يبدو أن الهالة الإعلامية التي أرادت القيادة القطرية أن تمنحها لموضوع "كشف مستور المفاوضات الفلسطينية/الإسرائيلية" من خلال نشرها لوثائق اعتبرتها "سرية" و"حصرية" تدين القيادة الفلسطينية وبشكل خاص فريق المفاوضين، لم تأت أكلها ، حيث ظهرت معطيات جعلت من "انفراد" الجزيرة بنشرها لتلك الوثائق، حدثا غير ذي قيمة إعلامية تذكر، إذا ما قورنت بأحداث تزامنت ونشر الوثائق وشغلت إلى حد كبير الرأي العام العربي والعالمي وخاصة تلك المتعلقة بتواصل الاحتجاجات بالمدن التونسية المطالبة بإقالة الحكومة المؤقتة والتي زادتها بريقا انطلاق الاحتجاجات الشعبية بالمدن المصرية المنادية بدورها برحيل حسني مبارك. المستفيد الوحيد من إضعاف المفاوض الفلسطيني، دون إغفال المؤاخذات المسجلة في حق الطرف الفلسطيني أثناء جميع الجولات التفاوضية، هو الجانب الإسرائيلي الذي اعتذر عن التعليق على نشر تلك الوثائق التي طفت على السطح دون مقدمات وفي وقت يتمسك فيه الرئيس الفلسطيني أبو مازن بضرورة إيقاف عملية بناء المستوطنات قبل استئناف التفاوض بين الجانبين. لقد كان واضحا منذ قرار اللجنة المركزية لحركة فتح بتعليق عضوية محمد دحلان، المسؤول الأمني سابقا والتحقيق معه، أن خروج هذا الأخير من دائرة الضوء لن تمر بردا وسلاما على السلطة الفلسطينية، إذا ما أخذنا علما بأنه كان عضوا في فريق التفاوض الفلسطيني في مرحلة ما بعد توقيع اتفاق أوسلو بدءا من مفاوضات القاهرة عام 1994 ومرورا بمفاوضات طابا والمفاوضات على إطلاق سراح الأسرى و"واي ريفر" وكامب ديفيد الثانية... وهو الأمر الذي دفع بالعديد من المتتبعين للشأن الداخلي الفلسطيني إلى ترجيح فرضية وقوف دحلان وراء هذا التسريب. هذه النازلة الجديدة تكشف بما لا يدع مجالا للشك أن القيادة القطرية، المالكة لقناة الجزيرة والمتورطة حتى النخاع في علاقات معلومة مع الكيان الصهيوني والمحتضنة لواحدة من كبريات القواعد العسكرية الأمريكية بالشرق الأوسط، ،لا تأبه بأي حال من الأحوال بالجانب المهني في أداء قناة الجزيرة بل ما يشغلها هو تصريف الأجندة الأمريكية بالمنطقة.