يسعدني بل يشرفني أن أكتب عن عَلم المغرب البارز، ومِشعلها المضيء، السيد المفضال الشيخ الرباني الفريد فريد الأنصاري عليه رحمة رب العالمين. وبعد فإن للإخلاص علامات تُوجد ولا يُرى، وتشم ولا يلمس، كالعطر نجد أثره ولا نراه، أو قل كالهواء النسيم، وهذا هو الحال مع كتب الشيخ ودروس الشيخ بل وحياة الشيخ، فمن قرأ له كتابا أو سمع له مقطعا ولو مقتطفا يجد طعما غريبا يقول له هذا كلام قلب لا كلام لسان، رجل ما عاش لنفسه أو بنفَسه، بل عاش بالقرآن وللقرآن ودونكم مشروعه المشيد الفريد "من القرآن إلى العمران" فهو كسيرة ذاتية للشيخ تقول: لا حياة بدون قرآن، فمن أراد الحياة فهنا حيث الروح "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا…". وأنا حينما أذكر الآية أو أقرأها أو أسمعها أجد صوت الشيخ بها يقرع سمعي بل وينقش على قلبي، فما أجملها من سيرة سار بها وما أعظمه من تاريخ سطر، تاريخ مجالسه القرآن، وقناديله الصلاة، و مشاريعه القلم، وخواصه معالي الهمم، وأنا إن حاولت الكتابة فحالي حال نهر يرش بالبحر، فانظر لنُهير في عُباب إن رأيتها، وما حال المتنقصين إلا كحال أبي لهب -في تنقصه- من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سار ذكر الحبيب بالمجد والرفعة ودام القرآن يردد هجاءه "تبت يدا أبي لهب وتب…" بل ويترنم بها الصبيان على مرّ الأزمان، وما الخبر كالعيان. أقول -وقلبي بحب الشيخ -لحبه القرآن- يكاد ينشق عنه الجسد فيطير- والله وبالله لقد خط الشيخ طريقه بالإخلاص -نحسبه والله حسيبه- ومن خط سيره بالإخلاص كان من أهل الخلاص، و كيف لمن عمله قلبي أن يطاله عمل اللسان، تفنى الألسن وتذوب، وتبقى القلوب لعلام الغيوب، "إلا من أتى الله بقلب سليم" جعل الله الشيخ من سِلم قلبه ببركة القرآن. وأعيد وأأكد وبهذا أختم هذه الأحرف القلائل، لا يتنقص من الشيخ إلا صغير يحاول الوصول على ظهره، أو مريض يحسب الشفاء في رمي النبلاء، فحسبه من ظنه المرض، ومن تطاوله الحرَض، وصدق من قال: لكل داء دواء يستطب به***إلا الحماقة أعيت من يداويها. والله المستعان، وعليه التكلان.