ما هو الهدف الكبير الذي ينتظر تحقيقه في «قمّة مراكش» عن المناخ التي تعقد في نوفمبر المقبل، بعد تلاشي الضجيج المدويّ الذي صاحب موجة تفاؤل مذهلة رافقت مؤتمر «كوب 21» في باريس أواخر 2015؟ ماذا الذي تسعى إليه تلك الأطراف الدوليّة ال 195 التي وقّعت في باريس اتّفافيّة ملزمة لكل الدول في شأن مكافحة التصاعد في الاحتباس الحراري الناجم أساساً عن تراكم التلوّث بغازات حرق الوقود الأحفوري؟ لنتذكر أن جزءاً كبيراً من التفاؤل ب «اتّفافيّة باريس – 2015»، جاء من تقديم الحكومات خططاً صارمة في شأن خفض انبعاث غازات التلوّث، خصوصاً ثاني أوكسيد الكربون، ودعم التوجّه لتبني الطاقات النظيفة. وتتناول تلك الخطط إجراءات كثيرة، لكنها تجري في إطار زمني يمتد على 5 سنوات. إذن، ماذا يمكن القول بعد سنة واحدة من إقرار «اتّفافيّة باريس»، بل مرور حفنة صغيرة من الشهور على توقيعها رسميّاً في الأممالمتحدة، خصوصاً من الدول الأكثر تلويثاً للغلاف الجوي للأرض كأميركا والصين والاتحاد الأوروبي والهند؟ هل تخفي «قمّة مراكش» خطوة نوعيّة بإمكانها أن تحدِث صدمة إيجابيّة في شأن التقدّم في مكافحة الاضطراب المناخي الذي يهدّد مستقبل الحضارة على الكرة الأرضيّة؟ الأرجح أنّ تلك الأسئلة وما يشبهها تدور في أذهان من يتّجهون بأنظارهم صوب مراكش التي تستضيف الدورة ال 22 ل «مؤتمر الأطراف لاتّفافيّة الأممالمتحدة الإطارية عن تغيّر المناخ» UN Convention on Climate Change، وهو التسميّة الرسميّة لمؤتمرات المناخ. ويأتي مؤتمر مراكش المسمّى «كوب 22» أيضاً COP 22 (اختصاراً لعبارة «مؤتمر الأطراف» Conference of the Parties) في مرحلة مفصليّة من مسار مجابهة التغيّرات المناخية والحدّ من آثارها السلبيّة في مظاهر الحياة.
الزراعة (الغذاء) والماء والطاقة يذكر أن اتفاقيّة باريس – 2015» استندت إلى مبادئ اتّفافيّة إطارية مُلزِمَة وُقّعت في العام 1992 في اليابان، وعرِفَت باسم «بروتوكول كيوتو». وتشمل الاتّفاقيّتان الملزمتان مواضيع كحتميّة التحرّك الدولي المنسّق نحو تعزيز البحث العلمي في الطاقات البديلة، والحدّ من الانبعاثات الملوّثة، والعمل على تجميع الكربون من الجو ودفنه بطرق متلائمة مع البيئة، ونقل التكنولوجيا في مجال الطاقات البديلة، وبناء قدرات الدول النامية في مواجهة آثار الاضطراب المناخي والتكيّف معه وزيادة تبنيها للطاقات النظيفة بما يتلاءم مع التنمية المستدامة. وفي ذلك الإطار، تلزم «اتّفافيّة باريس» الدول بتقديم تقارير وطنية عن التقدّم المحرَزْ في المناخ، وخطط التكيّف والتخفيف الخاصة بالتغيّرات المناخيّة. وتفيد تلك التقارير في رسم صورة عالميّة عن أوضاع الاضطراب المناخي. وتقع الزراعة والأمن الغذائي، ومحاربة الفقر في القلب من بنود «اتّفافيّة باريس»، بل تعتبر الزراعة من أكثر القطاعات تأثراً بالتغيّر المناخي وهي مرتبطة أيضاً بمسألتي المياه والطاقة. وغالباً، يشار إلى ذلك المركب الثلاثي بمصطلح «تشابك الزراعة (الغذاء) والماء والطاقة» Food- Water- Energy Nexus. وتؤثُر متغيّرات المناخ بصورة خطيرة في المحاصيل الزراعيّة عبر مختلف خطوات الإنتاج الزراعي، بداية من لحظة البذار إلى ما بعد الحصاد وتخزين المحاصيل. ويحتاج كل محصول إلى درجة حرارة ملائمة للنمو، فإذا ارتفعت يؤدي ذلك إلى قصر موسم النمو وانخفاض إنتاجيّة المحصول. وكذلك يساهم ارتفاع الحرارة أثناء المراحل الحساسّة لنمو الحبوب، في ضعف حيوية الحبوب في مرحلة مبكرة. كما تؤدي الرياح العنيفة أو المصحوبة بالأتربة، إلى اندثار حبوب اللقاح. وتعمل الزيادة غير الطبيعيّة في درجات الحرارة على تدمير مساحات من الأراضي الزراعية، وتغيّر تراكيب المحاصيل، وتبدّل حاجات الريّ، واستخدام المبيدات والأسمدة، إضافة إلى أنّها تزيد حدّة الضغوط على مصادر المياه، وتفاقم إصابة المحاصيل بأمراض فطريّة وآفات وأمراض نباتية مختلفة. وتنطبق تلك الصورة أيضاً على تأثير زيادة الاحتباس الحراري في الإنتاج الحيواني. يضاف إلى ذلك، تأثيرات متنوّعة للتغيّر في المناخ في تدهور التربة، خصوصاً الجفاف المتأتي من نقص المياه. يعود الكلام إلى «قمّة مراكش»، لكن من زاوية أخرى. هل تنجح تلك القمّة في جذب اهتمام عربي كافٍ باستدامة الزراعة، بل اعتبارها أولويّة في بلدان تعاني نقصاً متصاعداً في المياه؟ إلى أي مدى اهتمت الدول العربيّة بالزراعة والمياه وأدرجتهما في تقاريرها الوطنية عن تغيّر المناخ؟ وكيف تستفيد من مصادر التمويل المتاحة في هذا الشأن؟ هل تتطابق تلك التحدّيات مع أولويات التنمية في الدول العربيّة؟ هل يبرز تنسيق عربي- عربي مجدٍ في سياق الاستعداد لمفاوضات مراكش التي تشمل بنودها وضع آليات تتكفّل بتنفيذ «اتّفافيّة باريس»؟
حديث عن خريطة طريق آثرت «منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة» UN Food & Agriculture Organization («فاو» FAO)، وفق ما عبّر عنه مكتبها الإقليمي في القاهرة، أن تبحث عن إجابات وافية عن تلك الأسئلة. وتحاول ال «فاو» تقديم الدعم اللازم لجهود تنفيذ اتفاقيّات المناخ، والتوصّل إلى خريطة طريق تعتمد على التنسيق والتعاون الكاملين بين الدول استعداداً ل «قمّة مراكش». في ذلك الصدد، شهدت جامعة الدول العربيّة أخيراً اجتماعاً تمهيدياً أنجِزَ بالتعاون بين المكتب الإقليمي لل «فاو» ووزارة البيئة المصرية. وخلال ذلك الاجتماع، طلبت ال «فاو» من بلدان المنطقة، تطبيق خطط إصلاحيّة متكاملة تشمل وضع قضايا المياه والزراعة على طريق الاستدامة، إضافة إلى التكيّف مع الآثار المحتملة لتغيّر المناخ. وفي السياق ذاته، أكّد عبد السلام ولد أحمد، الممثل الإقليمي لل «فاو»، أنّ التصدي للتحديّات الناجمة عن تغيّرات المناخ يتطلّب تطبيق تلك الخطط الإصلاحيّة والتعامل في شكل جدي ومستدام مع قضايا المياه والزراعة. وحذّر ولد أحمد من الآثار الاقتصاديّة المترتّبة على اضطرابات المناخ، خصوصاً زيادة الفقر، وتدهور البيئة، وتأثّر الموارد الطبيعيّة وغيرها. وأكّد أهمية الاجتماع لجهة مناقشة المكوّن الزراعي في التقارير الوطنيّة المعنية بتغيّرات المناخ، التي ستقدّم في «مؤتمر مراكش». وبيّن ولد أحمد أيضاً، أن الاجتماع ذاته وضع على رأس موضوعات النقاش فيه، دور الغابات والمياه والأسماك والزراعة في المساهمات الوطنيّة في خطط المناخ، إضافة إلى نقاش مدى اتّساق المساهمات مع جدول أعمال التنمية المستدامة 2030، وفرص التمويل المتاحة في ذلك المجال، وتعزيز التعاون المتبادل بين بلدان الجنوب مع بعضها بعضاً. رهان “غائم” على العلم على رغم أجواء الحبور الفائض التي رافقت جلسته الختاميّة، لاحظ بعض نشطاء البيئة أنّ العنصر العلمي لم يكن بارزاً تماماً في «قمة باريس – 2015»، خصوصاً لجهة الطاقة النظيفة. وباسترجاع واقعي، يلاحظ أن المؤتمر الباريسي ترافق مع حديث متفائل عن قرب تحقيق اختراق في الطاقة النظيفة عبر مفاعل الاندماج النووي الألماني. وكانت الأوساط العلميّة والبيئيّة أبدت اهتماماً كبيراً بذلك المفاعل، بل حبست الأنفاس ترقّباً لقرب تشغيله بالهيدروجين (وتالياً، استخراج الطاقة فعليّاً منه) في السنة التالية. وفي ربيع 2016، تولّت المستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل بنفسها (وهي تحمل دكتوراه في الفيزياء)، الضغط على زر الانطلاق لذلك المفاعل. ولم يمنع ذلك من اختفاء أخباره سريعاً من الإعلام، إما بفعل التكتّم أو لأسباب أخرى ربما تكون سلبيّة. وحتى في ردهات مؤتمر «كوب 21» الباريسي، لم تطلق سوى مبادرتين علميتينِ أساسيّتينِ. جاءت إحدى المبادرتين من الرئيس باراك أوباما حاملة اسماً واعداً هو «المهمة: ابتكار» («ميشِن إنوفايشِن»Mission Innovation). ونهض بيل غيتس، المؤسّس الأسطوري لشركة «مايكروسوفت» العملاقة، بالثانية التي حملت اسم «تحالف من أجل اختراق في الطاقة» («برايك ثرو إينرجي كوآلياشن»Breakthrough Energy Coaliation). وعلى رغم أهمية المبادرتين اللتين لم تحظيا بمساحة نقاش كافية في الإعلام العربي العام لحد الآن، إلا أنّهما تعقدان الآمال على تقدّم علمي أساسي في الطاقة، لا يلوح في الأفق إمكان تحقّقه في زمن قريب!
نماذج عبر رياضيّات الكومبيوتر في غياب اختراق علمي أساسي في الطاقة البديلة، تنعقد الآمال منطقيّاً على جهود الحدّ من التلوّث وانبعاث غازاته الخانقة التي تتسبّب في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. وفي ذلك السياق، جاءت دعوة الخطة الإستراتيجيّة التي تقدّمت بها منظمة ال «فاو» إلى اجتماع إقليمي استضافته الجامعة العربيّة في القاهرة أخيراً، إلى تحفيز التعاون بين دول إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا علميّاً. وتحديداً، دعت ال «فاو» إلى تعاون في النماذج الرياضيّة للكومبيوتر المتعلّقة بتأثير المناخ في المنطقة، وتبادل المعلومات والمعارف في إدارة المياة المستخدمة في الزراعة وغيرها. وفي تصريحات إلى «الحياة»، أوضح الدكتور فوزي كراجة، وهو خبير في المكتب الإقليمي لل «فاو»، أنّ اجتماع جامعة الدول العربيّة وضع تصوراً واضحاً عن المياه والزراعة وضرورة دمجهما في التقارير الوطنية عن تغيّر المناخ، إذ تبعث الزراعة ثلث الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري، لكنها تستطيع أيضاً أن تساهم في خفض تلك الغازات بمقدار 30 في المئة. ويشير كراجة إلى دور الغابات في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، ودور الزراعة في تخزين الكربون في باطن الأرض، وهو أمر يحتاج إلى زيادة كفاءة آليات الزراعة. ويؤكد كراجة خطورة الوضع الغذائي في الدول العربيّة التي تستورد ما يزيد على 235 مليون طن من الأغذية سنوياً، ويكاد يصل عدد سكانها إلى400 مليون نسمة. وأورد توقّعات بإمكان ارتفاع العدد الأخير إلى 600 مليون نسمة في العام 2050. وأضاف: «لا خيار أمامنا سوى زيادة كفاءة استخدام مصادرنا الطبيعية المحدودة، خصوصاً المياه والزراعة. وتعمل ال «فاو» على وضع برامج تتصل بفكرة الزراعة المستدامة… إنّ الدول العربيّة مطالبة فوراً بتوفير معلومات وافية عن مدى تأثير تغيّرات المناخ في منطقتنا في المجالات كافة». وأشار كراجة أيضاً إلى أن الدول العربيّة لا تستفيد جيداً من مصادر تمويليّة ك «صندوق المناخ الأخضر». وتحدّث ممثل ال «فاو» في مصر استيدوتو باسكوالي إلى «الحياة» أيضاً، وأكّد ضرورة الاهتمام بإجراءات التكيّف مع تغيّرات المناخ وتخفيف وطأتها. واعتبر أنّ الزراعة من أكبر القطاعات التي تتأثّر بتغيّرات المناخ، حاثّاً الدول العربيّة على الاهتمام بخطط تكيّف الزراعة مع تلك التغيّرات. وأضاف: «تؤدّي ال «فاو» دوراً كبيراً في مساعدة الدول في ذلك المجال، خصوصاً في ظل ظروف بعض الدول العربيّة كليبيا وفلسطين». ودعا بسكوالي العالم العربي إلى العمل على مستويين لمجابهة الآثار الخطيرة للتغيّرات المناخية في المياه والزراعة. وقال: «هناك المستوى الوطني أولاً. ولا بد من العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتغيّرات المناخية في ذلك المستوى. وثانياً، هنالك المستوى الإقليمي الذي يوجب الدفع بمزيد من التعاون والتنسيق والشراكات الإستراتيجيّة وتبادل الخبرات والمعارف والتجارب». جفاف مستشر عربياً في استراتيجيّتها التي قدّمت إلى دول الجامعة العربيّة أخيراً، حذّرت ال «فاو» من حدوث توتّرات كبيرة في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في شأن موارد المياه العابرة للحدود، خصوصاً أن الأنهار الكبرى لدول الإقليم (النيل، الفرات، الأردن…)، ينطبق عليها ذلك الوصف. وتضع تلك الاستراتيجيّة حقائق عدة أمام مجتمعات الإقليم ومتّخذي القرار في دوله، بهدف حضّهم على التحرّك على المستويين الوطني والإقليمي لمجابهة الأخطار التي تهدّد المياه والزراعة. وتذكّر الاستراتيجيّة بأنّ متوسط الكميّة السنويّة للأمطار في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا يقدّر بقرابة 150 ملليمتراً، ونصيب الفرد من الموارد المائية لا يمثّل سوى أقل من سُدس المتوسط العالمي. وتعاني البلدان العربيّة حاضراً من حال نضوب للمياه الجوفيّة فيها، ويؤثر تغيّر المناخ تأثيراً سلبيّاً في الزراعة والمياه في تلك البلدان. ومن المتوقّع ارتفاع درجات الحرارة، وتدني كميّات الأمطار، وتفاقم أحوال الجفاف. وتالياً، تحتاج المنطقة إلى إدارة الموارد المتاحة بقدر أكبر من الكفاءة والاستدامة. ولذا، حدّدت الاستراتيجيّة خطوات واضحة وآليّات أساسيّة للتوصّل إلى تلك الأهداف، تشمل البناء المؤسّساتي الجيّد والفعّال في الزراعة والمياه، وتعزيز قدرة دول الإقليم على التنظيم والتخطيط، وتوفير المعلومات لتلك الدول.
المرأة أولاً كذلك دعت ال «فاو» إلى اتّباع نُظُم الإدارة المتكاملة للموارد المائيّة، من أجل تحسين كفاءة التوزيع والإنتاجيّة الزراعيّة، واعتماد مبدأ المشاركة واللامركزيّة، وإدماج المجتمع المحلي والمزارعين في إدارة موارد المياه، وتبني أفكار مستخدمي المياه وجمعيات المزارعين، إضافة إلى الاهتمام بفئات متنوّعة تتصدّرها المرأة والشباب. ومن النقاط التي تركز عليها استراتيجيّة ال «فاو»، ضرورة الاهتمام بمصادر المياه غير التقليديّة، عبر التخطيط والإدارة والدراسة الاقتصاديّة. وتشمل تلك المصادر المياه العادمة المُعادة معالجتها، والمياه شبه المالحة والمالحة، ومياه الصرف الزراعي. وتبرز الاستراتيجيّة نقاطاً أساسيّة أخرى من بينها تطوير الري، والتوعية بقضية ندرة المياه، وتوفير قواعد بيانات وافية عن حال المياه الجوفيّة، وتحفيز البحث العلمي، والعمل على تطوير التقنيات المائيّة، والدراسة العميقة لعلاقة المياه مع الغذاء والطاقة، وتنمية الغابات والأشجار (خصوصاً في الأراضي المتدهورة)، ومكافحة التصحّر وغيرها. استراتيجية اقليمية بآمال مرتفعة في سياق اجتماع شهدته جامعة الدول العربية ورعاه المكتب الإقليمي لل«فاو» ووزارة البيئة المصرية، أطلقت ال«فاو» مبادرة تقضي بدمج الزراعة في التقارير الوطنية للدول العربية، وضرورة وجود صورة واضحة عن مدى تأثرها بتغيرات المناخ، والتحديات التي تواجهها في ذلك الإطار، إضافة إلى تبيان ما تحتاجه تلك الدول للتكيف مع الاضطراب في مناخ الأرض. وكذلك أصدرت ال «فاو» استراتيجية إقليمية تعاونية في شأن الإدارة المستدامة للمياه المستخدمة في الزراعة، في دول إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا. وتتناول تلك الاستراتيجية الإقليمية مجابهة مشكلات استخدام المياه في الزراعة، وتحقيق التكامل والتعاون بين دول المنطقة في ذلك المجال. وتعمل الاستراتيجية أيضاً على دعم جهود مناخية عربية على غرار الاستراتيجية العربية للأمن المائي بين عامي 2010 و2030، والمبادرة الإقليمية لتقويم آثار تغير المناخ على الموارد المائية، والاستراتيجية العربية للتنمية المستدامة، والاستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث وغيرها. وتضع استراتيجية ال«فاو» في حسبانها أيضاً أن إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا يعاني نقصاً مزمناً في المياه، ما يعني أنه سيواجه في السنوات المقبلة تفاقماً شديداً وغير مسبوق في ندرة المياه. ويفاقم تلك الصورة القاسية تسارع النمو الجغرافي، والتوسع في العمران الحضري، والإقبال على التصنيع، وتصاعد الطلب على الطاقة وغيرها. ولذا، تلاحظ استراتيجية ال»فاو» أن الزراعة تستهلك 85 في المئة من موارد المياه العذبة، ما يضعها في مواجهة تحديات جمة. وكذلك يثير الإفراط في استخدام المياه الجوفية قلقاً كبيراً، فيما انخفضت حصة الفرد العربي من المياه العذبة بمقدار الثلثين عما كانت عليه خلال ال40 عاماً الماضية. ومن المحتمل أن يتواصل الانخفاض إلى ما يزيد على 50 في المئة بحلول عام 2050. ويضاف إلى ذلك، تأثر الجفاف بعوامل تشمل النمو السكاني المتسارع، والأثر السلبي لتغير المناخ.