: 1- عدم تدين الخطيب: خطيب الجمعة قائم مقام النبي صلى الله عليه وسلم، فعليه إذن أن يتصف بصفات القدوة، فيكون قوله مطابقا لفعله، حتى يؤثر في الناس، ويحقق مقصود الخطبة، فإذا كان ضعيف التدين، كان قوله أجوف لا تأثير له مهما كان محبرا وبليغا. 2- سرد الخطبة: الخطبة يجب أن تكون تفاعلية بين الخطيب والمستمعين، والسرد المجرد الذي يسميه المغاربة (العرض) يجعلها خلوة من هذا التفاعل، ولست أعني هنا: أن تكون الخطبة مرتجلة دون ورقة، بل حتى لو كنت تقرأ من ورقة عليك أن تبتعد عن أسلوب السرد الذي يكون فيه رأس الخطيب معكوفا الى الاسفل طول الخطبة، وكلامه وصوته على وزان واحد، وهمه أن ينتهي إلى آخر جملة. 3- القراءة من ورقة: من البدع (بالمعنى اللغوي للبدعة) التي حدثت في هذه الأمة إلقاء خطبة الجمعة من أوراق، وما كان الناس في زمانهم السالف إلا مرتجلين، وما أطلق الأدباء وصف (الخطيب) إلا على المرتجل، وما تكلموا عن ظاهرة الإرتاج والعي والحصر إلا كعارض من عوارض الارتجال، وقد ذكر أبو عبد الله الخشني في كتابه (قضاة قرطبة) أن أحمد بن فرج بن منتيل القرطبي كان بالشام، فرأى خطيبها مسلمة بن زرعة يخطب الجمعة من أوراق ينظر فيها، فأنكر عليه وعاب ذلك منه، وقال له: "أنتم أهل المشرق المنسوب إليهم البلاغة والخطب على البديهة تفتقرون إلى مثل هذا؟!، وأنا لم أر مثل هذا في شيء من نواحي المغرب، وهم أضعف الناس في البلاغة كما تقولون!", ولارتجال الخطبة محاسن كثيرة ذكرت بعضها في منشور سابق، من أجلها: التأثير في المتلقين، فالمرتجل يكلم الناس ويخاطبهم، أما الناظر في ورقة فهو قارئ عليهم، وفرق بين من يخاطبك، ومن يقرأ عليك. 4- التطويل الممل: خطبة الجمعة جاءت السنة الصحيحة بتقصيرها، وعد ذلك من فقه الرجل ومئنته، غير أنه يراعى فيها مقتضى الحال قصرا وطولا، فليس الصحابة كمن جاء بعدهم، وليس من عاش في كنف الرسالة كمن عاش في كنف الحارة. إلا أن التوسط مطلوب، وذلك بحسب التجربة ينتهي الى 20 دقيقة، فإذا زادت عن ذلك أضجرت المستمع وأصابته بالملل. 5- رفع الصوت لغير حاجة: جاء في الحديث الصحيح (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب علا صوته، واشتد غضبه، واحمرت وجنتاه كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم). ورفع الصوت هنا أراه لغرض إيصال الصوت إلى الحضور، فلا يستقيم رفع الصوت مع وجود الأبواق ومسمعات الصوت، فإن ذلك يجعل الامر مبالغا فيه، فالوجه أن يتوسط الخطيب في صوته فلا يعلو به الى الغاية، ولا يغضض منه إلى الغاية، وخير الأمور أو سطها.