في لحظة هاربة من هذا الزمن الرديء لا أعرف كيف وجدت نفسي هذه الليلة وسط كومة من الجرائد القديمة لعلني أعثر على ما يشفي غليلي فاستقرت عيناي على عدد قديم من جريدة "الحياة الجديدة" يحمل الرقم 118 صادر في 16 دجنبر 2010 فأثارني الحوار الذي أجرته هذه الأخيرة مع الأستاذ الفنان شفيق السحيمي صاحب رائعة "وجع التراب" .حز في نفسي مصير هذا العملاق الذي قال:" سأنظم مسيرة من البيضاء إلى الرباط مشيا على الأقدام لأقول لا لبصرنة التلفزيون المغربي...." . فتأملت في صمت كل ما صرح به هذا الفنان المحبوب المتشبث بمغربتيه حتى النخاع، و بقدر ما اقتنعت بكلامه بقدر ما تأثرت كثيرا لحالة الدراما المغربية التي وصلت إلى الحضيض، لم أقف عند محنة " شوك السدرة" بل تساءلت في نفسي لماذا هذا التجاهل من طرف المسؤولين لكل ماله علاقة بتاريخنا العتيد، نحن شعب له تاريخ مشرف، ما أحوجنا نحن جيل ما بعد الاستقلال إلى معرفة هذه الصفحات المشرقة، أليست الصورة أحسن وسيلة لكي نلقن الشباب الدروس و العبر من ماض مجيد، أليس التاريخ محفزا للأجيال في وقت تأتينا الضربات من الأصدقاء قبل الأعداء؟ ألسنا الأمة التي كانت تمتد من الأندلس شمالا إلى ما وراء نهر السينغال جنوبا؟ لماذا هذا الإجحاف في حق أعلامنا وشخصياتنا؟ هل معركة وادي المخازن, هل معركة الزلاقة, هل المسيرة الخضراء, ملحمة موحى وحمو الزياني وهلم جرا؟ لا تستحق أن تكون أعمال درامية عملاقة تشحذ الهمم وتقوي العزائم, عوض أفلام تركية ومكسيكية مدبلجة ركيكة فاقدة للمعنى, هل تعوزنا النصوص أم الإمكانيات المادية ؟ ألسنا الدولة التي تصرف الملايير على برامج تافهة سطحية تميع الذوق على شاكلة استوديو دوزيم وغيرها مما تسمى برامج الواقع وإن كان بينها وبين الواقع سنوات ضوئية عديدة ودوما أتساءل:لماذا نشجع التفاهات ونحارب الأعمال الجيدة؟ أليس لنا الحق في تلفزة مغربية تليق بتاريخنا وحضارتنا؟ لماذا الخوف من نور الكاميرا؟ لماذا نحن في علاقة ملتبسة مع ثراثنا؟ نطلب من المسؤولين الالتفات إلى هذا الموضوع فالوطنية ليست مجرد أعياد للذكرى ولا رايات ترفرف فوق المؤسسات ولا أناشيد يصدح بها التلاميذ في الساحات ,الوطنية تاريخ يجب أن يحترم ويلقن للأجيال القادمة بكل زواياه المعتمة والمضيئة لأن الأمة التي لا تهتم بتاريخها تموت فهل من آذان صاغية؟ لكن أعلم أن صمت القبور هو رد فعل مسؤولينا في وطننا العزيز.