في الوقت الذي يطغى فيه على عنواين الصحف الفرنسية خبر إحالة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك إلى المحاكمة، بتهمة منح "وظائف وهمية" عندما كان عمدة لباريس، ينتظر الجميع يوم الخميس صدور الجزء الأول من مذكرات شيراك بعنوان "كل خطوة يجب أن تكون هدفا"، عن دار نشر "نيل"، والذي يروى فيه قصة حياته حتى ليلة توليه الرئاسة في 1995. تقول صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية والتي حصلت على نسخة من الكتاب، إنها كانت تخشى أن يكون ما ورد في الكتاب مجرد معلومات مضجرة، إلا أن شيراك "اللغز" تقول صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية والتي حصلت على نسخة من الكتاب، إنها كانت تخشى أن يكون ما ورد في الكتاب مجرد معلومات مضجرة، إلا أن شيراك "اللغز" كما قالت عنه يوما ابنته، شيراك الذي لا يستخدم الكلمات القاسية إلا فى دائرة أقرب المقربين له، قد قرر إطلاق العنان لأسراره. فقد تحدث فى هذا الكتاب كما لم يتحدث من قبل، سواء على المستوى السياسي، حيث يصفى حساباته مع منافسيه الأبديين، فاليري جيسكار ديستان وإدوار بالادور، أو على المستوى الشخصي والعائلي. من جانبها تقول صحيفة "لوفيغارو" إن هذا الكتاب يعد شهادة رائعة على تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة من جانب رجل من أهم رجالها. هذا الرجل الذي كان دائما يتمسك بالسرية التي تكتنف حياته الخاصة، ها هو يتحدث اليوم عن مشاعره لأول مرة فيما يخص مأساة حياته، وهى مرض ابنته لورانس التي تعانى فقدان الشهية المرضى. كما يكشف جاك شيراك في هذا الكتاب أيضا عن طفولته وأحلام شبابه. ويرسم شيراك في مذكراته صورة لجميع رؤساء الجمهورية. فهو يعرب عن إعجابه بالجنرال ديجول، وحبه وتقديره لجورج بومبيدو، والده في السياسة، ويكشف عن علاقته الصعبة مع فاليري جيسكار ديستان، الذي قال إنه كان يؤيد انتخابه في 1974، ولكن ديستان لم يترك له وسيلة لممارسة منصبه بهدوء كرئيس للحكومة. وقد بدا شيراك متسامحا في حديثه عن فرانسوا ميتران، الذي يقدر لديه "دقة الحكم على الأمور" و"ذكاءه التكتيكي" و"حبه لفرنسا الذي لا جدال فيه". أما الرئيس نيكولا ساركوزي، فيمر شيراك سريعا في الحديث عنه، إذ ربما يجب انتظار صدور الجزء الثاني من مذكراته لمعرفة رأيه فيه، كما تقول صحيفة "لوباريزيان". ورغم من انتظار الجميع بفارغ الصبر منذ شهور للحظة صدور هذا الكتاب، تقول صحيفة "لوفيغارو" إن شيراك يستعد لصدور هذه المذكرات في سياق لم يكن بالتأكيد يحلم به. إذ يصدر هذا الكتاب بعد أيام قليلة من إحالته للمحاكمة في قضية وظائف وهمية عندما كان عمدة لمدينة باريس. ويقول جاك شيراك من جانبه إنه يتقبل هذه المحنة بنوع من "الصفاء"، وإنه سيقدم إلى المحكمة الدليل على أنه لم يكن على رأس "نظام" يخدم طموحاته للوصول إلى الرئاسة. مقتطفات من الكتاب نشرت صحيفة "لوفيغارو" على موقعها الإلكتروني بعض مقتطفات مما قاله الرئيس السابق جاك شيراك في مذكراته عن زوجته برناديت شيراك، ومرض ابنته لورانس، والرئيس العراقي صدام حسين. فقال عن زوجته برناديت شيراك : "برناديت صريحة ويمكن أن تكون آراؤها حادة، وأحيانا أكثر من اللازم، وبخاصة عندما تتعلق تلك الآراء بي. لكن آراءها ونصائحها وانتقاداتها أظهرت لي في كثير من الأحيان القرارات التي كان يجب على اتخاذها، والرجال الذين كان يمكن أن أمنحهم ثقتي وأولئك الذين كان يجب على الابتعاد عنهم. إن حدسها وقدرتها على الاستماع وحسها السياسي وخبرتها في جميع الأوساط، غالبا ما تجعلها على حق قبل الجميع، بما في ذلك أنا نفسي". وقال عن ابنته لورانس : "في الخامسة عشرة من عمرها، كانت فتاة على درجة كبيرة من الجمال ونشيطة ورياضية واجتماعية. وقد تغير كل شيء في حياتها كما تغير في حياتنا (...). قد يكون هذا المرض مرتبطا، كما قال الخبراء، بالحرمان الذي شعرت به الفتاة في سن مبكرة في علاقتها مع والدها. ألم أكن حاضرا بما يكفى بالنسبة لها؟ هل عانت كثيرا من هذا الأمر دون أن أشعر أنا به بما فيه الكفاية؟ تلك هي الأسئلة التي طرحتها حتما على نفسي". وقال عن صدام حسين: "هذا الرجل يبدو بالنسبة إلي ذكيا، لا يخلو من حس الفكاهة، باختصار كان لطيفا. كان يستقبلني في منزله، ويعاملني كصديق شخصي له. ويبدو جليا دفء ضيافته (...). وبعد سنوات عندما علمت بجنون القمع الذي سيطر على هذا الديكتاتور، قطعت نهائيا أي اتصال شخصي معه. إلا أن هذا لم يمنعني من الإصابة بصدمة بسبب المصير النهائي الذي وصل إليه، طريقة الموت تلك التي دبرت له بنفس الهمجية التي كان قد سبق واتهم بها".