تتعدد الطبائع، وتختلف الشخصيات والأفعال البشرية، باختلاف القرائح والأفكار التي يؤثر فيها بشكل كبير المحيط، لكن هذا لا يمنع الإنسان من التأسيس لأفعاله بشكل إيجابي، ويقارب المجريات بطريقة عقلانية. مواقع الجمال في شخص البشر تتعدد، لكن هذا لا ينفي توفر قسط وفير من الناس بألسنهم خلل وبالضبط فيما يتشدقون به، لكن ما يحز في النفس هو أن أفرادا ينتمون للميدان الثقافي يعلنون حيادهم عنه حينما يتعلق الأمر بما هو مجتمعي في الإطار العلائقي، وهذا ما يدق ناقوس الخط وينذر بمستقبل فيه من الضبابية الحالكة ما يبعث بالشؤم، ها هنا سؤال محمل بثقل الواقع المرير يطرح نفسه: ما هو الحل ؟ الحل في الثقافة بطبيعة الحال، لكن هذه الإجابة نظريا تظهر سهلة لكن الأصعب المعقد هو تطبيقها، وهذا ما يقودنا مباشرة إلى استحضار التناقض الحاضر في نفسية الكثيرين، أو ما يسمى في مسودة السيسيولوجيا "بالسكيزوفريني" أي انفصام الشخصية، وهذا هو الزلزال الذي يهدد الاستقرار النفسي للمثقفين، بل تجاوز ذلك إلى زلزلة النفسيات، إضافة إلى ذلك نجد أن الفكر "السكولاستيكي" هو الذي غدا سائدا كما هو مقرر في المشروع الفكري لمحمد آركون والذي عنوانه"نقد العقل الديني". فالعقلية "السكولاستيكية" حسب آركون: هي عقلية مقلدة لا تبحث عن التجديد توثر الجهل وإصدار أحكام جائرة، وتفاديا لخوض غمار هذا الحديث الذي ليس من موضوع المقال في الشيء الكثير، سأنتقل إلى سرد حلول أعتبرها حسب وجهة نظري المتواضعة جدا والمطعمة بآراء كبار رجالات الفكر بلسما شافيا للجراح التي لا يستشعر ألمها إلا من به غيرة على الثقافة والمثقفين. فبالدرجة الأولى لا بد من العودة إلى كنف الثقافة واستشراب فحواها الذي يتضمن من الأخلاق، والتوجيهات، والأسس العقلانية ما هو رهين بوضع حد تدريجي للعقلية "السكولاستيكية"، بالإضافة إلى وجوب تصور المجرى قبل نقده، ودراسته كما جرى ثم وضع الحلول الممكنة، وغير الممكنة مع تبني صفة الحياد حتى لا تضيع عملية المقاربة، وها هنا سنكون فعلا أمام رد فعل حقيقي لميدان غاية في الحساسية كالثقافة، ثم بذلك يتأتى التصالح مع الذوات التي قبرت في مغاوير مظلمة، وفي هذا الإطار لا بد من إيراد مقولة لأستاذنا حميد اتباتو يقول فيها:"سيجد السياسي ما سيبرر به حياده، لكن أن يسعى المنتسب للثقافة أن يعلن حياده فهذه مسألة أكثر عبثية". ومن نافلة القول أن أشير إلى بعض "السكولاستيكيين" بعواطفهم عشق ممنوع لتمثيل أفلام هوليودية في الحالات العادية، لكن حينما سيقفون أمام الأمر الواقع، ستغيب الكامرا والمخرج، وصوت السواطير هو وحده من سيعلوا. آنئذ، سيقتنعون بأن استراتيجية التفكير الإيجابي التي قال بها الدكتور ابراهيم الفقي تغلبت على (فاندام ، وشاروخان...)، وأضيف أن ما هو علائقي مرتبط بالقناعات لا بخطابات "فاندام، وكريستيانو رونالدو"،الحديث صراحة ذو شجون لأن سلوكات كهذه تبعث بعدم تفاؤل هؤلاء. في الختام أخلص إلى أن فقر الدم الثقافي الذي ينخر كيان الكثيرين يجب علاجه في القريب العاجل حتى لا يتم الإنتقال من "فاندام"، إلى "عمر بن الخطاب" أو...، وسأختم هذا المقال ببيت شعري يقول:إن لم نروقكم فارجمونا وأعطونا البديل. أحمد الدياني