تألق المعلم مصطفى باقبو من أكبر معلمي فن كناوة في المغرب وأحد القلائل الذين يعزفون بمهارة استثنائية على آلة الكنبري، في حفل اختتام فعاليات الدورة 16 من مهرجان كناوة موسيقى العالم، بعد نجاحه في تقديم سهرة فنية رائعة رفقة الفنان الأمريكي ويل كالون، أحد أبرز العازفين على الطبل في العالم. واستمتع جمهور الصويرة في الليلة الختامية من مهرجان كناوة، التي احتضنتها منصة مولاي الحسن مساء أول أمس الأحد، بحفل فني مشترك بين المعلم مصطفى باقبو والموسيقار الأمريكي كالون، في مزج متناغم بين موسيقى كناوية مراكشية الأصول، وكلمات الموسيقار الأمريكي المفعمة بالشباب والحركية. ورقص الآلاف من عشاق موسيقى كناوة القادمة من العمق الإفريقي، خلال حفل الاختتام على موسيقى النجم الامريكي كالون والمعلم بقبو ذات الاصول المراكشية، التي تشكل صلة وصل بين الشمال والجنوب، عبر المزج بين ما هو مغربي وما هو غربي، من خلال موسيقى مقطوعات الموسيقار الامريكي التي حظيت بإعجاب جمهور من مختلف الشرائح والأعمار جمعت بينها تلك الأذن السميعة المتذوقة للإبداع الراقي والمرهف. وقدم الفنان الامريكي كالون خلال هذا الحفل مجموعة من أغانيه، التي لقيت نجاحا كبيرا عبر العالم، وتحكي عن الواقع الأمريكي، وعن الحب والقيم الثقافية الأمريكية، على إيقاعات موسيقى "الجاز"، و"السول ميوزيك". وكان المعلم مصطفى باقبو حاضرا بقوة في هذا المزج الفني المتميز، من خلال صوته الجوهري القوي وموهبته في الجمع بين إيقاعات كناوة بشمال وجنوب المغرب. وفي أمسية فنية سابقة، كان جمهور منصة ساحة مولاي الحسن، المتنوع بين مغربي وأجنبي، على موعد مع المعلم حميد القصري الذي ألهب حماس الجمهور المتعطش الى الموسيقى الكناوية. وشهدت دورة المهرجان لهذه السنة لحظات قوية بمختلف المنصات التي نصبت بفضاءات ذات رمزية كبيرة بالمدينة (برج باب مراكش الذي تم ترميمه حديثا وساحة مولاي الحسن ودار الصويري وزاوية سيدنا بلال منصة مديتل) حيث توالت الموسيقى المرتجلة والليلات في جو حميمي لتضفي لحظة صفاء يتقاسمها الحاضرون مع الموسيقيين. وشكلت حفلات المزج الموسيقى بين فن تاكناويت على أيدي فنانيه الكبار، وبين عدد من الفنانين الأجانب في ألوان موسيقية مختلفة، إحدى أقوى لحظات المهرجان، حيث أهدى للجمهور تجارب مفعمة بالمشاعر القوية واللحظات غير المسبوقة. ورفع الفنانون تحديا فنيا حقيقيا من خلال تحقيق الانسجام بين أنغام موسيقية متباينة، لتشكل مزيجا متفردا تنتفي داخله حدود الجغرافيا والدين وتمكن الجميع بفضلها من التحدث بلغة الموسيقى، في تعبير عن حضارة إنسانية مشتركة تعددت روافدها. وتميزت فعاليات مهرجان كناوة في دورته السادسة عشرة، بتقديم برنامجا غنيا ومتنوعا انفتح على كافة الأنواع الموسيقية، من خلال إحياء مجموعة من الليلات الكناوية، بمشاركة العديد من المجموعات، من مختلف مدن المملكة، بعدد من منصات العروض التي وضعتها إدارة المهرجان رهن إشارة عشاق الموسيقى، للاستمتاع بالإيقاعات الكناوية الممزوجة مع التراث الإفريقي، والآسيوي، والأميركي. واحتفلت دورة هذه السنة، بمجموعة من رموز الفن الكناوي، الذين فقدتهم الساحة الفنية خلال المدة الأخيرة، من قبيل الشريف الركراكي وباكو الذي ارتبط اسمه بمجموعتي جيل جيلالة وناس الغيوان، وعبد الله غينيا، بفضاءات مختلفة. وعرف مهرجان كناوة في دورته ال16 مشاركة عدد من الأسماء الفنية اللامعة في سماء الجاز، حيث تميزت دورة هذه السنة، على الخصوص، بمشاركة عازف الساكسوفون الأمريكي ماسيو باركر، إلى جانب كبار معلمي الفن الكناوي المغربي في مزيج مع عدد من الفنانين الدوليين، ويستمر السفر في عالم الموسيقى الكناوية مع معلمين كناويين آخرين بفضاءات مختلفة، وسيكون الإبداع المغربي ممثلا بأنواع موسيقية مختلفة وراسخة في التراث المغربي.