انطلق، أمس الجمعة، بمتحف فنون الطبخ بمراكش، الفصل الثالث من لقاءات تلاميذ إسكوفيي – المغرب، وذلك بتنظيم سوق للمنتجين، والذي شكل، أيضا، مناسبة لبرمجة عروض للطهي تجمع ثنائيات تتألف من طهاة إسرائيليين ومغاربة. وشكلت عروض الطهي هاته مناسبة لهذه الثنائيات من أجل إعداد وصفات يهودية-مغربية خالصة تحظى بالشعبية بالمغرب وببلدان مهجر مغاربة يهود، مما يعكس تعدد وتنوع تقاليد الطبخ بالمملكة. وجرى هذا اللقاء، الذي مزج بين المطبخ الفرنسي والإسرائيلي والمغربي، في جو مطبوع بحس التشاطر وتبادل التجارب والمعارف. كما منحت لحظة التشاطر هاته المناسبة للطهاة اليهود من أجل تجديد تشبثهم بجذورهم، وبالثقافة المغربية، وذلك بالرغم من هجرتهم أو هجرة آبائهم أو أجدادهم للعيش بفرنسا أوإسرائيل أو في مكان آخر. ويعتبر الطباخ غريغوري كوهين، المقيم بباريس، أن المطبخ اليهودي- المغربي، والذي يعد بالمناسبة، من ضمن أكثر المطابخ غنى وتنوعا بالعالم، يعكس مظاهر تعايش الديانات بالمغرب، ملتقى الثقافات والحضارات منذ قرون. وفي تصريح لقناة إم 24، الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أكد هذا الطاهي، الذي يشغل أيضا منصب مستشار في عدة منابر إعلامية فرنسية، أن المطبخ اليهودي-المغربي راق للغاية ويؤشر على تلاقي عدة روافد (أندلسية، وأمازيغية، وفرنسية، وعربية) ويعكس أيضا التعددية الثقافية التي تميز المملكة. وأوضح كوهين، الذي ما يفتأ يعبر عن فخره بجذوره المغربية، أن اليهود المغاربة يتسمون بهذه الخصيصة التي تميزهم عن الآخرين، والتي تتجلى في حبهم الكبير وتعلقهم الأكيد بالمغرب، البلد الذي عاش فيه آباؤهم وأجدادهم، وبثقافته، ومن ضمنها فن الطبخ. وأعرب هذا الطاهي عن أمله في رؤية هذا المطبخ اليهودي- المغربي، "الذي ما يزال يتناقل شفهيا"، يتم جمعه وتوثيقه في مؤلفات بغرض تسهيل نقله إلى الأجيال الجديدة، ومن أجل صون هذا الفن، مشيرا إلى أن الفصل الثالث من لقاءات تلاميذ إسكوفيي – المغرب يشكل مناسبة لتسليط الضوء على هذا المطبخ اليهودي-المغربي والتعريف به لدى الأجيال الصاعدة. وفي تصريح مماثل، سلط الطاهي لحسن حفيظ، الضوء على مشروع المؤلف الموجه إلى جمع وتوثيق الوصفات المغربية، مضيفا أن عروض الطبخ الذي يجمع عدة طباخين حول نقل وتشاطر فن الطبخ اليهودي- المغربي، يحكي التاريخ المشترك ويباشر حوارا بين مختلف الثقافات. أما الطاهي المهدي الركيك، فأعرب عن فرحه لتكوين ثنائي مع الطباخ الإسرائيلي آفي ليفي وإعداد وصفة يهودية-مغربية، على شكل كتف الخروف مشوية ومتبلة بصلصة البحر الأبيض المتوسط ومرفوقة بالتفاية. ويحتفي الفصل الثالث من لقاءات تلاميذ إسكوفيي – المغرب المنظم بمراكش، بقيم التشاطر والنقل الغالية على هذا الطباخ الفرنسي الشهير، وتحتفي بمكون أساسي في الثقافة المغربية، ممثلا في المطبخ اليهودي-المغربي. وتجمع هذا الحدث المرموق، الذي يرعاه كل من الطاهي غيوم غوميز، سفير فن الطبخ الفرنسي بالعالم، وفيليب فور سفير فرنسا السابق في المغرب ومؤسس دليل تذوق الطعام العالمي "لا ليست"، 40 من الطهاة الدوليين، وثلاثين شخصية، من طباخين وصناع حلويات ومنتجين وغيرهم من عشاق الطبخ، وشغوفين بفن الطبخ، من الذين سيتم انتقاؤهم كتلاميذ جدد. يذكر أن جمعية تلاميذ اسكوفيي الدولية، التي تأسست سنة 1954 في فيل نوف – لوبي، مسقط رأس الطباخ الفرنسي الشهير، وانضم إليها المغرب سنة 2020، هي جمعية ذات هدف غير ربحي، تروم نقل روح عمل أوغوستين اسكوفيي للطهاة من الأجيال الجديدة، ومن ثمة النهوض باحترام ثقافة فن الطبخ، والسعي نحو تحسين التخصص ونقل المعارف في مجال فن الطبخ. وتضم الجمعية الآن أكثر من 40 ألف تلميذ في أكثر من 38 بلدا، وهي أكبر جمعية لفن الطبخ في العالم. وانضم المغرب إلى هذه الجمعية العالمية سنة 2020 بقيادة الطباخ لحسن حفيظ، المنحدر من مدينة أكادير، بغرض ترسيخ فن الطبخ المغربي في رزنامة المطبخ العالمي.