هوية بريس – الجمعة 02 ماي 2014 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد؛ فهذا نِدَاءٌ عاجل، ورسالة موجّهةٌ إلى كل إنسان تُحَدِّثُهُ نفسه بالانتحار، أقول له: تمهّل يا من هانت عليه نفسه! أَعِرْنِي سمع فؤادك! وافتح لي قلبك! ولو لحظات… أَمَا بَلَغَك أنّ الله حرّم قتل النفس بغير حق فقال سبحانه: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} (الإسراء:33)؟! ولا فرق في الحرمة بين نفسك ونفس غيرك. ألم تعلم أن استحلال قتل نفس واحدة كاستحلال قتل الأنفس كلها؛ لأنه لا فرق بين نفس ونفس؟! قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} (المائدة:32). أما عَلِمْت أن قتل النفس من أعظم الذنوب بعد الإشراك بالله؟! ولهذا ذكره الله بعد الشرك، فقال في وصف عباده: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (الفرقان:68)، وقال صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ العَبْدُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا» (أخرجه البخاري:6268). هل فكرت قبل الإقدام على فِعْلَتِكَ، وتساءلت: هل بك من طاقة على تَحَمُّل عذاب النار؟ قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيما، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيراً} (النساء:29-30). أتحب أن تخرج من هذه الدنيا بلعنة الله وغضبه: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (النساء:93). أظنك ستقول لي: لقد نفد صبري، ولم أعد أتحمل حالي وواقعي؛ أريد أن أرتاح مما أنا فيه. فأقول لك: ماذا لو علمت أنّ ما ينتظرك بعد الانتحار أشد مما أنت فيه؟ إذا كنت عاجزا عن تحمل واقعك فكيف تصبر على ما هو أشد منه؟! فَكّر قبل أن تقدم على خطإ لا يمكن تصحيحه. – هل تعلم ما ينتظرك بعد الموت؟ – هل تدري بماذا ستفاجأ بعد قتل نفسك مباشرة؟ – اسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» (متفق عليه). – أرجو أن تكون قد وعيت كلامي جيدا، فإياك أن تفكر في الانتحار، فإنه يزيد من عنائك ولا ينقصه. – شطب على فكرة الانتحار من ذهنك نهائيا؛ واحذف هذا الخيار من خياراتك؛ لأنه بكل بساطة: ليس حلاًّ لعنائك، ولا مخرجا من ضيقك. – فأعلنه شعارا لك أبدا ما حييت: «لا للانتحار». – ولا تيأس من روح الله {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف:87). – ولا تقنط من رحمة الله {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} (الحجر:56). – فإن قلت لي: ما الحل إذاً؟ . فالجواب: ليس لك خيار إلا الصبر، وأبشر بثواب لا يخطر لك على بال، وبأجر بغير حساب، قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر10). . لا خيار لك إلا حسن الظن بالله، وترقب فرج قريب من رب رحيم، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (الشرح5-6)، ولن يغلب عسر يسرين، ودوام الحال من المحال. واعلم {أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْر، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْب، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا} (صحيح الجامع 6806). . لا خيار لك إلا حسن التوكل على مولاك، واليقين بكفايته، فإنه من توكل عليه كفاه، {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق:3). . كن لله عبدا يكفيك ما أهمك: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (الزمر:36). . لا خيار لك إلا الدعاء والتضرع لمولاك بالأسحار: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ! بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ» (صحيح الجامع 1913).