معمر القذافي، مصري ضخم الجثة. سماه ابوه تيمنا بالأبله الذي نعرفه، لكن الفرق بين الاثنين شاسع. معمر الذي اعرفه يشتغل في مصنع لفرز النفايات المنزلية. الرائحة في مكان العمل آخر ما يشغل باله. '' مافيش بلجكا معانا،المغاربة مايقدروش ع الشغل ده، فيه ريحة يا عبدو'' يجيبني حينما أساله عن عمله. معمر هذا رضي بقدره، ما يهمه هو الأجرة الشهرية التي تكفيه بالكاد. معمر هذا لا ينتفض، إلا إذا لم امنحه مقابلا زهيدا لخدمة اسداها لي. معمر ليس لديه كبرياء، أحيانا انظر إليه واتسائل: إذا شاءت الظروف ووجدت نفسي معه في خندق ممانع. ايقظني من لحظة التفكير تلك ''اجيلك بكرا يا عبدو، عندك حاجة عاوز ترميها'' نعم، اجبته. عندي كارتون ونفايات اخرى كبيرة الحجم اريد التخلص منها ''طيب، اجيلك بكرا ساعة اربعة، نروح سوه ل كونتاينر بارك ok معمر - اديني خبز baguette يا عبدو - تفضل يا معمر -كم يا عبدو - معليش يا معمر، على حسابي - طيب يا عبدو، بكرا ساعة أربعة اعرف أن معمر لن يحضر إذا أخذت منه ثمن الخبز، لكن ما لا افهمه أن معمر لم يضبط بعد قيمة ما يسديه لي. انا مستعد لدفع ثمن اكبر مقابل ما يقوم به. كما أنني لن أعارض بتاتا إذا طلب أكثر. بإمكاني أن أسمو وأتعاطف معه وأقول انه يستحق أكثر. هي مسالة كبرياء، لن انزع يافطة ''للبيع'' العالقة في صدره، الكرامة والكبرياء لا يحتاجان لدروس تقوية، تكون او لاتكون. ما احترم في ''معمر'' التزامه بالمواعيد. الساعة الرابعة من اليوم الموالي - مساء الخير عبدو، شوفت انا جيتلك بالضبط ساعة أربعة - شكرا معمر - روح جيب العربية نشحن الزبالة، ده فيه يامه، مش ''مزيان'' للمحل يا عبدو - معاك حق معمر أحضرت السيارة وجلست خلف الكمبيوتر، تذكرت قولة لتشيكوف في إحدى قصصه ''ما أسهل أن تكون ديكتاتورا''. بعد ما يقرب ساعة سمعت معمر يصرخ داخل الغرفة المخصصة للنفايات في اخر المحل - ده فيه فيران يا عبدو - اقتلها يا معمر قلتها ببساطة، كأنه أمر عادي، فقط لاتجاوز فوبيا الفئران التي أعاني منها. - لماذا لا يطلب أكثر، تساءلت في تلك الغرفة اسمع فقط دوي ارجل''معمر''، انه يصفي. - ايه ده يا عبدو، فيران يامه، مش ''مزيان'' للمحل يا عبدو - معاك حق معمر - طب ياله بينا، انا جاهز العربية ماليانة - ok معمر شد انتباه معمر ان احد العاملين في مطرح النفايات الكبيرة الحجم ، استحوذ على دراجة كانت احدى السيدات تنوي رميها. - شوف ابن الوسخة خادها، باسكليتة ''مزيانة'' كنت خذتها لابني - معليش ''معمر'' أجبته - ابن وسخة - المهم، معمر ما ترميش البلاستيك معا الكارتون، ممنوع. كل حاجة ف مكانها OK - ok ما تحملش هم بدا معمر في إفراغ السيارة، بينما أنا جالس انتظر.فجأة سمعت صراخا، انه الشخص صاحب الدراجة يوبخ ''معمر'' بطريقة أثارت انتباه الجميع - أرى انك تلقي البلاستيك هنا، هذا ممنوع، هل تفهم استفزتني الطريقة التي عامل بها ''معمر'' لكن تعمدت أن لا أواجهه، أنا احتاجه أحيانا.مقابل رشوة بسيطة يسمح لي برمي أزبال أكثر. معمر لم يقل شيئا أيضا. انتهى 'معمر'من إفراغ السيارة، فتح الباب، امتطى بجانبي وجبينه يتصبب عرقا. نظرت إليه وقلت - ولد الحرام، كلب - ده ابن وسخة، مش من حقو يأخذ البسكليتا.