ليس كل خلاف جاء معتبرا، ومنه القول باستلحاق ولد الزنا، وإثبات نسبه من أبيه البيلوجي. هذا من منكر الاقوال ولو قال به ثلة من الأخيار، وذلك لأنه مناقض لمقصود الشرع في تحريم الزنا، ويكر على مقصوده بالإبطال والتناقض. ومن الجلي الواضح: أن الشرع الإسلامي أراد محاصرة هذه الجريمة الشنعاء، وأراد الحفاظ على نقاوة الأنساب، وأن يظل إثباتها حكرا على الزواج، وإلا لزم القول بمساواة النكاح للسفاح. وكل ما يساق من الأدلة التي ظاهرها جواز الاستلحاق لا تنتهض لمعارضة هذا الأصل الذي مضى عليه (العمل) في جميع أقطار الإسلام منذ عصر النبوة إلى اليوم، لم يخالف في ذلك حتى أولئك الذين نسب اليهم القول بالجواز. وقاعدة الشرع: أن النهي يدل على فساد المنهي عنه، وأن ما أبطله الشرع لا تترتب عليه آثاره، ولذلك لا يثبت الملك بالسرقة والغصب، ولا يصح بيع ما لا يملكه البائع، وما أشبه ذلك. وبعض الباحثين المعاصرين تأثروا بعالم العهر الذي يحاصرهم من كل الجهات، فراموا ترجيح هذا الرأي المغمور الذي لا يُعرف العمل به في أي جهة وفي أي بلد، وحشدوا لذلك مجموعة من النظريات العاطفية التي لا يقوم بمثلها فقه ولا حكم، ضاربين بمذهب مالك والجمهور عرض الحائط. هذا وأسباب الترجيح الأصولية والمقاصدية كلها كائنة في قول الجمهور القاضي بتحريم ومنع وإبطال استلحاق ولد الزنا بأبيه الفاجر، وإبطال ما وراء ذلك من آثار النسب الصحيح، مثل التوارث، والمحرمية، والنفقة، والولاء الخ.