"قانون مكافحة العنف ضد النساء وتوسيع دائرة تجريم التحرش الجنسي" في المغرب، الذي دخل حيز التطبيق في 12 سبتمبر الماضي "يعاقب بالسجن من شهر إلى ستة أشهر، وغرامة من 200 درهم إلى 10 آلاف درهم ، أو بإحدى العقوبتين، كلّ من أمعن في مضايقة الغير في الأماكن العامة أو غيرها من الأماكن، بأقوال أو إشارات أو أفعال لها دلالات جنسية أو لأغراض جنسية، أو عن طريق وسائل مكتوبة، أو إلكترونية، أو هاتفية، أو تسجيلات، أو صور، ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية". وينصّ القانون على "عقوبة حبسية من ثلاث إلى خمس سنوات، وغرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم، إذا كان التحرش مرتكباً من أحد الأصول، أو المحارم، أو إذا كانت للمتحرش ولاية أو سلطة على الضحية، أو إذا كان مكلفاً برعايتها، أو كافلاً لها، أو إذا كانت الضحية قاصراً". مع بدء تطبيق القانون، أوقف فنان تشكيلي ستيني، في مدينة فاس، بعدما اتهمته سيدة بالتحرش جنسياً بها في الشارع العام، ليكون أول مغربي يحاكم بالقانون الجديد. وحادثة أخرى عرفت تداولاً واسعاً شهدها أحد مقاهي مدينة الدارالبيضاء، عندما أدى 3 شبان إيحاءات جنسية أمام سيدة همّت بدخول المقهى لملاقاة زوجها، ليتحول الأمر إلى مشاحنة بين الزوج والشبان، وقررت السيدة رفع شكوى ضدهم. ولاحقاً، رفضت محاولات الصلح للتنازل عن الشكوى، حتى يكونوا عبرة للشبان الآخرين، كما قالت، فلا يتجرؤون على التحرش الجنسي بالفتيات والسيدات. أضافت أنّ القانون الجديد يعطي الحقوق للمرأة، وبالتالي لا مجال لتضييع هذه الحقوق. كذلك، اعتقل شخص في ضواحي إقليمشيشاوة بتهمة التحرش الجنسي بسيدة، قبل أن يطلق سراحه بعدما تنازلت المرأة عن الشكوى، بفضل تدخلات أسرة المتحرش. وتجري متابعة عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العامة، بتهمة التحرش الجنسي أيضاً بإحدى موظفات التعاضدية، داخل مكتبه. وتقول الثلاثينية جميلة، لموقع "العربي الجديد"، إنّه لا يكاد يمر يوم من دون أن يجري التحرش الجنسي بها في الشارع العام وفي الحافلة والترامواي، ويتوزع التحرش بين نظرة ذات إيحاءات بذيئة، أو كلمات بمضمون جنسي، وقد يصل الأمر إلى اللمس في بعض الأحيان. تضيف المتحدثة أنّها تتصدى لمحاولات التحرش الجنسي بكثير من ضبط النفس والصرامة مع الآخرين، حتى باتت في أغلب الأوقات متجهمة الوجه كي لا يقال عنها إنّها سهلة المنال أو تحب التحرش، مشيرة إلى أنّ القانون الجديد سوف يحدّ من هذه الظاهرة المشينة. تعتبر الناشطة الحقوقية فوزية العسولي، في تصريح للموقع، أنّ التحرش الجنسي يستهدف كينونة المرأة وشخصيتها وكرامتها، لأنّ المتحرَش بها في الشارع أو المكان العام إنّما يراها مجرد بضاعة يمكن امتلاكها والتقرب منها بمجرد إلقاء كلمات أو إيحاءات جنسية. تتوسم العسولي الخير في تطبيق "قانون مكافحة العنف ضد النساء وتوسيع دائرة تجريم التحرش الجنسي" من أجل ردع المترصدين بجسد المرأة والعابثين باستقلالية شخصيتها وحريتها في التجول ودخول الأماكن العامة من دون أن تخترقها نظرات وكلمات المتحرشين، منبهة إلى أنّ التحرش الجنسي نتاج ثقافة اجتماعية خاطئة. في المقابل، يحذّر مدير "المركز المغربي لحقوق الإنسان"، عبد الإله الخضري، في حديثه إلى "العربي الجديد"، من تحوّل الاتهامات بالتحرش الجنسي إلى "موضة"، أو إلى رغبة في التشهير بأشخاص بخلفية تصفية الحسابات معهم. يعتبر الخضري أنّ "القانون قد تستغله بعض النساء في سياق الانتقام من الرجال داخل المهنة الواحدة مثلاً، كما أنّ العديد من مظاهر التحرش عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد تعتريها شبهات الفبركة أو التوريط من طرف الغير، خصوصاً أنّ هناك تطبيقات قادرة على تمرير رسائل من أرقام من دون علم أصحابها، فضلاً عن القرصنة المحتملة التي يمكن أن يتعرض لها هاتف المشتبه به". على خطٍ موازٍ، يتساءل خبراء قانونيون، عن التعريف الدقيق لمفهوم التحرش الجنسي: "هل تدخل ضمنه بعض السلوكيات المتداولة بين الشبان، من قبيل تعمّد الشاب السير إلى جانب الفتاة من دون لمسها أو محادثتها، أو إطلاق الصفير، وغيرها من التصرفات؟". بدورها، تشير الناشطة، مريم سموني، إلى أنّ القانون لا يوضح كيفية ضبط التحرش الجنسي داخل مكتب العمل، إذ غالباً ما تكون الموظفة تحت رحمة رئيسها، ويكونان بمفردهما، فضلاً عن إمكانية انتقام الرئيس من موظفته إن هي حاولت فضح التحرش بها. بدورها، قالت "الشبكة المغربية للدفاع عن حقوق الرجال" إنّ "سياق القانون الحالي محكوم بضغوط دولية، فلا أحد يهتم بالتحرش الجنسي الذي تمارسه المرأة ضد الرجل، فهل القانون بإمكانه أن يضمن حقوق الرجل ضد تحرش النساء في الشارع وأماكن العمل؟".