كيف إكتشف أسلوب " الحريق " ككلمة سر التغيير في الشارع العربي ؟ وكيف صارالحديث في الشارع العربي سوى عن " الحريق .. الحريق " من أجل التغيير ؟ فبعدما أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه، إحتجاجا على الإهانة والقهر، وقلب بعدها النظام السياسي في تونس، الجزائر تعيش على نفس الإيقاع ، فقد شهدت إقدام عدد من الأفراد على القيام بخطوات مشابهة، لتنتقل العدوى إلى مصر حيث أقدم شاب أخر على إضرام النار في نفسه أمام البرلمان. هي ظاهرة جديدة إذن، انتهجها المواطنون العرب، من أجل ايصال معاناتهم للجهات العليا،بعد ضاقت بهم السبل من أجل العيش الكريم . . إنها ظاهرة ويستوجب منا نحن في هذه المجتمعات العربية أن نقف عندها من أجل الوصول إلى معنى حقيقي وصادق لأسباب طغيان هذه الظاهرة على الشارع العربي، وأيضا الوقوف عند أسئلة مباشرة للأسباب النفسية التي تجعل من إنسان ، مواطن ( عربي) إضرام النار في نفسه. هذه الظاهرة يجب أن تتناول مأخذ جد من طرف السلطات العربية، لإعادة النظر في المشاكل الإجتماعية التي يعيشها الإنسان والمواطن العربي.. فالقدوم على إضرام النار في الجسد هي عملية لا يقدم عليها إلا فاقد الأمل والتي وصل سيله الزبى، والإحساس بالإهانة والاحتقار والضياع في مجتمعات عربية تعيش على أنفاسها المراقبة من طرف الأجهزة الأمنية. المغرب ليس منأى عن هذا الإحتجاجات، وقد كان من قبل الإقدام على هذه الظاهرة من خلال المحتجين أمام البرلمان المغربي، حينما أقدم العديد من الدكاترة والمجازين المعطلين على صب البنزين على أجسادهم ، وكان ممكنا إضرام النار فيها، احتجاجا على عدم تلبية مطلبهم في الشغل. المغرب ليس له حل لتفادي ظاهرة إضرام النار في الأجساد، سوى الوقوف بجدية على تناول الفساد الإداري بجدية حقيقية، ليس سوى الفساد الإداري من يحلق" حريقا" فوق هذه الأرض.. ويجب إعادة إحياء قضايا الفساد الإداري من جديد ومحاسبة كل من تورط في ذلك. لا يعقل أن يضبط العديد ممن تولوا المسؤولية في إدارات ومؤسسات حكومية وجماعات محلية ، واختلسوا ما اختلسوا من أموال البلاد والعباد، وأصدر المجلس الأعلى للحسابات تقارير ضدهم ،وأصدر القضاء في حقهم أحكاما بالسجن، غير ان ذلك لم يفعل ولم تطبق أحكما أصدرت بإسم جلالة الملك ضدهم، ونجدهم يجولون ويصلون في سيارات فارهة أقتنيت من المال العام. فلابد من تطبيق المساطر القانونية في حق من تبث تورطه في الفساد الإداري وسرق المال العام، ويجب أن نتجاوز النظرة الضيقة لبعض أحزابنا التي أتت لتغطي عن هؤلاء المفسدين والفاسدين، من أجل حسابات سياسية حزبية ضيقة، قد تؤدي بالبلاد إلى الهاوية ، وحينها لا تنفع لا سياسة ولا هم يحزنون. فالمواطن العادي لا يقبل أن يرى الفساد الإداري يمشي بجانبه في الشارع العام، وحين يجلس في مقهى يقرأ خبر تورطه في الفساد وصدور احكاما ضده ، غير أنه يلقاه بجانبه يرشف القهوة و يوقع على وثائق مصيرية تخص البلاد والعباد. فيصاب المواطن بانفصام شخصي، وحين ذلك لن يجد سوى إضرام النار في نفسه .. فالإحتجاج "حرقا" قابل للاشتعال إذا ما ظل الفساد الإداري يمشي في الشارع العام.