دار سجال مرّات عدة الاثنين بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والقاضي خلال جلسة محاكمته في قضية احتيال مدنية في نيويورك تهدد إمبراطوريته العقارية. وقال قاضي محكمة نيويورك العليا آرثر إنغورون للرئيس السابق "هذا ليس تجمّعا سياسيا" بعدما طلب منه إبقاء إجاباته مختصرة. وأضاف "رجاء، أجب على الأسئلة فحسب، من دون خطابات"، قبل أن يتوجّه بالحديث إلى أحد محامي الرئيس السابق كريستوفر كايز قائلا له "اضبط موكلك". واشتكى ترامب الذي يعد أول رئيس أميركي سابق يمثل أمام المحكمة كمتّهم منذ أكثر من قرن، في شهادته ممّا وصفها ب"محاكمة مجنونة.. وغير منصفة إلى حد كبير" يقف خلفها الديموقراطيون الذين "يلاحقونني من 15 جهة مختلفة". وأدى ترامب (77 عاما) الذي حضر مرتديا بزة باللون الأزرق الداكن مع ربطة عنق والعلم الأميركي على ياقته، القسم بعد وقت قصير من الساعة العاشرة صباحا (15,00 ت غ) لبدء شهادته. وترامب متّهم إلى جانب نجليه دونالد جونيور وإريك ورؤساء تنفيذيين آخرين في "منظمة ترامب" بتضخيم أصول الشركة بمليارات الدولارات للحصول على قروض مصرفية وعقود تأمين بشروط أفضل. وفي شهادته التي أدلى بها تحت القسم، رفض ترامب الاتهامات بأن بيانات الشركة بشأن وضعها المالي كانت زائفة، وقال "لم تكن حقا وثائق توليها المصارف الكثير من الاهتمام". وأضاف أن قيمة "علامة ترامب التجارية" لم تؤخذ في الحسبان أيضا عند تقدير قيمة أصوله العقارية. وقال في ردّه على كيفن والاس، المحامي من مكتب المدعية العامة في نيويورك الذي رفع القضية، "أصبحت رئيسا بفضل علاماتي التجارية". وقبل حضوره الجلسة، تحدّث ترامب الذي يعد المرشح الأوفر حظا للفوز بتسمية الحزب الجمهوري لانتخابات 2024 الرئاسية إلى الصحافيين خارج قاعة المحكمة حيث ندد بالقضية باعتبارها "تدخلا في الانتخابات". وأضاف "إنه وضع مؤسف للغاية.. تحدث هذه الأمور عادة في بلدان العالم الثالث وجمهوريات الموز". – "الأرقام لا تكذب" – وقالت المدعية العامة لولاية نيويورك ليتيشا جيمس للصحافيين قبل وصول ترامب، إن الرئيس السابق "أساء بشكل متواصل تقييم أصوله وضخمها". وقالت "إنني واثقة قبل مثوله بأنه سيبدأ بتوجيه الإساءات والتعليقات الساخرة والملاحظات العنصرية وسيعتبر كل ذلك حملة شعواء.. لكن في نهاية المطاف الأمر الوحيد الذي يهمّ هو الوقائع والأرقام.. والأرقام لا تكذب". هاجم ترامب المدعية العامة المتحدرة من أصول إفريقية مرارا متهما إياها ب"العنصرية"، كما وصف القاضي بأنه "مختل" و"يساري متعصّب كاره لترامب، وعميل للديموقراطيين". وردّ القاضي بفرض غرامتين على ترامب، الأولى بقيمة 5 آلاف دولار والثانية بقيمة 10 آلاف دولار، لانتهاكه أمر حظر النشر الجزئي المفروض عليه، بعدما هاجم كاتبة المحكمة على مواقع التواصل الاجتماعي. ويمثل ترامب أمام المحكمة بعدما مثل أمامها ابناه دونالد جونيور وإريك الأسبوع الماضي وحمّلا المحاسبين مسؤولية أي أخطاء وردت في بيانات الشركة المالية. وتفيد "واشنطن بوست" بأن آخر رئيس سابق أدلى بشهادته علنا كمتهم كان ثيودور روزفلت في محاكمة ترتبط بالتشهير عام 1915. خضع ترامب لجلستي استماع مغلقتين خلال التحقيق في هذه القضية. – الأولى من بين عدد من المحاكمات – لا يواجه ترامب ونجلاه خطر السجن، ولكن قد تفرض عليهم غرامات تصل قيمتها إلى 250 مليون دولار إضافة إلى احتمال إطاحتهم من إدارة الشركة العائلية. وحتى قبل المرافعات الافتتاحية، قضى إنغورون بأن مكتب جيمس قدّم "أدلة قاطعة" على أن ترامب بالغ في تقدير أصول المجموعة في الوثائق المالية بمبلغ قدره ما بين 812 مليون دولار و2,2 مليار دولار بين العامين 2014 و2021. نتيجة لذلك، أمر القاضي بتصفية الشركات التي تدير هذه الأصول، مثل برج ترامب و40 ناطحة سحاب في مانهاتن. بقي هذا الحكم معلّقا في انتظار الاستئناف، لكن في حال إثباته وتنفيذه، سيخسر ترامب السيطرة على قسم من إمبراطوريته العقارية. ورغم عدم توجيه أي اتهامات في القضية لابنته إيفانكا التي غادرت منظمة ترامب عام 2017 لتشغل منصب مستشارة للبيت الأبيض، إلا أنه صدر أمر لها للإدلاء بشهادتها في موعد أقربه الأربعاء على الأرجح. تعد محاكمة الاحتيال المدنية واحدة من عدة معارك قانونية يواجهها ترامب فيما يسعى لاستعادة الرئاسة. وفي مارس، سيواجه ترامب الذي عُزل مرّتين عندما كان في السلطة، محاكمة في اتهامات بأنه تآمر لتغيير نتيجة انتخابات 2020 التي خسرها لصالح الرئيس جو بايدن.