أمام المشاهد المروعة للدمار الشمال الذي خلفه أحد أسوء الزلازل في تاريخ تركيا، وأمام الحصيلة البشرية الثقيلة التي تزداد ساعة تلو الأخرى، لم يتردد أفراد الجالية المغربية في التعبير عن تضامنهم الصادق مع أشقائهم الأتراك، حيث تقاسموا معهم مشاعر التعاطف والحزن. ولم تظل الجالية المغربية مكتوفة الأيدي أمام هذه الفاجعة. فمنذ الساعات الأولى للزلزال العنيف الذي ضرب جنوب البلاد، تعبأ مغاربة تركيا لجمع المساعدات الإنسانية التي سيتم إرسالها إلى ساكنة المناطق المنكوبة، وهرعوا إلى مراكز التبرع بالدم بمختلف المدن التي يقطنون بها. كما التحقوا بمطار إسطنبول الدولي، على غرار آلاف الأتراك، على أمل التمكن من ركوب طائرات المتطوعين المتجهة إلى الجنوب التركي، لتقديم يد المساعدة في عمليات الإنقاذ. وعبر عدد من أفراد الجالية المغربية في تركيا، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن حزنهم الشديد عقب هذه المأساة، ووقوفهم إلى جانب الأتراك في هذه الفترة الصعبة على الجميع، مؤكدين استعدادهم في المساهمة قدر الإمكان في تخفيف وطأة هذا الزلزال على الضحايا وعائلاتهم. وفي هذا السياق، قالت خديجة سلمان، رئيسة جمعية (اليد في اليد) بإسطنبول، إن الجالية المغربية تتقاسم مع أشقائهم الأتراك جميع مسراتهم وأحزانهم كشعب واحد، مشيرة إلى وقع الصدمة التي تركها خبر الزلزال على نفسية المغاربة، لاسيما عائلاتهم في المغرب. وأكدت سلمان، أن أعضاء الجمعية يحاولون طمأنة عائلات المغاربة وكذلك تكذيب الأخبار الزائفة التي تروج في الشبكات الاجتماعية، لاسيما خبر أن مدينة إسطنبول تضررت كذلك بالزلزال. من جانبه، أكد رئيس "مؤسسة المغرب"، أيوب سالم، أن الأهم في هذه المرحلة هو تكوين فريق من المتطوعين من أفراد الجالية المغربية بتركيا، للمساهمة في جهود الإنقاذ والبحث عن الناجين. وأضاف سالم أن "مؤسسة المغرب" تساند تركيا في هذه المحنة العصيبة، وتعتبر نفسها صلة وصل بين السلطات التركية والبعثات الأجنبية بحكم التعدد اللغوي والثقافي للمغاربة القاطنين بتركيا. بدوره، أكد مهدي همام، أحد مؤسسي (ماغريب بروفيسيونالز)، وهي شبكة مهنية تجمع بين المهنيين المغاربة المستقرين بتركيا، على التعبئة الفردية والجماعية لأفراد الجالية في جمع المساعدات والتشجيع على التبرع بالدم، مؤكدا أن مغاربة تركيا يعتبرون هذا البلد، بلدهم الثاني. وأضاف أن أفراد الجالية يعملون بجهد على الاطمئنان على المغاربة القاطنين بولايات تركياالجنوبية، إلى جانب العمل الجبار التي تقوم به خلية الأزمة التي وضعتها سفارة المملكة المغربية بأنقرة. يذكر أن الزلزال العنيف، الذي بلغت قوته 7,7 درجات على مقياس ريختر وضرب فجر الاثنين منطقة "بازارجيق" بولاية "قهرمان مرعش" جنوبيتركيا، خلف، وفقا لآخر حصيلة، ما يقرب من 7000 قتيلا بينما يتجاوز الجرحى 38 ألفا، إلى حدود صباح اليوم الأربعاء. كما ترك الزلزال، والهزة الثانية التي ضربت بعد 12 ساعة نفس المنطقة وبنفس القوة تقريبا، دمارا واسعا بولايات "غازي عنتاب" و"أضنة" و"ملاطيا" و"ديار بكر" و"شانلي أورفا" و"عثمانية"، علاوة على "قهرمان مرعش". يذكر أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن حالة الطوارئ في المناطق المنكوبة لمدة ثلاثة أشهر، والحداد الوطني على أرواح الضحايا لمدة أسبوع.