بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أحبابي الكرام: وجاءت أيام الغنيمة. التي لا تدانيها قيمة. أيام الارتقاء إلى عوالم النور والسرور. كيف لا وقد أخبر سيد الصادقين. أن العمل الصالح فيها أحب إلى الله من الجهاد في سبيله. الجهاد الذي هو ذروة السنام. تفضله الأعمال الصالحة في هذه الأيام. قال صلى الله عليه وسلم (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال :ولا الجهاد في سبيل الله. إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)، وقال صلى الله عليه وسلم (أفضل أيام الدنيا. الأيام العشر)، أي فضل هذا؟ إنه العطاء السني الذي لا يضيعه إلا غافل أو محروم. ولا يغتنمه إلا حاضر ومرحوم. فاستغلوها معاشر الأكارم. فإنها والله من أعظم المغانم. وهل الدنيا إلا لحظات طاعة يذوق فيها العبد لذة الاقتراب. ويتخلص فيها من أسباب التباب. ويستعد ليوم المآب. والمتأمل اللبيب. في حديث الحبيب. صلى الله عليه وسلم. يجد أنه صلى الله عليه وسلم حث المسلم على العمل الصالح. والعمل الصالح عنوان لمجموعة من الطاعات والقربات. واجتناب لكل المعاصي والمخالفات. فالصلاح يكون بالفعل والترك. فعل المأمور. وترك المحظور المحذور. بل إنه لا يعرج العبد في مدارج السالكين حتى يتخلى عن المعاصي والآثام. ذلكم لأن الترك أشق. فمن ترك كان بالعروج أحق. فلا تحلية. دون تخلية. فاغتنموا هذه المنحة الربانية الكريمة. التي تتدفق بالبركات والخيرات العميمة. وتجعل المؤمن قريبا من منابع العطايا. حقيقا برضى رب البرايا. نوعوا الأعمال. من صلاة وصلات. وبر وصدقات. وذكر وزكوات. وصيام تعلو به الدرجات. ضاعفوا فيها من حصة تعاطيكم مع القرءان. تلاوة وتدبرا. ومن استطاع أن يختم فيها القرءان فذلك خير كبير. وفضل غزير. وحصلوا الارتواء من حياض الذكر. فإنها حياض الطهر التي تقرب من الله زلفى. فروى القلب ذكر الله. فيا سعد من استسقى. وقدم للتي هي خير وأبقى.وطوبى لمن أدمن الذكر واستكثر. ولذكر الله أكبر. أكثروا فيها من الصيام فإنه لا عدل له. وأفضل أيامها صوما يوم عرفة. فإن فيه تكفير ذنوب سنتين. ماضية وآتية. وهذا فضل عظيم. من رب كريم. يدعو إلى دار السلام. ويهيئ أسباب دخولها لمن خضع من الأنام. أما الصدقة فإنها عروس الأعمال. يقبلها الله ويربيها. ويضاعفها لأصحابها وينميها. فقد قال الفاروق الملهم سيدنا عمر رضي الله عنه (تباهت الأعمال فقالت الصدقة أنا أفضلكم)، فتفقدوا الأرامل والأيتام. وما أجملها لو أعنتموهم على شراء الأضحية. فإن ذلك من أكبر أسباب التزكية. ففيه صدقة وإدخال فرح. وإسعاد أطفال ذاك عندهم غاية المرح. فالمؤمن الحق. هو الذي لا يعيش لنفسه فقط. منبثا عن هموم إخوانه. بل يعيش وعينه ترقب أحوال إخوانه. وقلبه يرق لهم. ويده تمتد بالإحسان إليهم ولو بالدعاء. إذا تعذر العطاء. صلوا أرحامكم. يبارك الله أعماركم وأعمالكم. فقد صح الخبر. عن سيد البشر. صلى الله عليه وسلم. أن صلة الرحم. تعمر الديار. وتزيد في الأعمار. أما قاطعها فمقطوع. وعن الجنة ممنوع. فقد قال نبيكم: (لا يدخل الجنة قاطع)، وقال كذلك صلى الله عليه وسلم: (لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم) وعيد شديد. لا يغفل عنه إلا جبار عنيد. أكثروا من الصلاة على النبي العربي الإمام. عليه افضل الصلاة والسلام. فمن صلى عليه واحدة صلى الله عليه بها عشرا. فأنعم بذلك عطاء واصطفاء وبشرا. إضافة إلى ما فيها من تفريج الكروب. وغفران الذنوب. ومن علامات التوفيق. التعرض للنفحات القدسية في الأسحار. والتعطر بالاستغفار. وغسل ران القلب بالدموع الغزار. فوالله ما قصد عبد مولاه. وأنزل حاجته به خصوصا في وقت السحر. إلا قضى الله حاجته. فتعرضوا ولا تعرضوا. واستغلوا ولا تغفلوا. وتفكروا ولا تتكبروا. فإن الأيام فرص. وإن الغفلات غصص. والفطنة ليست كم كسبت من المال. ولكن ماذا فعلت لإصلاح الحال.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.