بينما يخيم التشاؤم والحزن على جموع العالم الإسلامي، جاء قرار مفاجئ من الملك سلمان ليعيد التفاؤل ويثير البهجة في النفوس، الأمر الذي تبعته أصداء إيجابية عربية وإسلامية واسعة. فبحسب المرسوم الملكي الجديد، لم يعد على راغبي أداء فريضة العمرة للمرة الثانية دفع ضريبة ال 2000 ريال، بيد أن من المقرر دفع ما قيمته 300 ريال كسعر موحد لتأشيرات الحج والعمرة والزيارة، وفقًا لصحيفة "عكاظ". هذا الإجراء الذي قال عنه وزير الحج والعمرة السعودي إنه يدعم الجهود الرامية لتحقيق أهداف المملكة 2030، أثار جدلًا واسعًا على الأسباب التي قد تدفع المملكة للتراجع عن قرارها السابق، في ظل زعم بعض التقارير الإعلامية بأن القرار جاء بعد انخفاض ملحوظ في عدد المعتمرين. قرار الإلغاء أعلن وزير الحج والعمرة السعودي، محمد صالح بنتن، صدور قرار جديد ب"إعادة هيكلة تأشيرات الزيارة والحج والمرور، المشتمل على إلغاء رسوم تكرار العمرة البالغ 2000 ريال". وقال إن القرار يدعم الجهود الرامية لتحقيق أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030 باستقبال 30 مليون معتمر في عام 2030، وسط منظومة من الخدمات الجليلة التي تقدمها السعودية لضيوف الرحمن، وفقا لوكالة الأنباء السعودية (واس). وشكر الوزير العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، بمناسبة هذا القرار. وبلغ عدد المعتمرين من الخارج العام الماضي، نحو 6.8 مليون معتمر، حسب بيانات وزارة الحج، وتسعى المملكة العربية السعودية إلى زيادة عدد المعتمرين سنويا إلى 15 مليونا مع حلول 2022، و30 مليونا في 2030، بحسب تصريحات سابقة لعبد الفتاح مشاط، نائب وزير الحج والعمرة. ووصلت الأسبوع الماضي أول رحلة للمعتمرين في العام الهجري الجديد إلى المملكة العربية السعودية. رؤية مستقبلية الدكتور عبد الله بن أحمد المغلوث، عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، قال إن "قرار إلغاء رسوم تكرار العمرة يدعم الجهود الرامية لتحقيق أحد أهم أهداف رؤية السعودية 2030". وأضاف في تصريحات ل "سبوتنيك"، أن "هذه الجانب من الرؤية يهدف إلى استقبال 30 مليون معتمر، وتحسين تجربتهم وإثرائها، في ظل الخدمات المتطورة والتقنيات المتقدمة، لينعم ضيوف الرحمن بالراحة والاطمئنان". وأكد المغلوث أن الخدمات الإلكترونية النوعية التي تقدمها وزارة الحج والعمرة في السعودية، تسهم بشكل كبير في تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة، بالتكامل مع وزارة الخارجية ومركز المعلومات الوطني". وتابع: "حيث هيأت تلك الخدمات للمعتمرين الاطلاع على حزم الخدمات التي يحتاجها المعتمر والتعاقد مع مقدم الخدمة مباشرة وتوثيق التعاقدات، بالإضافة إلى الخدمات الإثرائية التي تهدف جميعها إلى أن ينعم ضيف الرحمن برحلة إيمانية في أجواء مفعمة بالراحة". وأوضح عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، أن "وزارة الحج والعمرة تتوقع أن يصل عدد المعتمرين لهذا العام إلى 10 ملايين معتمر، وقد شرعت الوزارة في تنفيذ خطتها التشغيلية لموسم العمرة بالتعاون مع الشركاء؛ استمرارًا لنهجها بالانتقال من العمل الموسمي إلى العمل على مدار العام". فوائد اقتصادية من جانبه قال عطاالله مرزوق الشمري، الإعلامي المتخصص في الاقتصاد السعودي، إنه "تم تحديد رسوم رمزية في طلبات تأشيرة العمرة الجديدة وتخفيضها من 2000 إلى 300 ريال، حسب وزارة الحج والعمرة ضمن قرار إلغاء رسوم تكرار العمرة، الذي كان مطبقًا السنوات الماضية". وأضاف في تصريحات ل "سبوتنك"، أن القرار يأتي لتحقيق أحد أهم أهداف رؤية المملكة 2030 باستقبال 30 مليون معتمر في عام 2030". وتابع: "المرسوم الملكي ألغى رسوم تكرار العمرة لتصبح 300 ريال بعد أن كانت تصل إلى 2000 ريال، وهذا يقلل التكلفة على المعتمر القادم من خارج المملكة، والذي يدفع تكاليف الطيران أيضا والتكاليف الأخرى". ومضى قائلًا: "بالتالي هذا سيشجع الكثيرين لزيارة السعودية وزيادة عدد المعتمرين إلى 15 مليون في 2020، وهو استحقاق قريب لذلك نرى هذا العمل الحكومي المتسارع بإصدار تشريعات وتعديل أخرى لتشجيع المعتمرين، وفي النهاية الوصول -عبر عدة مراحل- إلى 30 مليون معتمر في 2030". وعن فائدة القرار من الجانب الاقتصادي، قال الشمري: "هذه الإجراءات ستساعد في تعزيز الاستثمارات بقطاع الإيواء والفناد، وكذلك المطاعم وأيضا قطاعات النقل ومكاتب السياحة، كون المعتمر يملك حرية أكبر في التنقل بالمملكة". أسباب التراجع أما من الجانب السياسي، يرى المحلل السعودي شاهر النهاري، إن "علاقة المملكة بالحج والعمرة علاقة دبلوماسية روحية وإنسانية، وتريد السعودية أن تقوم بواجباتها تجاه الحجيج، حيث تقوم بصرف المليارات كل عام من أجل تهيئة الأماكن والظروف للحجاج والمعتمرين من الداخل أو الخارج". وأضاف في تصريحات ل "سبوتنيك"، أن "السعودية تعاني من بعض المعتمرين، حيث يبحثون عن تكرارها أكثر من مرة، وهو ما يؤثر على فرص الآخرين". وتابع: "السعودية حاولت وقف تلك الأمور، بأصدرت نظامًا لحجاج الداخل والخارج، بحيث لا يحق لأي سعودي أو وافد أن يحج إلا مرة كل 5 سنوات". ومضى قائلًا: "فيما يتعلق بالعمرة المملكة حاولت أن تضع رسومًا على تكرارها أكثر من مرة، وهذه الرسوم لا تهدف إلى أي شيء من الجانب الربحي، لكن يمكنها أن تحد من التكرار، إلا أنها وجدت بأن هناك من تضرر من القرار، خصوصا المسافرون إلى السعودية بسبب أغراض مختلفة، وهم يريدون أداء العمرة طالما موجودين في أراضي الحجاز". وبشأن التأثيرات الاقتصادية للقرار، أضاف النهاري، أن "السعودية تحاول ضبط هذه الموضوعات ليس بهدف الربحية أو لأغراض اقتصادية، لكنها تريد أن تعدل بين الحجاج والمعتمرين في الداخل والخارج، ونظرًا لنظام النسبة السكانية التي تعطي لكل دولة على أساسها نسب الحج والعمرة". وأنهى حديثه قائلًا: "الإجراءات والترتيبات التي تتخذها المملكة لتنظيم الحج، يمكن أن تعدل عليها بين الحين والآخر بناءً على ما يصل لها من ملاحظات من خلال السفارات، وهي في النهاية تصب في صالح الحاج والمعتمر". رسوم موحدة وقرر مجلس الوزراء السعودي، إعادة هيكل تأشيرات الزيارة والحج والعمرة والمرور، لتبلغ رسوم الدولة لإصدار كل تأشيرة لكل شخص بقيمة 300 ريال. ونشرت "العربية.نت" قائمة بأنواع ومدد التأشيرات التي تضمنها قرار مجلس الوزراء بهذا الخصوص، والذي اشتمل أيضا على إلغاء رسوم تكرار العمرة والتي كانت تصل إلى 2000 ريال في حال التكرار رحلة العمرة، خلال فترة ثلاث سنوات. ونقلت عن مصادر عاملة في خدمات التأشيرات، قولها: "تقضي التنظيمات لرحلات الحج والعمرة، على ضوابط تشتمل على اختيار حملة منظمة، من شركات مرخصة، بجانب ضوابط التأمين الصحي، وتأمين السيارات بالنسبة للزائرين ولرحلات المرور والعبور من أراضي المملكة".