ابتكر العلماء السويسريون رقيقا عصبيا بوسعه قراءة أفكار المرضى المشلولين تماما بعد إصابتهم بأمراض خطيرة أو حوادث مرور. وقال الباحث في جامعة توبنغن الألمانية نيلز بيرباومر: “تحضن هذه النتيجة المذهلة النظرية التي تفيد بأن الإنسان المشلول تماما الذي يعاني من متلازمة الحبس” غير قادر على التواصل مع العالم الخارجي. وقد دلت تجاربنا التي أجرينا على 4 متطوعين مشلولين على أنهم قادرون على الإجابة على أسئلة شخصية كنا قد وجهناها إليهم باستخدام مجرد قوة التفكير. وإذا استطعنا تكرار تلك التجربة فسيكون بمقدورنا إعادة مقدرة الكلام إلى الأشخاص الذين يعانون من خلل في الخلايا العصبية الحركية.
إن ما يسمى ب “متلازمة الحبس” هو محطة نهائية في تطور بعض الأمراض العصبية مثل التصلب الجانبي الضموري (als) أو “مرض ستيفن هوكينغ” ، وكذلك نتيجة لإصابات الدماغ المختلفة أو التسمم أو تعاطي العقاقير الطبية بجرع كبيرة.
وفي حال تطور تلك المتلازمة يفقد الإنسان اتصالا بالعالم الخارجي ويجد نفسه عاجزا عن السيطرة على العضلات وجهاز التنفس. وذلك لسبب خلل في الخلايا العصبية الحركية بالدماغ والحبل الشوكي.
وحاول بيرباومر وزملاؤه من خلال إجراء التجارب على المتطوعين المشلولين الأربعة الذين يواجهون مرحلة أخيرة في تطور التصلب الجانبي الضموري حاولوا فهم ما إذا كان من الممكن إقامة اتصال بهم باستخدام ما يسمى بالرقائق العصبية وجسر “الدماغ – الكمبيوتر” وبصفتها نظاما يحوّل إشارات واردة من الدماغ إلى لغة مفهومة لجهاز الكمبيوتر.
واستخدم الباحثون جهازين، وهما جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، الذي تابع عمل مختلف الأقسام من قشرة المخ والطبقات العميقة من الدماغ، ومطياف الأشعة تحت الحمراء. الذي يسمح بمراقبة مستوى نشاط مجموعات معينة من الخلايا العصبية حسب كمية الأكسجين التي تستهلكها.
واستوضح فريق آخر من العلماء قبل ذلك من خلال مراقبتهم لوظائف الأشخاص الأصحاء أن نسبة تركيز “الهيموغلوبين” في دماغ الإنسان تتغير عند إجابته على أسئلة بسيطة. وإذا كانت الإجابة “نعم” ازدادت حصة “الهيموغلوبين” في الدماغ. أما إذا كانت الإجابة “لا” فيبقى “الهيموغلوبين” كما هو أو تنخفض نسبته.
وانطلاقا من هذا المبدأ ابتكر العلماء برنامجا يقوم بترجمة الإشارات الواردة من الدماغ إلى إشارتي ” نعم” أو “لا”.
وأظهرت التجربة أن المشاركين الأربع استطاعوا التعرف على زوجاتهم وأقربائهم، والإجابة على أسئلة تخص حياتهم الشخصية، وحتى إن أحدهم منع ابنته من زواج من صديقها (ماريو).
وفوجئ العلماء بأن المشاركين في التجربة سعداء ويعتزمون الاستمرار في الوجود على الرغم من اضطرارهم إلى استخدام جهاز تنفس اصطناعي.
وقرر بيرباومر وزملاؤه مواصلة الدراسة في هذا المجال آملين باختراع جهاز سيساعد المرضى في التكلم والتحرك بشكل مستقل.