نظام الزوجية عندنا في الدين سنة ربانية في الكون الذي خلقه الله تعالى، حيث قال:وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49)الذاريات.وهو نظام أصيل وقديم قدم البشرية، وهو أساس العلاقة الشرعية الممكنة بين الرجال والنساء من غير المحارم، قال تعالى:وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)البقرة، فسماها الحق سبحانه زوجة من أول يوم، وجعل الأصل في علاقاتهما المودة والرحمة والسكينة، قال تعالى: وَمِنْ ءايَٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21]، وجعل الزواج سترا ودفءا كما قال سبحانه: هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ[البقرة:187]. واعتبر الشرع عقد الزواج ميثاقا غليظا، قال تعالى: "وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا" (21) النساء. وحث الإسلام على الحفاظ على هذا النمط من العلاقات وشجع على الزواج وجعل التشريع الإسلامي الزواج نقطة البداية في تكوين الأسرة وأدائها لرسالتها وفق قواعد وأحكام وتعاليم وآداب بلغت منزلة عالية من الرقي والسمو لا تدانيها منزلة في الشرائع السماوية السابقة، قال تعالى: فَانكِحُواْ مَاطَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ..(3) النساء. وحث الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه على إقامة هذه الرابطة، ففي السلسلة الصحيحة للألباني عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني ، و تزوجوا ؛ فإني مكاثر بكم الأمم ، و من كان ذا طول فلينكح ، و من لم يجد فعليه بالصيام ، فإن الصوم له وجاء" فنبه إلى أن الأصل الحرص على الزواج ومن لم يجد اعتصم بحصن العفة، قال تعالى:" وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لايَجِدُو نَنِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ "33 النور. وأكد الدين على ضرورة وجود أساس عقدي يجمع بين الزوجين، قال تعالى : وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَتُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) البقرة. فلا يحل للمومنة الزواج بالكافر مطلقا ولا يحل للمومن الزواج بالملحدة والمشركة، وأمر الدين بجعل الحياة الزوجية قائمة على أساس التقوى. قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) سورة النساء، والحرص على جانب الأخلاق، روى الترمذي وحسنه الألباني عن أبي حاتم المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد . قالوا : يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟ قال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه . ثلاث مرات" ومعنى (وإن كان فيه) أي وإن كان قليل المال أو عديم الكفاءة للمرأة في النسب أو الجاه. وفي الحديث الصحيح أيضا" إن المرأة تنكح على دينها ، ومالها ، وجمالها . فعليك بذات الدين تربت يداك " . ومن المهم أن تقوم الحياة الزوجية على الإرادة الحرة والتراضي بين أركانها، فوجه الشرع الأولياء لاحترام إرادة النساء في الاختيار، قال تعالى:" فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (232) البقرة. وجعل العشرة بالمعروف من أسس استمرار الحياة الزوجية، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِ0لْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ 0للَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19]، ولذلك قال الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "أي فعسى أن يكون صبركم في إمساكهن مع الكراهية فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة" وجعل من مهام الأسرة تطبيق شرع الله والتزام حدوده في حدود صلاحياتها، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ 0للَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا 0فْتَدَتْ بِهِ [البقرة:229]، وجعل القيام بالواجبات الأسرية أمانة سيسأل عنها الزوجان يوم القيامة، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حيث قال : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)، ومن المسؤولية المشتركة المسؤولية الدينية والتربوية والدعوية، قال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)التحريم. ورتب الدين أمر المسؤولية المالية واعتبرها من مسؤولية الرجل ابتداء، فجعل الإسلام الصداق حقا للنساء رمزا للمحبة من باب تهادوا تحابوا، ودليلا عمليا على القدرة على تحمل التكاليف المالية للأسرة، قال تعالى : وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4) النساء. ولم يجعل لذلك الصداق حدا وإن وجه الأنظار إلى أن البركة في أيسره، ثم أمر الرجال بالإنفاق، قال تعالى:"لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) الطلاق. وجعل من مهام الأسرة رعاية الأولاد و تربيتهم، فحث بداية على وضوح علاقة النسب وعدم الخلط بين الأبناء الشرعيين ومسألة التبني، فقال سبحانه:" وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ.." الأحزاب. وحرم قتل الأولاد بالإجهاض وغيره خوفا من ضيق العيش أو غيره، قال تعالى:" قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ..151 الأنعام. وقال تعالى : " وَلاَتَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا (31) الإسراء. وجعل الأولاد فتنة واختبارا يرجى العمل للنجاح في مهمة التعامل معهم، فقال تعالى:" وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) الأنفال. فاحذروا أن يَصدّوكم عن سبيل الله، ويثبطوكم عن طاعته، وإنما هم نعمة لمن سعى أن يكونوا خير خلف لخير سلف في إقامة الدين وعمارة الأرض وإصلاح المجتمع. وأوصى الشرع الأبناء بحسن رد الجميل للآباء والإحسان إليهم وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) الإسراء. وشرع الإسلام قواعد أخلاقية تحمي الأسرة وتحافظ عليها وسن آدابا وتوجيهات ربانية، تقيها من أسباب الانحراف والفساد، فحرم الزنى على الرجال والنساء تحريما قاطعا، وحرم كل ما يؤدي إليه، فحرم الاختلاط الماجن بين الذكور والإناث، وضبط العلاقة بين الرجال والنساء على أسس سليمة، وحرم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية، وحرم دخول الرجل غير المحرم على المرأة عندما يكون محرمها أو زوجها غائبا عن البيت، وحرم على المرأة التبرج وإظهار زينتها لغير زوجها ومحارمها، وحرم على الرجال إغراء الزوجات للخلاص من أزواجهن، كما حرم على النساء إغراء الأزواج للخلاص من زوجاتهم. وحث على ستر العورات وحرم كشفها وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى الزنى، وعد ذلك من أبواب الفاحشة وارتكاب المعصية، قال تعالى: "ولا تقربوا الزنى، انه كان فاحشة وساء سبيلا" سورة الإسراء الآية (32).. ولصيانة الأسرة وسلامة العيش فيها، ولتحقيق رسالتها الخيرة في المجتمع الاسلامي، حرم الاسلام الخمر على أي فرد من أفرادها كما حرم القمار. قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون" سورة المائدة الآيات (90-91)، ذلك أن الخمر والميسر يهدمان الأسرة بعد أن يهدما العقل، وحث على المطعم الحلال وتجنب أكل أموال الناس بمن فيهم أفراد الأسرة في ميراث ونحوه. وجعل الشرع كل سعي للتفريق بين الزوجين فعلا شيطانيا باعتباره أهم ما يفرح له إبليس، فأمر بصبر بعضهما على بعض، ومما يروى عن عمر رضي الله عنه أن رجلا جاء يريد مفارقة زوجته متعللا بذبول عاطفة الحب بينهما، فنبهه عمر متسائلا: هلا بنيت الأسر إلا على الحب، أين التذمم والرحمة؟ فأمر الشرع للاحتياط قدر المستطاع لاستمرار الأسرة وإذا قدر بينهما الشقاق وعجزا عن الرجوع إلى الوفاق حث محيطهما من الأهل والأقارب وغيرهم ببعث الحكمين، كما قال تعالى:" وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) النساء . وأعطى فرصا عند حدوث الطلاق عسى أن ترجع المياه إلى مجاريها، فقال تعالى:"الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ " إلى أن قال:" فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) البقرة. ولم يجعل الفراق إذا حدث نهاية التاريخ وإنما فتح الأمل أمام الجميع، فقال تعالى:" وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130) النساء، ثم نظم أمر الحقوق بعد الفراق للزوجة والأولاد، كما نظم أمر الوفاة وما بعد الوفاة من عدة وميراث، في رعاية حثيثة لهذه النواة الحيوية في جسم المجتمع من ولادتها إلى نهايتها. ولا شك أن من لا يؤمن بدين تزعجه التفاصيل الكثيرة التي تدخل فيها الشريعة في حياة الناس ويجتهد ليل نهار لتقويض تلك الأحكام والتوجيهات، بتعلات عديدة مستغلا في كثير من الأحيان بعض النقائص التي تحصل في تطبيقات الناس وما يحدث من شطط في استعمال الحقوق وما يحدث من تقصير في الواجبات من هذا الطرف أو ذاك، فيحمل معول الهدم باسم الحداثة والحرية والمساواة وغيرها من الشعارات البراقة خدمة لعقائد فاسدة وأهواء جامحة ومصالح مادية رخيصة ووفاء ل"أجندات" منظمات "دولية" هيمن عليها في الغالب الفكر المعادي للدين، فاتحدت مقاصد "علمانيي" الداخل وعلمانيي الخارج في اتجاه خلخلة بنية الأسرة والأسس التي تقوم عليها وذلك من خلال: 1- الاعتراف بالأشكال المتعددة للأسرة (سواء كانت أسرة نكاح أو أسرة سفاح أو أسرة "مثليين" رجال أو نساء أو خليط من ذلك)، والدعوة لإعطائها الحقوق نفسها التي تتمتع بها الأسرة الفطرية. 2- الاعتراف بالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وحماية هذه العلاقات عبر التقليل من سلطة الآباء على أبنائهم والحد من صلاحياتهم. 3- المطالبة بوضع القوانين والمناهج التربوية التي تضمن تغيير الأوضاع في النصوص تمهيد ًا لتغييرها من النفوس. 4- تسخير وسائل الإعلام، وسائر وسائل الاتصال من أجل ضمان تغيير القيم داخل هذه الأسر . (انظر:الأسرة في أدبيات الأممالمتحدة : التحولات – العوامل- الآثار) د. نهى القاطرجي. وتكون الوجهة: تعسير سبل الزواج الشرعي (تأخير سنه قدر المستطاع، تعقيد أمر التعدد المشروع في أفق منعه الكلي)، وتيسير سبل العلاقات الجنسية المحرمة، وتفجير العلاقات داخل الأسر(بين الأزواج، وبين الآباء والأبناء)، وتغيير القاموس المفاهمي وإشعال حرب المصطلحات:( الأم الزانية:(الأم العازبة) الشذوذ الجنسي:(الميل الجنسي، المثلية)، الزناة:(الشركاء الجنسيين)، اللقطاء:(أطفال الحب والجنس)..، واستخدام الغموض وتحميل اللغة العادية مفاهيم غريبة (فمثلا أنت تسمع: مواجهة العنف ضد المرأة فتقول حسنا كل الفطر السليمة تأبى الظلم والعدوان وخصوصا إذا كان ضد "الجنس اللطيف" والأم والأخت والبنت والزوجة ..ولكن تفاجأ بأن القوم عندما يستدرجون الحكومات الإسلامية إلى التوقيع على مثل هذه البنود، يحملونها بعد ذلك، بواسطة بروتوكولات إضافية ومذكرات تفسيرية، بمفاهيم عجيبة بحيث يعتبرون مثلا:إتيان الرجل زوجته من غير رغبتها ولو كان الأمر بطريقة عادية وطبيعية: عنفا، يجتهدون بالرقي به إلى مصاف الجريمة التي يعاقب عليها القانون، ويعتبرون الاجتهاد في منع الأولاد في إقامة علاقات غير شرعية قبل الزواج عنفا ضدهم، والزواج المبكر عنفا وإن كانت البنت بالغة وقادرة وراغبة والأولياء راغبون، بل هناك من يعتبر عمل المرأة في بيت الزوجية ومع الأولاد بغير أجر عنفا.. وهكذا)، ويعملون على إشاعة قيم الوفرة والرفاهية كلما قل أفراد الأسرة على حساب قيم "الرضا"و"القناعة" و" الإيثار"، وإشاعة قيمة الحرية المنفلتة من كل قيد وخصوصا في الجانب الجنسي، وإشاعة المفهوم الضيق للجمال والذي يحصر غالبا في جانبه المادي، ثم التركيز في الغالب على الحقوق والتغافل عن الواجبات، وضرب مختلف الأحكام والتوجيهات الشرعية الخاصة بالأسرة والتي لا تنسجم مع أهوائهم كالميراث وغيره، إننا لا نزعم أن أسرنا بألف خير، بل فيها مشكلات وآفات كثيرة ولكن ليست مقاربة القوم هي الحل والدواء، بل إننا نرى فيها السم الزعاف الذي سيقضي على المريض عوض أن يكون سببا لعلاجه وشفائه. فلا يخفى ما عندنا في أسرنا من سوء خلق و انعدام الدين أو بالأحرى التدين الصحيح الجامع بين الشعائر والشرائع والآداب، وشيوع أساليب العنف في معالجة المشكلات والتي يذهب ضحيتها النساء والأطفال، وتهرب بعض الآباء من واجبات النفقة، أو تهرب الأبوين من واجب الرعاية، ووجود الخلافات والصراعات بين أفراد الأسرة، وتسرب آفات التفكك العائلي إلى الكثير من أسرنا، وكثرة الطلاق لأسباب تافهة في كثير من الأحيان، وما يحدث من مشكلات رهيبة وخصوصا للأطفال، وما يحدث بعدها من انحرافات وآفات التدخين والمخدرات والفساد وشيوع الجريمة، وتشرد الأولاد وتعثرهم الدراسي وغير ذلك كثير، مما يحتاج إلى مقاربة شمولية تنخرط فيها مختلف المؤسسات والهيئات الفاعلة، دينية كانت أو تربوية أو دعوية أو اجتماعية وثقافية وإعلامية وتشريعية وقضائية..، وقبل ذلك وبعده هي مسؤولية فردية ومسؤولية تضامنية بين أفراد كل أسرة من أجل إقامة الدين في أسرنا وإقامة أحكام الشريعة فيها وتعلم القيام بالواجبات قبل المطالبة بالحقوق، وتكثيف العمل من أجل تعريف الناس بدينهم وتقوية المناعة الداخلية عندهم، وتثقيف الناس بخطورة المخططات التي تستهدف الأسرة على الصعيد العالمي وليس المحلي والإسلامي فقط. والاهتمام بتأهيل المقبلين على الزواج ، وإيجاد مراكز للاستماع ودور استشارية بعد الزواج من أجل المساعدة على ايجاد حلول للمشكلات النفسية والاجتماعية ونحو ذلك. ثم اجتهاد الغيورين في مختلف مواقعهم الرسمية والمدنية والشعبية والفردية، للمحافظة على الأسرة من المخططات الرهيبة التي تحاك ضدها من أعدائها في الخارج وعملائهم في الداخل. وذلك بفضح تلك المخططات والاجتهاد في إبطال مفعولها، والتحفظ على ما يجب التحفظ عليه من المقررات المسمات "دولية" وتحمل ضريبة ما تستوجبه العزة والكرامة والحفاظ على القيم والمبادئ وقد قيل قديما "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" ثم بيان الموقف الشرعي من كل ذلك. والمشاركة الفاعلة في المؤتمرات ذات الصلة، والبحث عن شركاء آخرين ولو من غير المسلمين ممن يتمسكون بالأسرة ويقاومون الشذوذ ويحرصون على العفة، وتكوين جبهات للصد والمواجهة وإعطاء البدائل للمشكلات الحقيقية والواقعية كقلة الزواج، وانتشار العنوسة، وكثرة الطلاق، والتفكك العائلي، وضعف التضامن الأسري، وإهمال الوالدين والتفريط في حق الأرامل والأيتام ونحو ذلك، والاجتهاد في سد الثغرات التي من خلالها تتسرب إلينا مخططات الآخرين، ذلك خير ما نحتفل به، في ذكرى الأسرة العالمية، فنجعل منها محطة للتقويم والمعالجة والتخطيط لأسر سعيدة ملؤها المودة والرحمة والسكينة.