هوية بريس – د. رشيد بنكيران يطلق مصطلح "إرهابي" ويفيد معاني مختلفة وأحيانا متناقضة، وهذا لا يعني أن هذا المصطلح من قبيل اللفظ المشترك كلفظ العين مثلا، وإنما تنوعت دلالات مصطلح "إرهابي" بحسب المتكلم ومرجعيته التي يستقي منها مفاهيمه وتصوراته وتصديقاته، ومن المستعملين لهذا المصطلح المسلمون، وهم طبعا مشارب وفرق، ولكن يبقى مدلول مصطلح إرهابي لدى الشريحة العظمى من المسلمين -علماء ودعاة، وساسة ومفكرين، وإعلاميين والجمهور- أنه يعني: – من وقع في تكفير المسلمين دون ضوابط شرعية، والذي أصبح يطلق عليه اليوم تكفيري؛ – من اختار العنف وحمل السلاح في فرض رؤيته ومشروعه الإصلاحي، حسب زعمه، دون وفاق من أمته ومجتمعه أو ولي أمره؛ – من تلطخت يده بدماء الأبرياء مهما كانوا بدعاوى الجهاد على خلاف منهج الشرع. إذا تقرر مدلول المصطلح حسب ما تقدم بيانه، فهل منظمة حماس إرهابية؟؟ وهل جماعة "الإخوان المسلمون" إرهابية؟؟ لا يمكن للمنصف الذي يخشى لقاء ربه، وتبصر بالواقع، ويحترم نفسه وعقول المسلمين إلا أن ينفي الإرهاب عن هذين الفئتين نفيا لا يحتمل معه شك، أقول هذا الكلام مع استحضاري ما نسب إلى جماعة "الإخوان المسلمون" من وقوعها في التكفير في بعض مراحلها، ولكن الحقيقة أن منهج التكفير لم يكن أبدا منهجا لها، وإنما دفعت إليه إن صح ذلك عنها، ولكن اليوم يقينا أنهم ليسوا تكفيريين، فقد صرحوا برفض التكفير، وعملهم على الأرض يؤكد ابتعادهم عنه. أما منظمة حماس فلا داعي للمزايدة عليها في هذا الباب، فهي ترفع السلاح في وجه الغاصب المحتل، وتتحمل عبء الواجب الشرعي الذي يقع على جميع الأمة المسلمة في مدافعة العدو الصهيوني. وإني أخشى أن يأتي يوم ، إذا ما تبلد الفهم لدى المسلمين وترسخ مصطلح الإرهاب دون ضوابط له، أن يأتي يوم يتبرأ فيها المسلمون من المفاهيم الصحيحة للجهاد كما دل عليه القرآن الكريم و السنة النبوية الصحيحة وطبقه الخلفاء الراشدون، لأنه هناك سعي حثيث في إلباس الجهاد الشرعي معنى المنحرف للإرهاب، وقد بدت لوائح هذا تظهر لدى بعض كتاب الخليج، فكتب أحدهم يعتذر للشرق والغرب عن الفتوحات الإسلامية بدعوى أنها من الإرهاب. ولهذا أيها المسلم لا تحسبن أن إطلاق وصف الإرهاب على جماعة "الإخوان المسلمون" أو منظمة حماس بأنه ظلم في حقهما فحسب ويقتصر عليهما، بل الأمر سينسحب على الدين باعتبار أن ما وصفوا بسببه قد أذن فيه الشرع. ومن باب دفع التهم الجاهزة، فأنا لست من جماعة "الإخوان المسلمون" ولا أدعو إلى الانتماء إليها ولن أدعو، ولا ارتباط لي كذلك بأي شكل من الأشكال بمنظمة حماس، وإنما انا داع إلى الله ولا أنتمي إلى أي حزب أو جماعة متحزبة.