هوية بريس – عبد الله المصمودي الثلاثاء 05 أبريل 2016 كتب الشيخ عمر القزابري في صفحته الرسمية في "فيسبوك" مقالة عنونها ب"أكثر المغرضون"، أكد فيها أن الإسلام دين النضج الفكري والكمال العقلي، ورد فيها عن الذين يبثون الشبه ضده، والذين يهاجمون شرائعه من المستغربين، كما بين ضآلة فكر من يجعلون اليهود والنصارى داخلين في قوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام). متسائلا ما الحكمة من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم؟ وأنهم لا يؤمنون به؟! ولماذا ستكون رسالته للعالمين؟! وهذا نصها الكامل: "بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين، أحبابي الكرام: الإسلام دين النضج الفكري والكمال العقلي الذي يحيي الروح بنسائم الإشراق، والذي يحيي في النفوس معالم العبودية الحقة، من خلال معرفة الحقائق واسْتِكْناهِ الأسرار، ففيه الأجوبة عن كل ما يثيره العقل من تساؤلات يفرضها واقع الأشياء، وفيه تحقيق الاكتفاء الفكري المُحَصِّن من كل ألوان الاستلاب، وإن كل جَلَبَة يحدثها خصومه سواء من داخل دائرته شكلا، أو من خارج قلاعه، إنما يراد بها زحزحة اليقين عند المسلمين. ومعلوم أن الشُّبَه بمثابة المزالق التي يقع بسببها من ليست له قدم راسخة، لذلك فإن الخطة اشتملت في الابتداء على تفريغ المسلمين من الداخل، وذلك بإغراقهم في اللهو واللذة، وشغلهم بسفاسف الأمور ومرذولها، وتسويق الأباطيل في ثوب الفكر، وانتقاد النصوص في صورة التحرر، وكان من ضمن الخطة كذلك إسقاط الهيبة القائمة في نفوس المسلمين نحو رموزهم، وعلى رأسهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وعلماء الأمة ومصلحوها وصالحوها، فسمعنا من لا يحسن الاستنجاء يتطاول مثلا على أبي هريرة رضي الله عنه، وكذلك كان من ضمن خانة المستهدفين سيدنا الإمام البخاري رضي الله عنه، وكل ذلك ليس عبثا وإنما هو مكر شيطاني يراد من وراءه ضرب الدين في الصميم، هذه مجرد أمثلة، وإلا فإن المكر أشد، والمخطط أعظم. وبدل أن يفهم المسلمون هذه الأمور، اكتفوا بمتابعة الكلاسيكو الذي إذا حضر خشعت الأبصار، وارتجفت القلوب، وهجرت المساجد، وهذا كله من ثمار تراكمات ذلكم المكر الذي وَلَّد جيلا يكاد يكون منبثا عن قضايا أمته، ثم جاءت صور أخرى لتمزيق المسلمين وهي من الخطورة بمكان، لأنها تلبس لبوس الدين، وتسوق الأوهام في صورة الحقائق، وتجعل الخرافات دينا متبعا والبدع طريقا قاصدا، فنشأت الفرق والأحزاب، يتوحدون في الأنماط ويختلفون في المناط، عبادتهم الرقص، يعبدون الله بالدفوف، ويستندون على الموضوع والواهي والمنكر، ولا يقبلون مقارعة بحجة، إما لإدراكهم أنهم فاقدون للحجة، أو لأن مصلحتهم الدنيوية الدنية في ما هم فيه من صرف الناس عن الحقيقة البيضاء الصافية، وإني لأعجب أشد العجب من موجهي سهام الانتقاد نحو الإسلام، لماذا يوجهون هذه السهام نحو دعاة الحق، بينما أصحاب الخرافات ممن يشطحون ويذبحون عند القبور، ويبتزون الناس في غاية السلامة من سِهَام نَقْدِهِمْ، أين هي الرجعية الجديرة بأن تحارب ويحذر منها؟ إن الروح الصافية تَرِقُّ حتى لكَأَنَّمَا تتنسم ريح الجنة، ويعطى صاحبها من لدن حكيم خبير فراسة تجعله منخرطا في قوافل المتوسمين، قد نفض عن روحه غبار التراب وعاش تحت كنف الآي مجيلا النظر، وَقَّافًا عند المَثُلات والعبر، عَيْنُهُ تذكر بالنظر في ملكوت ربه ، قد خالف أهل الغفلة الذين قال الله فيهم (الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا)، وقلبه يهيم حبا بالتفكر في آلاء سيده، فيستغني بذلك عن مشاركة أهل الغفلات سفاسفهم، بل حتى جوارحه تنسكب عليها نفحات القدس المحققة لفيوضات الأنس، فيرتفع عن كل المُلَوِّثات، ويتخلص من الحُجُب المانعة من الوصل ،وبذلك يسمع ويبصر ويفقه. أحبابي: الحقد على أي شيء يمحو الإنصاف، ويقود إلى الجَنَفِ والإجْحَاف، ومن ثَمَّ يَخْتَلُّ التَّوْصِيفُ وتغيب النزاهة في تقييم الأشياء، لذلك فإن الذين ينتقدون اليوم شِرْعَةَ الله لا يخلون من أحد أمرين، إما جهل يحجب النور، وإما حقد يفقد التوازن، ويا ليت شعري ماذا يُرَجَّى من جاهل وحاقد، لقد أصبحت أيامنا وليالينا حُبَالَى بالأحداث، وراجت سوق الإسفاف، ومعلوم أن المعالي على الحقود صِعَاب، والحَسُودُ لا يَشْتَهِي إلا الدَّنَايا، وشعاع الحق وإن حجبه غيم المكر، فهو موجود، والغيم إلى زوال، زاهق بمقتضى عنصره لانعدام السند والمدد. لقد بلغ سيل التغريب بالبعض إلى محاولة العبث برواسخ الاعتقاد، وبالأمور المعلومة من الدين بالضرورة، وإلى جانب ما في ذلك من جراءة على دين الله، فيه كذلك الاستخفاف بعقول الناس وفهومهم، فعندما يأتي مثلا من يقول، إن قول الله تعالى (إن الدين عند الله الإسلام)، يدخل فيه حتى اليهود والنصارى، أليس هذا استخفافا بعقول الناس واحتقارا لمداركهم، أو يظن هؤلاء أن الناس لا تفهم ولا تعي، من العيب أن نحتقر عقول الناس؟!! يقول هؤلاء نحن نمجد العقل، فهل تمجيد العقل هو إلغاء النصوص الواضحة الصريحة؟ هل تمجيد العقل هو مصادمة الآيات الباهرات البينات وتأويلها وفق حظوظ النفس والهوى؟ هل تمجيد العقل هو جعل الأحاديث الشريفة الواضحة في منطوقها ومفهومها وراء ظهورنا بحجة التحرر والتطور؟ هل تمجيد العقل هو نبذ القواعد الأصولية والفقهية والتي أسسها علماؤنا وفقهاؤنا وبذلوا جهدا عظيما في تقعيدها؟ هل تمجيد العقل هو محاولة لَيِّ أعناق النصوص حتى توافق الهوى القابع في حنايا الفكر المدخول؟ كيف يدخل غير المسلمين في الآية الكريمة: (إن الدين عند الله الإسلام)، وهم لم يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤمنوا بالنور الذي أنزل معه، وربنا يقول: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه اولئك هم المفلحون)، وربنا يقول: (ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما)، وربنا يقول: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام)، وربنا يقول: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا)، وربنا يقول: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة)، فأثبت لهم نعت الكفر برفضهم الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولماذا كان يرسل المصطفى صلى الله عليه وسلم الرسائل لهرقل وكسرى والنجاشي وغيرهم يدعوهم إلى الإسلام؟ لا تخلطوا بين سماحة الإسلام وبين أصول الانتماء إليه اعتناقا وتصديقا، فالسياقات مختلفة، ولكل مقام مقال.. وإذا كان الكل داخلا في الإسلام كما يقول بعض.. فما الحكمة من بعثة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعالت حكمة الله عن العبث، الإسلام أيها الناس هو الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ،وهو الدين الإسلامي، وليس الدين المحمدي كما قال بعضهم، وفي هذه الجملة من المكر مافيها، الدين الذي بني على الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، إذا كان الكل داخلا تحت مسمى الإيمان فلماذا يقول ربنا: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)، الإسلام رسالة عالمية، وهذه وحدها كفيلة بإزهاق أباطيلكم، فالله يقول لنبيه: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا)، فكون رسالته صلى الله عليه وسلم عالمية وكونها تحمل البشارة والنذارة يقتضي أنها تحمل تشريعا وترسم طريقا من سلكه نجا ومن خالفه هلك. ثم كيف نوجه حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه نعم رضي الله عنه وَكَبَتَ من رماه بالكذب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة لا يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)؟ والأدلة كثيرة وهي أوضح من الشمس في رابعة النهار، فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا، اتركوا الناس ودينهم، لماذا هذا التشويش؟ لماذا تكذبون على الله ورسوله، لماذا تقلبون الحقائق؟ ليعلم كل من يعتدي على هذا الدين بالتحوير والتزوير أن النبي صلى الله عليه وسلم سيكون خصمه بين يدي الله في يوم الموقف العظيم.. وحسبنا الله ونعم الوكيل. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري".