لظروفه الصحية لكن أفكاره و تصوراته ورمزيته عوضت غيابه المادي و ساهم أصدقاؤه في شهاداتهم في الكشف عن الكثير منها خاصة ما يتعلق بإنتاجاته الفكرية الضخمة المؤسسة للفكر الأمازيغي وبعض خصاله في علاقته بالسلطة منذ أن كان صغيرا . الأستاذ محمد منيب شرف أغبالا بالحضور وإن لم يحضر حفل التكريم وفاء لحب العمل بعيدا عن الأضواء، هو الأخر نابت عنه أفكاره وتحدث عنه أصدقاؤه وتلامذته بإسهاب وأبرزوا دور العمل الجبار الذي قام به في هدم الكثير من التصورات المعادية للأمازيغية التي دافعت عنها " الحركة الوطنية" . أما الأستاذ محمد بودهان فقد صنع الحدث ببلدة أيت سخمان و عاش على إيقاع الحياة الأمازيغية في كل شيء طيلة أيام المهرجان، بودهان فضل أن يتكلم بالأمازيغية لحظة تكريمه من طرف جمعية تامونت للتنمية والثقافة، معبرا عن فرحه بتكريمه في بلدة أغبالا التي زراها من قبل ، واعتبر تكريمه بتلك الطريقة تكريما غير عادي لعفويته و صدقه. أجمعت شهادات المتدخلين أن الدور الذي قام به الأستاذ بودهان الذي استوعب مقولة المناضل محمد بن عبد الكريم الخطابي حول أهمية الهدوء لحظة الحرب لا يستهان به، فتجربة جريدة تاويزا التي قادها كان لها إسهام كبير في نشر الفكر الأمازيغي على نطاق واسع، أصدقاء بودهان أكدوا أنه ينتمي لجيل الرواد الذين أسسوا لمفاهيم مركزية في النضال الأمازيغي وكشفوا زيف أطروحات المعادين للأمازيغية. تكريم كان مسك ختامه توزيع هدايا تذكارية أبدعت فيها أنامل أحد الفنانين المحليين بحرف تيفيناغ و إلقاء قصائد شعرية أمازيغية من طرف المناضلين حا أدادس و علي خداوي وحميد عزيزي وداحماد.