أثار احتضان مدينة مراكش، في الأيام القليلة المقبلة، مؤتمرا عالميا بعنوان» قضية الهولوكوست والتراجيديات الكبرى عبر التاريخ»، احتجاجات واسعة، ووصفه ناشطون مغاربة مناهضون للتطبيع مع الكيان الصهيوني ب«النشاط الخادم للصهيونية». ويحضر المؤتمر الذي يعقد بمناسبة مرور 75 سنة على وقوع «الهولوكوست» شخصيات مغربية وازنة، يتقدمها مستشار الملك محمد السادس، أندري أزولاي، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي، ورئيس الرابطة المحمدية للعلماء، أحمد العبادي، ووزير التربية الوطنية سعيد أمزازي. وكانت الأوساط الاسرائيلية قد اعتبرت ما ورد في رسالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في المائدة المستديرة الرفيعة المستوى حول «قدرة التربية على التحصين من العنصرية والميز: معاداة السامية نموذجا» التي عقدت بداية شهر اكتوبر الماضي في نيويورك، على هامش الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إشارة لإدخال الهولوكوست في المناهج التعليمية في المغرب. وعرّف الملك المغربي معاداة السامية بأنها نقيض لحرية التعبير، وتعبير عن إقصاء الآخر، والفشل في التعايش، معتبرا أن المعركة لا يمكن إلا أن تكون تعليمية وثقافية . واستشهد بتوجيهات خطاب العرش المتعلقة بالتعددية وتدريس التاريخ في تعدده وتنوعه، مع الإشارة إلى ميثاق العلماء بالتنصيص على «مراجعة المحتوى الديني للكتب المدرسية». لكن حتى الآن فهذه المراجعة المتعلقة بتدريس الإسلام لم تمتد إلى تاريخ اليهود في المغرب، ناهيك عن إبادة يهود أوروبا من قبل ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية. وفي سنة 2016 تم توقيع اتفاقية شراكة في الرباط بين أرشيف المغرب والنصب التذكاري للهولوكوست لإقامة «تعاون حول جميع المواضيع المتعلقة بتاريخ اليهود واليهودية في بلدان شمال أفريقيا، في مجال البحوث وتبادل الأحداث الثقافية والعلمية»، بيد أنه لم يتم القيام بأي خطوة ملموسة في هذا الاتجاه. وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إنه بعد مرور سنة، وافق المغرب على «اقتراح للعمل مع متحف ذكرى الهولوكوست في الولاياتالمتحدة للتوعية بالمحرقة ومكافحة التعصب»، حيث التقى الأمير مولاي رشيد، حسب الصحيفة، في الرباط بمديرة المتحف سارة بلومفيلد. وقال موقع «لو ديسك» المغربي إن الملك محمد السادس أشار في رسالة موجهة إلى المشاركين في المؤتمر الدولي الثاني حول حوار الثقافات والأديان، في فاس يوم 12 سبتمبر الماضي، إلى أن الحوار بين الثقافات والأديان يتجاوز كونه ترفا فكريا بل هو نهج «يستمد معناه الحقيقي من إيمان عميق، ويتطلب التزاما راسخا، وعملا جادا، وأفعالا وليس مجرد كلمات». وانتقد المرصد المغربي لمناهضة التطبيع احتضان مدينة مراكش لمؤتمر دولي حول «الهولوكوست» مشيرا في في بلاغ له إن مدينة مراكش تشهد نشاطا خادما للصهيونية عبر ما تسمى محرقة «الهولوكوست» يراد منه التغطية على طبيعة الكيان الصهيوني الإرهابية وطمس ذاكرة الأجيال عبر اختراق الأدوات التربوية التعليمية من خلال ما يسمى «برنامج علاء الدين» . وتساءل المرصد إن كان «يمكن لبرنامج «علاء الدين» أن يبين محارق الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة على مدى أكثر من 70 عاما مما وثقته البشرية عبر المنتظم الدولي والهيئات الحقوقية العالمية و الاعلام!». وأضاف أن موعد النشاط «الصهيوني» المدان يأتي في الذكري العاشرة تماما لمحرقة قطاع غزة في ديسمبر 2008 فيما سماها العدو الصهيوني «عملية الرصاص المصهور» عندما قصف الشعب الفلسطيني بالفوسفور الأبيض الذي لم تسلم منه حتى مدارس الأونروا التابعة لمنظمة الأممالمتحدة، حيث سقط الآلاف بين شهيد وجريح وتم تدمير غزة بشكل شبه كلي» وذكر المرصد أن «برنامج علاء الدين» سبق له تنظيم النشاط نفسه في الرباط نهاية 2009 بعد مرور بضعة شهور على «هولوكوست غزة» بتنسيق بين المركز الثقافي الفرنسي الإيطالي في الرباط برعاية (مرة أخرى) من أندريه أزولاي، وأن النشاط إياه عرف ثورة كبيرة قام بها الراحل المغربي اليهودي الكبير إدمون عمران المالح عندما قال إن «الهولوكوست الحقيقي هو ما وقع في قطاع غزة من قبل الاحتلال الصهيوني».