نشرة جريدة الأخبار في صفحتها الأولى الرئيسة وبالحروف الغليظة العريضة، عنوانا كبيرا كالتالي: "عزل رئيس جماعة ازباير بإقليم تازة" تحته بنفس الحجم: "التهامي كوشو محكوم بسنتين حبسا بتهمة تبديد واختلاس أموال عمومية". وأعادت العنوان في الصفحة الرابعة في تتمة الخبر الفضيحة. قد يتساءل بعض القراء وماذا في هذا العنوان؟؟ هناك مسكوت عنه في العنوان آثرت جريدة "الأخبار" أن تخفيه لينطلي ما تريد تمريره على من يقتصر على قراءة العناوين الكبيرة. يثور السؤال مرة أخرى ما الذي أخفته الأخبار عن قارئيها؟؟ قبل الإجابة نصف الصورة المرفقة بالمقال وهي صورة كبيرة الحجم لرئيس الجماعة المتهم، وأين المشكل؟؟ المشكل يدركه من يعي حديث الصور والدلالات العميقة لها والتي تكتنزها سيميائية صورة وعناصرها المؤثثة لها. فرئيس الجماعة المتهم يبدو في الصورة الكبيرة ذا لحية وقلنسوة تغطي رأسه، وقميص أبيض، كل هذه العناصر مجتمعة تشعر القارئ دون وعي ودون تساؤل أو شك يقطع بأن المتهم ينتمي لحزب العدالة والتنمية، وذلك لما يبدو عليه من سمت التدين الواضح. إلا أن المستنكر يكمن في استغلال الصورة لتضليل الرأي العام، فرئيس الجماعة المتهم بالاختلاس لا ينتمي إلى العدالة والتنمية، وإنما ينتمي إلى غريمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة. وهذا هو المسكوت عنه في العنوان العريض والذي أخفته الجريدة بغية التضليل بالصورة التي تحمل دلالات معاكسة، تسقط القارئ في اللبس. وهذا ما يفسر تعمد الجريدة عدم ذكر انتمائه في الصفحة الأولى ولا حتى في عنوان المقال بالصفحة الرابعة، حيث لم تتم الإشارة إلى ذلك إلا في وسط المقال في الصفحة الرابعة المذكورة. فلماذا هذا الأسلوب المستهجن؟؟ نتمنى أن يكف الساهرون على المنابر الإعلامية عن استغلال مظاهر التدين المغربي في تصفية الحسابات السياسية مع غرمائهم الإسلاميين. لست من حزب العدالة والتنمية، وضع سبعين خطا تحت هذا النفي، لكنني مقتنع تماما أن الحرب ضد العدالة والتنمية قد أضاعت على المغاربة فرصا كثيرة للإصلاح، وهدرا كبيرا للزمن السياسي، وتزييفا حقيرا للوعي الجمعي للمغاربة، وقد استبيحت فيها كل الطرق ووظفت فيها الصحافة بقوة، ومن يعارض هذا الرأي، فليشرح لنا أين اختفت اليوم تلك الصحافة المحاربة لحكومة بنكيران وخلفه العثماني، خصوصا وأن المغاربة يسامون سوء العذاب من جراء الغلاء الذي تتسبب فيه يوميا حكومة حزب البام الذي ينتمي إليه رئيس الجماعة المتهم بالاختلاس وتبديد المال العام. لماذا لا ينسب كل شيء اليوم من غلاء وفساد واختلاسات وإخفاقات ووعود كاذبة، لحزب البام كما كان ينسب بالحق والباطل كل شيء لحزب العدالة والتنمية؟؟ إنه التوظيف السياسي للأقلام المأجورة عندما ترسل رصاصها لاغتيال الأمل لدى البؤساء، إنها الخيانة لأمانة الكلمة والانتهاك الصريح لشرفها. فهل بمثل هذه الصحافة يمكن ممارسة السلطة الرابعة في الدفاع عن الحق وعن المظلومين؟؟