ميارة: قانون الإضراب يساهم في جلب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص الشغل وفق تعاقد اجتماعي واضح    المؤامرات الجزائرية ضد المغرب.. محاولات فاشلة لن تنال من حب الشعب لملكه    الجباري يصرح: مشروع قانون "المسطرة الجنائية" يتناقض مع المبادئ الدستورية    المغرب يظل ملتزمًا بالعمل الإفريقي المشترك لخدمة القضايا النبيلة لإفريقيا والمصالح الحيوية لمواطنيها    التصويت في الاتحاد الإفريقي.. من كان مع المغرب ومن وقف ضده: مواقف متوقعة وأخرى شكلت مفاجأة في مسار التنافس    الأمن يفك لغز اختطاف سيدة بسيدي بنور ويوقف اثنين من المشتبه فيهم    مسؤولون وخبراء يجمعون على أن المغرب يسير في اتجاه عصرنة وسائل النقل المستدام    أكادير.. افتتاح الدورة الثانية للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني    بين الاحتفال بشعيرة الأضحية وإلغائها بسبب الجفاف.. "برلمان.كوم" يرصد آراء مواطنين مغاربة (فيديو)    تناقضات النظام الجزائري.. بين الدفاع الصوري عن فلسطين والتجارة مع إسرائيل    إسبانيا: لن نسمح بتنفيذ مقترح ترامب لتهجير الفلسطينيين    رفض تسليمها بايدن...وصول شحنة من القنابل الأميركية الثقيلة إلى إسرائيل خلال الليل    كان الشباب 2025: القرعة تضع المغرب في مجموعة الموت    "المغرب يطلق منصة رقمية "Yalla" لتسهيل تجربة المشجعين في كأس أمم أفريقيا"    سيدي بنور.. الشرطة توقف شخصين في قضية اختطاف سيدة    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    افتتاح الخزانة السينمائية المغربية في الرباط: خطوة هامة نحو حفظ التراث السينمائي الوطني    حمزة رشيد " أجواء جيدة في تربص المنتخب المغربي للمواي طاي " .    نتنياهو يرفض إدخال معدات إلى غزة    مصرع 18 شخصًا في تدافع بمحطة قطار نيودلهي بالهند    هذه توقعات أحوال طقس هذا اليوم الأحد    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    إعادة انتخاب نزهة بدوان رئيسة للجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع    فتح باب المشاركة في مهرجان الشعر    ابن كيران: تعرضت "لتابياعت" من وزير لايفقه شيئا في السياسة حاول تحريض النيابة العامة علي    حقي بالقانون.. كيفاش تصرف في حالة طلب منك المكتري تعويض باش تخرج (فيديو)    غوفرين مستاء من حرق العلم الإسرائيلية في المغرب ويدعو السلطات للتدخل    ريو دي جانيرو تستضيف قمة دول "بريكس" شهر يوليوز القادم    رفْعُ الشِّعار لا يُخفِّض الأسْعار!    الصين: 400 مليون رحلة عبر القطارات خلال موسم ذروة السفر لعيد الربيع    في أول زيارة له للشرق الأوسط.. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يصل إلى إسرائيل    بنعلي تؤكد التزام المغرب بنظام تنموي قوي للأمم المتحدة    العرائش تتألق في البطولة المدرسية    ندوة بمراكش تناقش مدونة الأسرة    تفكيك شبكة لترويج المخدرات بفاس وتوقيف شخصين بحوزتهما كميات كبيرة من المواد المخدرة    البطولة الاحترافية.. الرجاء الرياضي يواصل نتائجه الإيجابية بالفوز على شباب السوالم (3-0)    إعلام إسباني: المغرب قوة صاعدة في صناعة السيارات    مخاوف الرايس من منافس غير محسوب تدفعه لترشيح القداوي لرئاسة "الاتحاد العام لمقاولات المغرب" بجهة طنجة    الغرابي يدعو وزير الاستثمار لمحاربة الدخلاء على النقل الدولي ويؤكد: القوانين الحالية تعرقل تنافسية المغرب أمام الأسطول الأوروبي    شعبانة الكبيرة/ الإدريسية الصغيرة/ الزميتة وفن العيش المغربي (فيديو)    مسرح محمد الخامس يقدم مكانش على البال لعشاق ابي الفنون    اتحاد طنجة يتغلب على ضيفه أولمبيك آسفي    "أسبوع ارتفاع" ببورصة البيضاء    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    بنعلي: المغرب من بين الدول ذات التنافسية العالية في مجال الطاقات المتجددة    "ليلة شعبانة" تمتع جمهور طنجة    أمطار رعدية وثلوج ورياح قوية مرتقبة بالمغرب يوم غد الأحد    حملة مغاربة ضد المصرية سرحان    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    إطلاق موقع أرشيف السينمائي المغربي الراحل بوعناني أكثر من 12 ألف وثيقة تؤرخ للسينما المغربية    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    "بوحمرون" يصل الى مليلية المحتلة ويستنفر سلطات المدينة    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    الصحة العالمية: سنضطر إلى اتباع سياسة "شدّ الحزام" بعد قرار ترامب    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراتيجية الإسلام (7).. تاريخ الإنسان- معركة الإنسان المعاصر
نشر في هوية بريس يوم 10 - 04 - 2023


هوية بريس- محمد زاوي
– معركة الإنسان المعاصر
يدخل الإسلام في معركة ضد تحريف الفطرة من جهة ("فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله"/ سورة الروم، الآية 30)، وضد الظلم الاجتماعي من جهة ثانية ("ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا"/ رواية أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، رواه مسلم). إنهما معركتان في معركة واحدة ضد النظام الاجتماعي السائد عالميا، يخوضها الإسلام بالوسائل المعقولة والمقبولة واقعيا، وحسب الإمكان التاريخي، وبواسطة دوله (دول الوطن العربي والأمة الإسلامية)، لا بواسطة الجماعات المتطرفة. فهذه لا تمثل الرسالة الحضارية للإسلام، بل تعبر عن فتنة تخدم الإمبريالية وتسقط في استراتيجيتها، وربما بتمويل وتوجيه منها.
تمارس الرأسمالية الاستغلال من خلال تكريس نوعين من التفاوت، تفاوت بين العمل والرأسمال، وآخر بين "المركز الرأسمالي وأطرافه" (بتعبير سمير أمين). وتعزز استغلالها بإقامة حجاب بين الإنسان ووعيه، حتى يصبح قابلا للاستغلال، خاضعا لنظام الاستهلاك، مغتربا عن حقه وإنتاجه، بل عن نفسه وفطرته. وهكذا، لا تكتفي الرأسمالية بتقنين الاستغلال وفرضه نظاما على العالَمين فحسب، بل تعمل أيضا على تشجيع التطبيع مع "الشذوذ عن الوجود الطبيعي"، وما يتحقق به هذا الشذوذ من انحرافات جنسية وأخلاقية واضطرابات نفسية وأمراض عضوية..
ليس هذا فقط، بل هناك "صناعة للموت"، من أبرز مظاهرها: الشذوذ حتى تُبتَر "الوالدية" من جذورها، المطالبة ب"حق" الإجهاض، صناعة الأمراض والأوبئة (مختبرات في أوكرانيا لهذا الغرض)، فرض نموذج واحد في العلاج الطبي (الطب الغربي/ ومحاصرة تجارب أخرى في الطب كالصيني والهندي مثلا)، المبالغة في حق الجسد ليشمل هذا حقوقا شاذة كالحق في الانتحار والحق في الموت الرحيم..؛ وهذه كلها وسائل تمولها الرأسمالية وتفرضها على العالَمين، في إطار سياسة كبرى تنهجها هي "سياسة تقليل الأفواه".
إن الأفواه جائعة، فوجب أن تموت حتى لا تشكل خطرا على علاقات إنتاج يراد لها "الخلود". هكذا تقول الرأسمالية، سيرا على خطى مالتيس، أحد أبرز منظري الاقتصاد الرأسمالي. فالموت أو "الإماتة" هما الحل، ما دام النمو الديمغرافي في تضاعف مستمر، عكس مردودية الأرض التي تبقى ثابتة أو تنمو ببطء ولمصلحة أقلية عالمية. فعوض تشخيص الأزمة في نمط الإنتاج والتوزيع، يشخصها مالتيس في تضاعف النمو الديمغرافي. وعوض الإجابة على إشكالية "تفاقم التفاوت رغم تقدم التقنية واكتشاف الخامات" (إسحاق دويتشر) ب"الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج"، يجيب عنها مالتيس (الرأسمالية) ب"تقليص النمو الديمغرافي في ظل ملكية الأقلية العالمية لوسائل الإنتاج".
وإن الإسلام قد حرّم القتل، فقال تعالى: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" (سورة الإسراء، الآية 33)، ولا يُتصرّف في هذا الحق بهوى، بل بحدّ قاضٍ أو أمر حاكم في حرب أو مقاومة. جاءت هذه الآية بصيغة تحريم لقتل النفس، والاستثناء بالحق ليس من اختصاص الأفراد ولا الجماعات، بل من اختصاص الدول وأجهزتها القضائية تحقق مناطه في التاريخ. وليس هذا الحق قابلا للتوسع في التأويل الفردي والأهوائي، اتقاء الفتنة والإخلال بأهم كلية شرعية، هي كلية "حفظ النفس". فعلى أساسها يتم التكليف، وتُحفظ باقي الكليات (الدين، العقل، النسل، المال).
وإذا كان الفقر الفردي جائزا في مجتمع قبلي كمكة، فقد حرّم الله تعالى قتل الأولاد من إملاق، فقال عز وجل: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق، نحن نرزقهم وإياكم" (سورة الإسراء، الآية 31). فليس العيب في الديمغرافيا (الأولاد) كما يقول مالتيس، بل في احتكار الأرزاق (من الآباء على حساب الأبناء، من سادة قريش على حساب الباقين، أو من فئة قليلة على حساب العالَمين)؛ لأن الله يرزق الجميع دون تمييز ("نحن نرزقهم وإياكم")، والمال مال الله، و"لا مال لأحد كما يقول الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وإذا كان العار لصيقا بالأنثى في ذهنية رجال قريش، فقد حذر الله تعالى من وأد البنات، فقال: "وإذا الموءودة سئلت، بأي ذنب قتلت" (سورة التكوير، الآيتان 8 و9). وهذه صيغة نهي تفيد التحريم، وتمنع القتل على أساس واقع اجتماعي قبلي ذكوري، قاومه الإسلام بمقولة "إنما النساء شقائق الرجال" (حديث رواه أبو داود عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها). التفاوت الاجتماعي بين الرجال والنساء طارئ في تاريخ الإنسان، ولذلك مزج الإسلام في نصه بين حكمين في الموضوع، حكم يخص الطارئ وضرورته التاريخية (الولاية العامة مثلا، إذ لا قدرة للمرأة على الحكم في مجتمعات فسادها جوهري/ فساد النظام الاجتماعي)، وحكم يخص المثال وأفقه ("النساء شقائق الرجال"). هناك تفاوت فطري طبيعي بين الجنسين، أفرز تقسيما أوليا للعمل (ما قبل التفاوت الاجتماعي)، كما أنتج تقسيما حُكميا في الشريعة (أحكام الطهارة والصيام والإرث…)؛ نفيه (التفاوت الفطري) شذوذ عن الفطرة الإنسانية. وعليه فإن معركة الإنسان المعاصر، في قضايا النساء، مفتوحة على جبهتين: ضد التفاوت الاجتماعي، وضد نفي التفاوت الفطري.
بهذا وبغيره مما سنتطرق إليه لاحقا (تنظيم الأسرة، الأمر بالعدل..)، يقف الإسلام سدا منيعا أمام سياسة "تقليل الأفواه"، لأنها تتنافى مع تكريم الإنسان. "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (سورة الإسراء، الآية 70). لقد كرم الله الإنسان بأن رزقه سبل العيش وتطوير إنتاجه، وذلك بعد أن فضله على سائر المخلوقات الأرضية ب"وعي التكليف" (مِن العمل الواعي). وليس للمِلكية الاحتكارية أن تتحول إلى حق إلا قهرا وبتزيف "الوعي بالوجود الإجتماعي" واحتكار "مال الله" ظلما، وإلا فالقيمة وفائضها ووسائل الإنتاج وعلاقاته كلها ملك لله، ويجب أن تنتظم لأمر الله.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.