بسم الله الرحمن الرحيم , و الصلاة و السلام على خير خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم , و أبدأ بالذي هو خير , (فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) . وأما بعد : فبعد بحث قمت به حول ظاهرة الانتحار , اتضح لي أن السبب الرئيسي في الانتحار هو : الأمراض النفسانية و خصوصا الاكتئاب منها , لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما سبب هذا المرض الخطير ؟ فبعد التحليل الموضوعي للظاهرة ، اتضح لي أن الأسباب الرئيسية في الاكتئاب هي المشاكل الاجتماعية و خصوصا البطالة و الفقر , ويمكن تفسير هذا ، بأن المنتحر تكون له مسؤولية كبيرة و تكمن هذه الأخيرة في الإنفاق اليومي على الزوجة و الأولاد ، أو الرغبة في الحصول على المال من أجل الزواج أو أن شخص له شهادات ولم يحصل على وظيفة , ... الخ , وما يؤكد هذا هو أن الذكور هم الأكثر انتحارا لأنهم هم الذين يحملون المسئولية الأكبر في الإنفاق في الحاضر أو المستقل . أخي يتضح لنا أن الفقر و البطالة هما لب الأسباب التي تؤدي للانتحار . و لكن ألا يوجد دواء لهذه المشاكل الاجتماعية ؟ إننا نحن المسلمين , نؤمن بأن ما انزل الله من داء إلا و انزل له دواء ودواء هذه المشاكل و غيرها هو مراجعة النفس و الإيمان بقضاء الله وقدره, وبأن الله هو الرزاق و هو الفتاح. و اعلم أن الله يعلم بما تعيشه وبما تعاني , واعلم أن الله هو الرحمان الرحيم. و اعلم آن هذه الدنيا ليست بدار قرار . واعلم أن الله حرم الانتحار, في قوله اعز من قائل » وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا « و أكد على تحريم الانتحار, و كذلك تبيين عقابه يوم القيامة , فرسول الله الذي لا ينطق على الهوى في قوله : فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ) . وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 ) . وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ومسلم ( 113 ) وأختم كلامي بنصيحة إلى كل من فكر أو يفكر أو سيفكر في الانتحار :