تشهد بعض دول الخليج، لا سيما السعودية، انتهاكات لحقوق العمالة الوافدة، منها خدمة التنازل عن عاملات منزليات مغربيات عبر مواقع الإعلانات. القطاع يشهد تجاوزات عدة تبدأ من إرسال العاملة إلى ما بعد وصولها "سيارات، أجهزة، عقارات، مواشٍ، حيوانات، وطيور…" وفي البحث عن سلع وخدمات أكثر يمكن العثور على إعلانات حول "خادمة للتنازل" مقابل عشرات الآلاف من الريالات السعودية. تتيح مواقع إعلانات سعودية خدمة التنازل عن العاملات المنزليات المغربيات والآسيويات، بإدراج مهاراتهن في إجادة الطبخ والعناية بالمسنين والصغار وإعداد الطعام المغربي وإجادة التمريض. وتعرض صور لتأشيرات سفرهن إلى السعودية مرفقة بتفاصيل أكثر حول رواتبهن الشهرية من أجل التنازل أو تبديلها بمعنى آخر. فالعاملة المنزلية، غزلان غراس (25 عاماً)، من الرباط مثلاً، تتقاضى 1500 ريال سعودي (400 دولار أميركي)، بينما يكلّف التنازل عنها 16 ألفاً و500 ريال (4400 دولار). حالة أخرى، يُعلن فيها التنازل عن عاملة مغربية عمرها (50 عاماً) لكن "عيبها أنّها حرامية (لصة) ويدها خفيفة" كما يقول الإعلان. هناك إعلانات حول استقدام عاملات مغربيات من الأرياف بعقود عمل مُصدّقة من طرف وزارة الخارجية السعودية. تدخل هذه الإعلانات ضمن الانتهاكات في السعودية والمرتكبة بحقّ العاملات المغربيات والتي تحدث في إطار نظام الكفيل. وتُرصد إلى جانب حالات لضحايا ظهرت قصصهن على مواقع التواصل الاجتماعي مسببة غضباً حقوقياً ومدنياً بالمغرب في السنوات الأخيرة. وكانت آخر هذه الحالات مريم النخيلي التي كانت عاملة منزلية لدى أسرة سعودية تسبّبت لها بكسور خطيرة في الفكّ والأسنان بعد إلقائها من فوق سطح منزلهم. عام 2015، كان المغرب قد علّق بشكل مؤقت التصديق على وثائق المغربيات الراغبات في العمل المنزلي حتى معالجة الملفات في السعودية. كذلك، جاء ذلك بهدف توفير الحماية لهن بعد انتشار فيديو لمواطنة مغربية تقول إن مشغّلتها السعودية تعذبها، وتمنعها من العودة إلى المغرب، وأنّ زوج مشغلتها جردها من أموالها وأخبرها أنّها ستعمل من دون راتب. لا تتوافر إحصائيات أكيدة للحالات التي تتعرض لانتهاكات في دول الخليج، إلاّ أنّ المركز المغربي لحقوق الإنسان (غير حكومي) يتتبع هذه الانتهاكات معتبراً إياها "جريمة من جرائم الاتجار بالبشر"، ويصرّح مدير المركز، عبد الإله الخضري، ل"العربي الجديد" أنّ "وزارة الخارجية ملامة لتقاعسها عن التحقيق في هذه الجرائم التي تقع ضحيتها المغربيات الباحثات عن عمل ومصدر رزق". يطالب وزارة الخارجية والنيابة العامة ووزارة العدل المغربية بالتحرك "لحماية المغربيات من جريمة متسلسلة، أطرافها شبكات متخصصة بتهجير الفتيات من المغرب بداعي العمل في بعض الشركات ومؤسسات الخدمات الاجتماعية، ولا تخضع هذه الشبكات التي تأخذ شكل مكاتب خدمات وهمية للمراقبة أو المحاسبة". يتابع أنّ "احتمال تزوير الوثائق الرسمية أو وقوع ممارسات غير قانونية للوصول إلى دول الخليج واردة الوقوع". وقد زاد "صمت وتهاون مؤسسات الدولة تجاه تلك الشبكات التي تعمل براحتها في مدن مغربية مثل طنجة والدار البيضاء ومراكش وأغادير إلى ارتفاع عدد حالات الانتهاكات للعشرات خلال السنتين الأخيرتين خصوصاً في البحرينوالإمارات والسعودية" التي يعتبرها الخضري بؤر التوتر الأكثر خطورة، بعدما "ظهرت فيها حالات تتحدث عن سجنها والاعتداء عليها جنسياً وجسدياً عبر مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي". يؤكد الخضري أنّ "المركز لا يتوفر على إحصائيات دقيقة لحالات الانتهاكات، بينما تصل إليه طلبات مؤازرة ومعلومات لحالات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما يستدعي مراسلة الحكومة ووزارة الخارجية". يشير إلى حالات تدخلت فيها الدولة وجرت إعادة أصحابها إلى المغرب. من جهتها، أفادت الوكالة الوطنية للتشغيل وإنعاش الكفاءات "أنابيك" التي تعتبر مؤسسة الوساطة الرسمية للدولة، أنّها جهة توفر اليد العاملة التي تطلبها أغلب دول الخليج قانونياً لتفادي هضم حقوقهم. في هذا الصدد يقول طاهر حنين، المدير الجهوي ل"أنابيك" بطنجة ل"العربي الجديد" إنّ "عروض العمل في دول الخليج تمرّ عبر السفارات المغربية، وأغلب هذه العروض هي في قطاع البناء والسياحة والأمن". يشير إلى أنّ "الوكالة لا تتدخل بأعمال القطاع الخاص غير المنظم" وتوفر مكاتب لتتبع شؤون العمالة المغربية في الخليج. مكاتب منظمة ومرخصة وأخرى وهمية تقدم خدمات لتوظيف المغاربة في دول الخليج، ويعمل فيها سماسرة. يمكن الوصول بسهولة لهؤلاء عبر الإنترنت، أما مكاتبهم فهي وهمية، بينما لدى المكاتب المرخصة عناوين وفروع بمدن مغربية مختلفة. في هذا الإطار، تواصلت "العربي الجديد" مع أحد هذه المكاتب في الرباط، وأكدّ أحد العاملين فيها بعد رفض الكشف عن اسمه أنّ مكتبهم مرخص من وزارة العمل، إذ يقدم الباحثون عن عمل في دول الخليج مبلغاً مالياً للمكتب بحسب الراتب الذي سيتقاضاه ومدة عقد عمله. يشير إلى أنّ "المكتب يعفي الفتيات الراغبات في العمل بالسعودية من هذه الرسوم". ويضيف أنّ لمكتبهم "فرعاً في الإمارات يمكن أن يساعد في حلّ مشاكل العاملين المغاربة العالقة مادياً وقانونياً". في اتصال ل"العربي الجديد" مع أحد السماسرة، يؤكد أنّ "الذهاب إلى العمل في الإمارات يستوجب توفير 20 ألف درهم (2000 يورو) لقاء إيجاد وظيفة مناسبة، أما في السعودية فلا يتجاوز المطلوب 800 يورو". وعند السؤال عن مكتبه إن كان مرخصاً، يجيب: "هو شبه مكتب… أعمل أكثر عبر الهاتف والإنترنت". المصدر: العربي الجديد