كم تُسنفز أيها الوطن ، لكنّك تصرّ أن تكون حليما.. عفوا ذليلا!! لا شيء يحرك المواجع كصور "الحكرة" حين تمارس على فئات مقهورة من الشعب، فئات اختارت الشرف لها عنوانا، فئات تأبى أن تنصاع وراء تيار الانحراف، وتتمسك بحقها في شق طريقها بالحلال، وأمثال هؤلاء ينبغي أن تُفتح لهم كل الأبواب المغلقة لا أن توصد لهم الأبواب التي فتحوها بكدّهم وبشق الأنفس. حادثة الأخ "محسن" تعيد للأذهان الممارسات السلطوية المتعنتة التي تُمارسها السلطات الأمنية ضد التجار الصغار الذين لا يجدون بُدّا من افتراش الأرض للبحث عن قوت حلال لهم ولمن يعولونهم. حالات إنسانية عديدة شردّها الشطط في استعمال السلطة، والعنجهية في التعامل مع المواطن وكأنه عبدٌ من عباد الوطن لا إنسان يمتلك حقوق مواطنته كاملة. لا تطلب من مواطن "مقهور" أن يحب وطنه.. ولا تتوقع من مواطن "مقهور" أن يدافع يوما عن وطنه، ولا تتخيل في ذهنه أمنية غير الدمار لهذا الوطن الذي "يطحن" مواطنيه، ولا يعبأ إلا بعِلية القوم وأرباب الأموال والنفوذ. "طحن مُّو"، كلمة تفوّه بها رجل السلطة، وأعطى بها "الفرمان" للإجهاز على "محسن" الذي طاش عقله وهو يبصر رأس ماله "5 طن من السمك" تُلقى في حاوية الأزبال، فلم يجد بُدّا من اللحاق بها، غير أنّ الوحوش أبت إلا أن تفترسه وتسحقه، وتسحق معه أسرة بكاملها.. بل تسحق كل مواطن لا يجد في هذا الوطن متكأ يُشعره بآدميته وإنسانيته. إلى متى سيظل شرفاء الوطن يدفعون ثمن استقراره، ولصوصه يتمتعون بهذا الأمن والاستقرار؟ إلى متى سيظل هذا الشطط يُمارس على بسطاء التجار، و"الحيتان" تسبح بالداخل والخارج دون حسيب ولا رقيب؟ ألا لا تسألاني ما دهاني…فعن أيّ الحوادث تسألانِ بكيتُ وما على نفسي ولكن..على وطن مُضام مستهان على وطن عجيف ليس يقوى…على نُوَبٍ مسلسلة سمانِ (الأبيات الأخيرة لأحمد مطر).