تتباين مواقف المهتمين والباحثين في توصيف طبيعة ما يجري بالبلدان العربية، بين من يضعها في خانة "الانتفاضة الشعبية" أو "الثورة الشعبية" أو " الهبة الشعبية"....إلى غير ذلك من التصنيفات التي تتباين بتباين المشارب السياسية والإيديولوجية لهؤلاء الباحثين أو الدارسين. لكن ما قد لا يختلف عليه هؤلاء أو غيرهم من المتتبعين، فهو أن رياح التغيير قد هبت على المنطقة العربية من الخليج إلى المحيط وأخذت هذه الهبة شكل موجة اتسونامي ستأتي في طريقها على كل الأنظمة الشمولية والعسكرية العربية المدججة بنظام الحزب الواحد والتي تجثم على صدور شعوبها منذ عشرات السنين. موجة ستحمل معها رياح الديمقراطية، إلى تلك الشعوب التي اكتوت بنار الخنق والتضييق على الحريات، في وقت ينعم فيه هؤلاء الحكام ببحبوحة العيش، هم وحاشيتهم الضيقة، وما الأرقام الضخمة التي تم الكشف عنها بخزائن وحسابات الحكام الذين أسقطوا من على كراسي الحكم/ مبارك ومن قبله بن اعلي إلا النموذج البين الذي يكشف بما لا يدع مجالا للشك، أن هؤلاء الحكام لم يكونوا ينظرون إلى شعوبهم إلا كبقرة حلوب، يعملون على استغلالها أبشع استغلال ولم يكن يهمهم أن تنعم تلك الشعوب بأدنى هامش للحرية أو الرفاه حتى ولو كانت خزائنهم ملأى بما لا يعد أو يحصى من العملات على اختلاف مصادرها. الأكيد أن الشعوب العربية لم يعد لديها ما تخسره من هذه الانتفاضات التي انخرطت فيها، إلا قيودها التي كبلها بها، حكام صعدوا إلى سدة الحكم على ظهر دبابات، كما هو الشأن بالنسبة لأنظمة كسوريا وتونس ومصر وليبيا واليمن والسودان..إلخ. أما "بعبع" الفوضى وسيطرة "الإرهابيين" و"الانقسامات القبلية" التي ترددت في أكثر من مناسبة في خطب الرؤساء الغير مأسوف على رحيلهم، لاستجداء تدخل الأنظمة الغربية لحمايتهم، فقد انكشفت مقاصدها المبيتة ولم تنطل على أحد منهم لأنهم يؤمنون بمنطوق المثل الغربي القائل:" ليست هناك صداقات دائمة بل مصالح دائمة" وبما أن مصالحهم بالبلدان العربية أصبحت مهددة بفعل اتساع دائرة الفساد بها، فقد أن الأوان للتخلص من أنظمة لم يعد بجغرافية الوطن العربي متسع لاحتوائها.