مما استفدناه من علمائنا المحررين لمواضع النزاع، قولهم في كثير منها: "في المسألة تفصيل"! نعم .. كثير من مسائل الخلاف، تحتاج إلى التفصيل والبيان .. ?وثنائية الأبيض والأسود، التي لا تعترف: ?بوجود ألوان أخرى زاهية جميلة، تتيح ما لا تتيحه سذاجة الأبيض، وتبتعد عن عبوس الأسود؛ ?ولا بالرمادي الذي – إن لم يكن خيرا من الأبيض – فليس شرا من الأسود؛ ?ولا بالذي قد يكون أبيض في حال، وأسود في غيره، بحسب اختلاف المقامات .. هي ثنائية تقتل الأفكار، وتهدم الإبداع، وتحصر العمل في قوالب جاهزة لا ابتكار فيها .. ?وخذ هذه النماذج لثنائيات رأيتها متفشية في الناس خلال السنوات الأخيرة: ✔حين أتحدث عن أهمية العلم وتحرير دقائقه، فلا يعني ذلك أنني أدعو للجمود وترك العمل .. ✔حين أعتني بشأن الدعوة إلى الله، فليس لأنني أقلل من شأن الجهاد وإنكار المنكر .. ✔حين أنتقد الديمقراطية من خلفية شرعية، فلا يعني ذلك أنني أحبذ الظلم والجور السياسي .. ✔حين أنتقد المشاركة السياسية البرلمانية، فليس ذلك لأنني أدعو لمنابذة المجتمع وترك المدافعة المشروعة .. ✔حين أنتقد تعظيم الحرية المطلقة على حساب الشريعة، فلا يقتضي ذلك أنني أدعو إلى الظلم والقهر والعبودية للمخلوقين .. ✔حين أنتقد بعض إخواني لإصلاح مسيرتهم، فلا يلزم من ذلك أنني اصطففت مع أعدائهم – وهم أيضا: أعدائي – في خانة واحدة .. وقس على هذا غيره، وهو كثير جدا. فكر الثنائيات الذي لا يقبل التفصيل، ويضيق بالبيان الطويل، يلائم الجهلة، ويناسب المبتدئين .. لكنه اليوم صار آفة منتشرة بين الخاصة والعامة! والله الهادي.