تقع مدينة سيدي قاسم التي تأسست سنة 1699 في منطقة انتقالية بين جغرافيتين مختلفتين، فهي امتداد لهضبة سايس في اتجاه الشمال لكنها تشكل بداية سهل الغرب كذلك، كما أنها منفتحة على جبال الريف وهذه الخصوصية جعلتها تنفتح على مجالات فلاحية جميلة تمتد على مساحات شاسعة مع حضور متميز لشجرة الزيتون المتوسطية والليمون. ارتبط اسم المدينة بوليها الصالح سيدي قاسم بوعسرية الذي نال هذه اللقب الأخير لأنه كان يأكل بيده اليسرى. ومن خلال جولة بالمدينة يمكن للمرء أن يكتشف ارتباطها بالفلاحة ، ومن مظاهر هذا الارتباط الاستهلاك الكثير للحوم الحمراء. سمح الفن السابع لمدينة سيدي قاسم أو جون الصغيرة petit jeauمثلما كان يسميها الفرنسيون بالانفتاح على الثقافة الأمازيغية ، خاصة بالنسبة لساكنتها غير الناطقة بالأمازيغية من خلال عدة أنشطة ثقافية أقدم النادي السينمائي لسيدي قاسم على تنظيمها منذ سنوات. كانت البداية منذ سنة 2006 عندما اقترح النادي تخصيص نافدة على السينما أو الفيلم الأمازيغي، وذلك بعدما خرج للوجود أنذاك أول فيلم سينمائي مغربي ناطق بالأمازيغية، يتعلق الأمر بفيلم " تيليلا " للمخرج محمد مرنيش ، وفي دورة التاسعة، سنة 2008 حضر مخرج الفيلم ليتم تكريمه من طرف النادي السينمائي لسيدي قاسم، هذا الأخير من النوادي السينمائية التي انتبهت مبكرا لأهمية الفيلم الأمازيغي عامة و للدور الذي لعبه المخرج محمد مرنيش في ظهوره بالخصوص. في سنة 2009 استقبلت مدينة سيدي قاسم في إطار مهرجان السينما المغربية في دورته العاشرة المخرج محمد عبازي وتم عرض فيلمه الأمازيغي " إيطو تتريت " و تكريمه بحضور ممثلين شاركوا معه في الفيلم ومنهم الممثل والإعلامي نور الدين نجمي. بعد عدة دورات للمهرجان تم التفكير في تحويل تلك النافذة على المنتوج الفيلمي الأمازيغي إلى ملتقى مستقل قد يتطور مستقبلا ليصبح مهرجانا خاصا، وهكذا ففي متم سنة 2012 تم تنظيم الدورة الأولى من ملتقى السينما والإبداع الفني الأمازيغي وخلاله نظمت عدة أنشطة ثقافية وفنية أمازيغية حيث عرضت أفلام أمازيغية قصيرة في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ونظمت ورشات في تعلم تفيناغ وفي منهجية تدريس الأمازيغية، كما تم تكريم المخرج الأمازيغي أحمد بايدو الذي أخرج أنذاك فيلمي" بوكافر 33 " "وأغرابو "وبعض الأفلام القصيرة مثل "تمكتيت"بالإضافة إلى فقرات موسيقية من أداء فرقة حميد أزموري، دون أن ننسى معرض الكتاب والللوحات التشكيلية لمجموعة من الفنانين منهم عبد الله أعبي . وفي إطار الاعتراف بتنوع الثقافة المغربية وأهمية الحضور الأمازيغي احتضنت المدينة في مهرجانها السينمائي توقيع الكتاب السينمائي النقدي الأول الذي انفرد بدراسة إشكالات الفيلم الأمازيغي وهو من إصدار جمعية البحث والتبادل الثقافي وتأليف الناقد السينمائي عمر إدثنين ، و هو كتاب عبارة عن مجموعة من المقالات قاربت موضوع الفيلم الأمازيغي من جوانب مختلفة، وشاءت الصدف أن تكون مدينة سيدي قاسم المحطة التي أقدم فيها قراءة في الكتاب النقدي الثاني حول الفيلم الأمازيغي الذي اختار له الناقد السينمائي محمد بلوش عنوان " الفيلم الأمازيغي ، أسئلته ورهاناته " وذلك في إطار الدور ة الأولى من ملتقى السينما والإبداع الفني الأمازيغي والكتاب بدوره تناول عدة مواضيع كلها ذات صلة بتاريخ الفيلم الأمازيغي وتيماته ومشاكله، وهو من إصدار جمعية إسني ن وورغ سنة 2013. يوم السبت 28 دجنبر 2013 كان الجمهور الحاضر إلى قاعة دار الشباب على موعد مع توقيع كتاب ثالث حول الفيلم الأمازيغي من تأليفي ويحمل عنوان " إضاءات حول الفيلم الأمازيغي " وإصدار جمعية إسني ن وورغ ، قام بتقديمه الناقد سعيد شملال. بهذه الأنشطة تكون المدينة قد عبرت بشكل عملي أن الأمازيغية ثقافة وطنية وإرث مشترك لجميع المغاربة بما فيهم أولئك الذين لا يتحدثون الأمازيغية، وهذه التجربة فريدة من نوعها إذا ناذرا ما تحضر مثل هذه الأنشطة في مدينة هامشية أغلبية سكانها ناطقين بالدارجة المغربية وتنفتح ثقافيا على ما له علاقة بالثقافة الأمازيغية. كما أن هذا الانفتاح يربط المدينة بماضيها البعيد حين كانت تسمى ب" أكبار " الذي يعني باللغة الأمازيغية جمع من الناس وهذه التسمية لازالت حاضرة في الذاكرة الشعبية لسكان البوادي القريبة من سيدي قاسم ، وقد كان مكان تواجد المدينة مكان لتجمع عرفاء القبيلة للتداول في قضاياهم المختلفة . محمد زروال