إن المواطن العادي الذي يرتاد الأسواق لا يحتاج لدراية علمية في المجال ليعلم أن هناك كساد وأنه في المغرب يتوجب عليه استغلال مدخراته أو اللجوء للاقتراض لسد حاجياته. أما بعين المتتبع للتطورات الاقتصادية المتسارعة منذ سنة 2010 على الأقل فمن السهل الجزم أن ما يعيشه الاقتصاد المغربي اليوم ليس سوى نتاج لأخطاء الأمس القريب، وتبعات سياسات ما بعد الاستقلال، وعدم توفر الإرادة السياسية الحقيقية لمواجهة النفوذ الاقتصادي لبعض العائلات المدعومة بالرأسمال الأجنبي. ومؤشرات السكتة الاقتصادية أو الظرفية الاقتصادية الصعبة التي تخيم اليوم على المغرب سنعرضها حسب القطاعات المتضررة منها ،وبلغة الأرقام سنؤكد حقيقة الأزمة الاقتصادية بالمغرب من خلال تراجع المغرب في مجموعة من التصنيفات الدولية. ولعل أهم ما ميز الاقتصاد المغربي خلال السنوات الأخيرة ضعف التنافسية وتفاقم العجز الخارجي وضعف إحداث مناصب الشغل وتراجع توازنات الميزانية، كما يشكو المواطنون وبحدة من إشكالية الولوج للقطاعات الاجتماعية خاصة الصحة والتعليم.إن ضغط الإكراهات البنيوية هاته تؤثر على البنيات الاقتصادية ما يجعل المغرب يتراجع في جل التصنيفات الدولية إذ يمكن اعتبار سنة 2012 أسوء سنة للاقتصاد المغربي خلال العشر سنوات الأخيرة في انتظار ما ستؤول إليه الأمور هذه السنة. إن الطريقة التي تعالج بها الأزمة الاقتصادية في المغرب وطبيعة السياسات المتبعة والبرامج المعتمدة في إطار القوانين المالية لسنتي 2012 و2013 لا تظهر وفاء الحكومة بتعهداتها لأن الشعارات تكذبها التحديات بحجمها المهول ،المستقبل يلوح بحدوث السكتة الاقتصادية ومع دالك تستمر استراتيجية الاقتراض والزيادة في المحروقات وسن المساهمات التضامنية في وقت تراجع معه الطلب الخارجي في حين معدل نمو الاقتصاد الوطني بلغ 2,7% مقابل 5% سنة 2011. الأزمة الاقتصادية حقيقية بالمغرب من خلال القطاعات الاقتصادية المتضررة بالنسبة للتشغيل،". كل القطاعات سجلت فقدان مناصب شغل: "الفلاحة، الغابة والصيد"، 59.000 منصب مفقود؛ "الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية" 28.000 منصب مفقود؛ "البناء والأشغال العمومية"، 21.000 منصب شغل مفقود، مما أملى على المتضررين امتهان حرف بديلة في فروع النشاط الخاص ب "الخدمات الشخصية" والتجارة بالتقسيط وإصلاح الأدوات المنزلية و"الخدمات المنزلية" فظهرت مناصب الشغل في هدا المجال خلال 2012 ب 111.000 منصب شغل ، ويبقى الأمر اللافت للنظر هو أن 40% من الأسر تستنزف مدخراتها وتلجأ للاستدانة، وفقط 6,6% من الأسر تتمكن من الادخار فيما يتعايش الباقي مع مدخوله قطاعات أخرى متضررة وهي التجارة والبناء والأشغال العمومية وقطاع الكهرباء والماء حيث تراجعت قيمتها المضافة بالأسعار الثابتة ما بين سنة 2011 و 2013 . يتكرر التراجع خلال الفصل الأول من هذه السنة حيث انخفضت الأرقام الاستدلالية لإنتاج الصناعة التحويلية والمعادن والطاقة الكهربائية تباعا ب 0,7% و2% و4,4%. وهمت أكبر الانخفاضات قطاع الإسمنت ب20,8 %. السياحة سجلت انخفاض عدد الوافدين ما بين 2 و6% سنة 2012 . وتراجعت المداخيل السياحية بحوالي 58 مليار درهم بالنسبة للتجارة الخارجية العجز التجاري بلغ 25% من الناتج الداخلي الخام، ومعدل تغطية الصادرات للواردات تراجع الى 47,2%، أما احتياطي العملة فهو أقل من 4 أشهر من الاستيراد ودالك حسب إحصائيات مكتب الصرف المؤقتة لسنة 2012 الأموال والأبناك والسيولة وصل النقص في السيولة النقدية إلى مستويات قياسية بلغ في بعض الفترات الفصلية حوالي 66 مليار درهم ،أما البنوك فقد شددت الاختناق على طلبات الاستدانة كما حددت مبلغ السحب الأقصى المسموح به يوميا من الشبابيك الإلكترونية في 3000 درهم ،إن الإجراءات التي يقوم بها البنك المركزي من رفع للعرض النقدي وخفض للاحتياطي سيكون له تأثير لا محالة على التضخم كما يعرض حقوق المُودِعِين للخطر. وصل النقص في السيولة النقدية إلى مستويات قياسية بلغ في بعض الفترات الفصلية حوالي 66 مليار درهم، مع العلم أنه كان لا يصل في السنوات السابقة إلا في حدود 16 مليار درهم. يعزى هذا الأمر لمجموعة من الإكراهات نخص بالذكر منها: تأدية الأرباح على الأسهم لفائدة المساهمين الأجانب بالنسبة للشركات المتواجدة بالبورصة؛ تراجع نسبة احتياطي العملة الصعبة لأقل من 4 أشهر من الاستيراد؛ استمرار العجز في الميزان التجاري بسبب ارتفاع الواردات مرتين مقارنة مع الصادرات؛ ضعف عائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية الخارجية وتحويلات الجالية المغربية بالخارج؛ سحب العديد من رجال الأعمال لأموالهم من البنوك خوفا من عمليات الحجز على الحسابات البنكية التي قامت بها المديرية العامة للضرائب؛ تراجع معدل ادخار الأسر . إن الإجراءات التي يقوم بها البنك المركزي من رفع للعرض النقدي وخفض للاحتياطي سيكون له تأثير لا محالة على التضخم كما يعرض حقوق المُودِعِين للخطر تمثلت الإجراءات المتخذة من طرف بنك المغرب في مضاعفة تدخله (بالنسبة للقروض 7 أيام وطلب عروض بمعدل 3%) بثلاث مرات منذ بداية 2012 لإقراض الخزينة والأبناك، وكذا في تخفيض معدل الاحتياطي النقدي اللازم للأبناك إيداعه لدى البنك المركزي في شتنبر 2012 من 6% إلى 4% لتمكينها من بعض الأموال الإضافية المديونية في ارتفاع يمكن اعتبار مديونية الاقتصاد الوطني مفرطة حيث بلغ حجمها مقارنة بالناتج الداخلي الخام 97% سنة 2011، وهذه النسبة في ازدياد لأن وتيرة الاقتراض لم تتوقف في الوقت الذي تراجع فيه معدل نمو الاقتصاد .وأمام ارتفاع عجز الميزانية وحجم الدين الداخلي، التجأ المغرب إلى طلب خط ائتمان احتياطي من صندوق النقد الدولي قدره 6,2 مليار دولار مع ما يرافقه من شروط مجحفة. بلغ دين الخزينة لوحدها سنة 2012 ما يناهز 490,5 مليار درهم ما يناهز 60% من الناتج الداخلي الخام موزعة على النحو التالي: الدين الداخلي 374,9 والدين الخارجي 115,6 مليار درهم. تجدر الإشارة هنا أن الدين العمومي الخارجي المضمون من طرف الدولة لفائدة المؤسسات العمومية والقطاع البنكي والجماعات المحلية ناهز 95 مليار درهم متم شتنبر 2012. بالنسبة لمصادر التمويل هناك السوق الداخلي ينضاف إليه السوق المالية الدولية والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الدولي وصندوق النقد العربي والمقرضون الثنائيون (خاصة دول الاتحاد الأوربي والدول العربية). ويبقى الأمر اللافت للنظر هو أن 40% من الأسر تستنزف مدخراتها وتلجأ للاستدانة، وفقط 6,6% من الأسر تتمكن من الادخار فيما يتعايش الباقي مع مدخوله الفلاحة والتأمين :بخصوص القطاعات غير الفلاحية فنجد استقرار معدل نموها منذ ثلاث سنوات في ما يناهز4,5 %. هدا مع استثناء قطاعي التأمينات والفلاحة من الازمة :فالفلاحة عرفت موسم فلاحي فوق المتوسط بفعل التساقطات بعدما اضطر المغرب السنة الفارطة لإحداث صندوق استعجالي لدعم الفلاحة وكذا اللجوء للاحتياطي الاستراتيجي للقمح الذي لا يتعدى 4 أشهر واستيراد كميات إضافية من الحبوب في سوق عالمي متأزم . قطاع التأمينات حقق مبلغ الأقساط الصادرة ارتفاعا ب 8,9% ما بين 2012 و2011 ما بين تأمين العربات وحوادث الشغل وغيرها والتأمين على الحياة، أما الرسملة الصافية لمقاولات التأمين فناهزت 3,1 مليار درهم وبلغت الاحتياطات التقنية الإجمالية 107 مليار درهم. بلغة الأرقام الأزمة الاقتصادية هي حقيقة بالمغرب من خلال تراجع المغرب في مجموعة من التصنيفات الدولية سنة 2013 - مؤشر مدركات الفساد 88/176 دوليا و10/18 عربيا (سنة 2012)، والسبب راجع بالأساس للبيروقراطية الإدارية؛ - مؤشر التنمية البشرية 130/186 بلدا، بعيدا خلف الجزائر (93) وتونس مهد الربيع العربي (94) سلبي. ما يعني ضعف الاقتصاد وإشكالية سداد الدين السيادي. - Standards & Poor's نقطة BBB- - تصنيف - مؤشر مناخ الأعمال 97/183 بلدا، أي أقل ب4 مراتب عن 2012 بسبب صعوبة إجراءات الملكية وضعف حماية المستثمر والضغط الضريبي وعسر الاقتراض؛ - - المؤشر العالمي للتنافسية 70/144، ويعزى هذا التصنيف أساسا لإشكاليات الحكامة الاقتصادية وضعف المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية؛ - المؤشر العالمي للابتكار 88/141 (سنة 2012) بعيدا عن جل دول التعاون الخليجي؛ - مؤشر الحرية الاقتصادية 90/177 بلدا، أي أن المغرب من البلدان التي تشكو من ضعف الحرية الاقتصادية؛ - - معدل نمو الاقتصاد الوطني 2,7% مقابل 5% سنة 2011؛ - ما يقرب من مليون مشتغل في حالة شغل ناقص، ومثلهم عاطلون 16,4% منهم حاصلون على شواهد؛ - ازدياد نفقات الاستهلاك النهائي للأسر بالحجم فقط ب 3,6% عوض 7,4% سنة 2011؛ - تراجع معدل الادخار الوطني من 26,6% سنة 2011 إلى 24,3% سنة 2012 بسبب لجوء الفاعلين لمدخراتهم؛ - عجز الميزانية في حدود 5% باللجوء للاستدانة والهبات (65 مليار درهم سنة 2012)؛ - انخفاض الطلب العالمي الموجه للمغرب إلى 1% من الناتج الداخلي الخام؛ - - انخفاض تحويلات المغاربة القاطنين بالخارج ب 3,8% خلال سنة 2012 حيث بلغت 3,56 مليار درهم مقابل 58,6 مليار درهم سنة 2011 ؛ - تفاقم حاجيات تمويل الاقتصاد الوطني إلى 10% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 8% سنة 2011؛ إذن يمكن اعتبار سنة 2012 أسوء سنة للاقتصاد المغربي خلال العشر سنوات الأخيرة في انتظار ما ستؤول إليه الأمور هذه السنة. وتؤكد المعطيات الرسمية الصادرة مثلا عن المندوبية السامية للتخطيط بعد ضبط الحسابات الوطنية المؤقتة لسنة 2012 هذا المنحى التراجعي لجل المؤشرات الماكرواقتصادية مع استثناء معدلي البطالة والتضخم اللذين يتم التصريح بتحسن طفيف للأول (9% مقابل 8,9% سنة 2011) واستقرار الثاني تقريبا في 2%!. كل ذلك يعزى في رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي بخصوص الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، دجنبر 2012، للانتظارية وانعدام الثقة. تنبيه هذا الواقع الاقتصادي المفصل والمذيل بلغة الأرقام والقطاعات المتضررة اعتمد كمرجع له الحوار الاقتصادي مع الدكتور هشام عطوش، مسؤول "مكتب الدراسات الاقتصادية والمالية" الحوار الدي تناقلته بعض المحطات الإخبارية والمواقع الالكترونية (موضوع المعضلات الاقتصادية البنيوية للمغرب).