ختتمت مساء أمس السبت بالفضاء التاريخي (باب المكينة) بفاس الدورة 22 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة بحفل فني كبير للفنانة المغربية سميرة بنسعيد التي أعادت من خلاله الجمهور إلى معانقة ليالي الطرب والانتشاء بمقطوعات من ربرتوارها الفني . وكان جمهور المهرجان، خلال هذا الحفل الفني الاستثنائي، على موعد مع فنانة تمكنت طوال عقود من فرض نفسها على الساحة العربية بإبداعات فنية ناجحة تلامس كل الأذواق لأنها تمتح من تربة الفن الموسيقي العربي وتتوفر على كل مكونات النجاح لحنا وكلمات وأداء . وقدمت الفنانة سميرة بنسعيد (سميرة سعيد) خلال هذا الحفل، الذي عرف إقبالا كبيرا من قبل الجمهور، مجموعة أغاني من ربرتوارها الفني والتي رددها معها الجمهور في تجاوب كبير وظل يلح أكثر من مرة على تقديم المزيد .
وأدت الفنانة في بدايات هذا الحفل أغنيتها المعروفة ( وعدي ) التي يعود إنتاجها إلى السبعينيات من القرن الماضي قبل أن تتوالى المقطوعات الغنائية ك ( ما زال ) و (محبوبي) و (قال جاني بعد يومين) و (بحبك) و (أطفال الدنيا) و (عالبال) وغيرها .
وكانت الفنانة سميرة بنسعيد لا تتردد بين الفينة والأخرى في استفسار الجمهور عن الأغاني التي يرغب في سماعها لتلبي طلباته في تجاوب كبير قبل أن تستعيد بعض أمجاد الموروث الموسيقي والفني المغربي من خلال أدائها لأغنية (يا بنت بلادي) التي ألهبت حماس الجمهور وجعلته ينخرط في ترديد مقاطعها التي تردد صداها بفضاء ( باب الماكينة ) .
وبحفل الفنانة سميرة بنسعيد يكون مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة قد حافظ خلال دورته 22 على توجهه العام الذي يستهدف بالأساس الاحتفاء بمختلف التعابير والألوان الموسيقية والفنية التي تدافع عن قيم التسامح والسلم والتقريب بين الثقافات والشعوب .
وتميزت الدورة 22 من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، التي احتفت بالنساء المشيدات، بمشاركة مجموعة من الفرق الفنية والموسيقية والفنانين كسحر محمدي من إيران وإنجي ( أذربيجان ) وكريستين سالم ( لاريينيون فرنسا ) وهندي زهرة ( فرنسا المغرب ) وأومو سانغاري ( مالي ) وأوفيتشينا زووي ( إيطاليا ) وراغشيري داس وشاشانك سوبرامانيام وراكيش شاوراسيا ( الهند ) وإرشاد خان ( تورينتو ) والمهدي الناسولي ( المغرب ) ولامار وفريدة محمد علي ( العراق ) وغيرهم .
وتنفيذا للتصور الجديد للمهرجان كما اعتمده المشرفون على هذا الحدث الثقافي والفني الدولي والمتمثل في تخصيص كل دورة من دورات المهرجان للاحتفاء ببلد معين كضيف شرف، فقد تم في هذه الدورة الاحتفاء بدولة الهند البلد الغني بتاريخه العريق وثقافته الواسعة من خلال حفلات فنية وموسيقية شارك فيها العديد من الفنانين من مختلف مناطق الهند .
كما تميزت هذه الدورة التي احتفت بمرور 22 سنة من المسار الاستثنائي لهذه التظاهرة الثقافية والفنية العالمية التي تكرس قيم التسامح والحوار الثقافي والتعايش بين الشعوب بتنظيم حفلات وليالي صوفية وسهرات أندلسية كبرى احتضنتها مجموعة من الفضاءات العتيقة بالمدينة القديمة إلى جانب تنظيم العديد من الأنشطة الفنية والثقافية الأخرى .
وفي الشق الأكاديمي للمهرجان ” منتدى فاس ” الذي أضحى فضاء لمناقشة وبحث الأفكار ومختلف القضايا والمواضيع التي تهم السياسة والاقتصاد والتاريخ تمحور الموضوع الرئيسي لهذه السنة حول تيمة “نساء مشيدات” بمشاركة نخبة من أبرز المثقفين من داخل المغرب وخارجه.
ويشكل مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة الذي تنظمه مؤسسة “روح فاس” منذ دوراته الأولى رحلة ساحرة نحو فضاء الإبداعات الموسيقية والإيقاعية التي أنتجتها مختلف الثقافات والشعوب منذ القدم . واستطاع هذا الحدث الثقافي والفني العالمي منذ انطلاقته قبل 22 سنة أن يحتل مكانة هامة على الصعيد الدولي باعتباره أحد أهم التظاهرات العالمية في مجال الموسيقى العريقة