تمهيد : تدعو الحكاية إلى الإنصاف و اجتناب المعاملة السيئة للأطفال و تنفتح على حقوق الطفل خاصة الحق في عناية الوالدين و تعهدهم ، و من جهة أخرى و على صعيد المتخيل تشير هذه الحكاية إلى أول آلة للتحكم عن بعد يستعملها القط الحاكم في إعداد أكله . الحكاية كان حتى كان ، فيما مضى من الزمان ، حتى كان الحبق و السوسان في حجر النبي العدنان عليه الصلاة و السلام .. يحكى أن رجلا توفت زوجته و تركت له ولدا وبنتا و بعد سنوات تزوج امرأة ساءت معاملتها للولد و البنت، و في يوم من الأيام قالت له زوجته: إذا لم تطرد أبناءك من البيت ذهبت لحالي. فذهب بهما إلى الغابة وتركهما يتيهان فيها ،و كانا قد حملا معهما جرابا من الطحين ليضعوا علامات في طريق عودتهما ، وفعلا تركا وراءهما خيطا من الطحين حتى يساعدهما للعثور على الطريق التي جاءا منها .. وقال لهما أبوهما: اقعدا هنا و العبا هنا حتى أقطع نبات السدر. فقعدا يلعبان حتى حل الظلام ،و انتظرا عودة أبيهما حتى حل الليل، و هما يقولان: الآن يعود أبونا، الآن يعود أبونا. و انتظرا طويلا دون أن يرجع أبوهما فتبعا خط الطحين حتى وصلا إلى البيت. و كان الأب صيادا، و كان في كل ليلة يتعشى بما صاده، و في تلك الليلة افتقد أبناءه فجلس يقول وهو يتناول العشاء: هذا حقك يا فاطمة يا بنتي ،هذا حقك يا سي محمد يا ولدي. فصرخا به من النافذة : ها نحن يا أبي. فامتلأت الزوجة الشريرة غضبا، و ضربته بمغرف كان في يدها، و قالت له: قلت لي أنك جعلتهما يتيهان في الغابة ؟. قال لها باستعطاف: اسمحي لي فقط بهما هذه الليلة، و في الصباح أطردهما. في الصباح الباكر، أيقظهما من النوم و قال لهما: هيا بنا لنقلع السدر من الغابة . و أوصلهما إلى مكان بعيد، و قال لهما: اقعدا هنا و العبا حتى أقلع السدر و أرجع عندكما . في ذلك اليوم أخذت البنت جرابا من التمر و كانت ترمي التمر لتسم الطريق ، لكن أخاها كان يلقطه من ورائها و يأكله ، وعندما غربت الشمس حل الليل و أرادا العودة إلى البيت ، لم تجد التمر، فتاها عن الطريق . ثم رأيا ضوءا يظهر وسط الغابة ، فقالت لأخيها: انظر إن هذا هو ضوء بيتنا يظهر من هنا. فلما اقتربا من الضوء و جدا أن البيت ليس بيتهما، وإنما هو بيت القط الحاكم الذي كان على باب قصره ، يعد ثروته،ويقول: ادخل أيها البقر. ادخل أيها الغنم. ادخلي أيها الجمال . ادخلي أيتها الخيل . ادخل أيها المال . فلما دخل الجميع تسلل الطفلان ودخلا إلى بيت القط، و في الأخير دخل القط بعد أن عد ثروته كلها، و أمر الأبواب أن تقفل فأغلقت ، فقال مخاطيا نفسه : ماذا أذبح يا رأسي ؟ أذبح الكبش السمين ؟ لا لا يا رأسي. أذبح الكبش الأسود؟ لا لا يا رأسي. أذبح الكبش الأضرع ؟ ذاك ذك يا رأسي. فأمر الكبش قائلا : انذبح أيها الكبش. فذبح الكبش. تقطع أيها الكبش . فقطع الكبش. ثم أمر النار : اشتعلي أيتها النار. فاشتعلت النار. ثم أمر القدر : انتصبي أيتها القدر. فانتصبت القدر. أعد أيها الكسكس. فأعد الكسكس . انقفل أيها القدر . فانقفل القدر. انضج أيها المرق . فنضج المرق . استقي أيها الكسكس . فاستقى الكسكس . تقدم أيها الطعام . فتقدم الطعام . فأكل حتى شبع و أرجع ما تبقى منه إلى القدر،و ذهب لينام،و قال مخاطبا نفسه : أين أنام يا رأسي؟ أنام في الحرير و أتغطى بالحرير؟ لا لا يا رأسي. أتغطى بالملف و ألبس الملف؟ لا لا يا رأسي . أتغطى بالرماد و أنام في الرماد؟ نعم نعم يا رأسي. فذهب قرب الموقد و اختار النوم وسط الرماد، و سرعان ما بدأ يشخر شخيرا متواصلا.. و عندما نام الجميع خرجت و أخاها إلى القدر، فأكلا حتى شبعا و أرجعا العظام إلى القدر، و مسحا المرق الذي علق بأيديهما في ذيل القط، و ذهبا للنوم. في الصباح نهض القط و قال للقدر: انفلت أيها اللحم. فلم يجد إلا العظام. فذهب عند الناقة، و قال لها: أنت التي أكلت اللحم يا خالتي الناقة؟ أجابته الناقة: لا لا يا خالي القط. وذهب عند البقرة، قال لها: أنت التي أكلت اللحم يا خالتي البقرة؟ قالت له: لا لا يا خالي القط. سألهم كلهم فلم يجد من أكل اللحم، فالتفت إلى ذيله وشمه فوجد فيه رائحة المرق، و قال له: أنت الذي أكلته يا ولد الحرام؟ فقال: تعالي يا حزمة الحطب. فجاءت. اشتعلي أيتها النار. فاشتعلت النار، فقال لذيله: ادخل إلى النار. قال الذيل: لا، لن أدخل. فنهضت الأخت تجري من وراءه، و أمسكت به بكلتي يديها و دفعته إلى النار فاحترق و مات. فبقي لهما المال جميعه و عاشا في سعادة ورغد عيش . سيلي يا حكايتي من واد إلى واد و أنا أبقى مع الناس الأجواد المصدر : الدكتور محمد فخرالدين كتاب موسوعة الحكاية الشعبية الحكاية 51 الرسم للكاتب انتظروا غدا حكاية تقوي الذاكرة خاصة عند الطفل