هوية بريس – الإثنين 09 يونيو 2014 العنوان: تعظيمُ قَدر النبيِّ صلى الله عليه وسلم [2/1]. المؤلف: الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي -من علماء مراكش-. الأجزاء: رسالة في (177) صفحة، تضمَّنت مقدمةً، وسبعةَ فصول تحتها مباحث، وخاتمةً. تفصيلها كالتالي: المقدمة: ذكر فيها الشيخ حفظه الله وقوفَ المسلمين في أرجاء المعمورة وقفة رجل واحد، وتنديدهم بمن سولت لهم أنفسهم التنقص والازدراء بسيد الخلق، وقد سالت الأقلام، وانطلقت الألسن، وارتفعت أصوات المنابر، دفاعا عن أعظم من وطئ الثرى صلى الله عليه وسلم، وبدورها قامت «جمعية الدَّعوة إلى القرآن والسنة» والتي يترأسها فضيلة الدكتور محمد المغراوي بإقامة محاضرات في بيان تعظيم قدر النبي، ثم رأى الشيخ ضرورة إصدار كتاب في الموضوع، فكان هذا السِّفر المبارك. فصل في امتنان الله على هذه الأمة ببعثة نبيه الكريم: وقد أورد الشيخ في هذا الفصل أدلة كثيرة من القرآن والسنة وكلام الأئمة، أقتصر هنا على قوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}. قال الحافظ ابن كثير: «يُذكِّر تعالى عبادَه المؤمنين ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليهم، يتلو عليهم آيات الله مبينات، ويزكيهم، أي: يطهِّرهم من رذائل الأخلاق، ودنس النفوس، وأفعال الجاهلية، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويعلِّمهم الكتابَ وهو القرآن، والحكمةَ وهي السنّة، ويعلِّمهم ما لم يكونوا يعلمون، فكانوا في الجاهلية الجهلاء يسفَّهون بالقول الفِرى، فانتقلوا ببركة رسالته، ويُمْن سفارته، إلى حال الأولياء، وسجايا العلماء، فصاروا أعمق الناس علماً، وأبرّهم قلوباً، وأقلّهم تكلّفاً، وأصدقهم لهجةً. وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِين إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ} الآية، وذمَّ مَن لم يعرف قدر هذه النعمة، فقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} قال ابن عباس: يعني بنعمة الله محمداً صلى اللهُ عليه وسلم». (تفسير القرآن العظيم 1/282). فصل في وجوب الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم: وبعد أن ساق الشيخ الأدلة على ذلك، ومنها قوله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، بيَّن الشيخ أن الإيمان به صلى الله عليه وسلم على أضرُب، ذكر منها حفظه الله: 1)- الإيمان بعموم رسالته للناس عامّة إنسهم وجنّهم: ومن الأدلة الكثيرة التي ساقها الشيخ؛ قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمّد بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثم يموت ولم يؤمِنْ بالذي أُرسِلت به، إلا كان من أصحاب النار». قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: «وقوله: (لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة) أي: ممّن هو موجود في زمني وبعدي إلى يوم القيامة، فكلُّهم يجب عليه الدخول في طاعته، وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهاً على من سواهما، ذلك لأن اليهود والنصارى لهم كتاب، فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتاباً؛ فغيرهم ممن لا كتاب له أولى، والله أعلم». 2)- الإيمان بأنه صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين: ومن الأدلة التي ذكرها الشيخ قوله عز وجل: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رِجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّين}. قال الحافظ ابن كثير -ما ملخصه-: «فهذه الآيةُ نصّ في أنه لا نبيّ بعده… وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله من حديث جماعة من الصحابة». ومن الأقوال الذهبية التي نقلها الشيخ هنا؛ قول العلامة القاسمي في (محاسن التأويل: 13/266): «وإنما خُتمت النبوة به؛ لأنه شُرع له من الشرائع ما ينطبق على مصالح الناس في كل زمان وكل مكان؛ لأن القرآن الكريم لم يدع أُمّاً من أمهات المصالح إلا جلّاها، ولا مَكْرُمَةً من أصول الفضائل إلا أحياها، فتمت الرسالات برسالته إلى الناس أجمعين، وظهر مصداق ذلك بخيبة كل من ادّعى النبوة بعده، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين». 3)- تصديقه صلى الله عليه وسلم في كلِّ ما أخبر به: ومن الأقوال الجامعة في هذا المبحث؛ قول شيخ الإسلام ابن تيمية في (درء تعارض العقل والنقل؛1/191): «من المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أنه يجب على الخلق الإيمان بالرسول إيماناً مطلقاً جازماً عامّاً: بتصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أوجب وأمر، وأن كلَّ ما عارض ذلك فهو باطل، وأن من قال: يجب تصديق ما أدركته بعقلي، وردُّ ما جاء به الرسول لرأيي وعقلي، وتقديمُ عقلي على ما أخبر به الرسول مع تصديقي بأن الرسول صادق فيما أخبر به؛ فهو متناقض فاسد العقل، ملحد في الشرع، وأما من قال: لا أصدّق ما أخبر به حتى أعلمه بعقلي؛ فكفره ظاهر، وهو ممّن قيل فيه: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللُه أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}…» إلى آخر كلامه رحمه الله. وقول الإمام ابن أبي العزّ الحنفي في (شرح الطحاوية؛ ص:228): «فالواجبُ كمالُ التسليم للرسول صلى الله عليه وسلم والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يعارضه بخيال باطل يسميه معقولاً، أو يحمله شبهةً أو شكّاً، أو يقدم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم، فيوحّده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما وحَّد المرسِل بالعبادة والخضوع والذّل والإنابة والتوكل. فهما توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما: توحيد المرسِل، وتوحيد متابعة الرسول؛ فلا يحاكم إلى غيره، ولا يرضى بحكم غيره، ولا يوقف تنفيذ أمره وتصديق خبره على عرضه على قول شيخه وإمامه وذوي مذهبه وطائفته ومن يعظمه؛ فإن أذنوا له نفذه وقبل خبره… -الى أن قال-: بل إذا بلغه الحديث الصحيح يعُد نفسَه كأنه سمعه من رسول الله، فهل يسوغ أن يؤخر قبوله والعمل به حتى يعرضه على رأي فلان وكلامه ومذهبه؟!». فصل في وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم: ومما ذكر فيه قوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}. وفيه قول الإمام ابن القيم: "وهو دليلٌ على أن من لم يكن الرسول أولى به من نفسه فليس من المؤمنين". وقد بسط القول في المسألة كما هو معهود فيه رحمه الله. ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يُؤمن أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين». قال العلامة ابن بطّال المالكي في شرح صحيح البخاري: «ومعنى الحديث -والله أعلم- أن من استكمل الإيمان علم أنَّ حقَّ الرسول وفضلَه آكَدُ من حقِّ أبيه وابنه والناس أجمعين، لأن بالرسول استنقذ الله أمّتَه من النار، وهداهم من الضلال، فالمراد بهذا الحديث بذل النفس دونه عليه الصلاة والسلام. وقال الكسائي في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي حسبك الله ناصراً وكافياً، وحسبك من اتبعك من المؤمنين ببذل أنفسهم دونك». فصل في وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم: وقد نقل فيه الشيخ حفظه الله باباً عظيماً من كتاب «المنهاج في شعب الإيمان» للإمام الحافظ الحليمي (ت403ه) بعنوان: «باب في تعظيم النبي وإجلاله وتوقيره»، والذي بين فيه رحمه الله الفرق بين المحبة والتعظيم، وأن التعظيم رتبة فوق المحبة، وذكر رحمه الله الآيات الدالة على وجوب تعظيم النبي وتوقيره، ومنه اتباع أوامره واجتناب نواهيه، والسمع والطاعة في المَكْرَه والمَنْشَط. قلت: وأجدني هنا في غنى عن ذكر ما يتشدق به سفهاء القوم باسم العَلمنة والحداثة والفكر والإنسانية في حق الرسول الكريم، لكنني مضطر إلى تبشيرهم بانكشاف أمرهم، وانفضاح مكرهم، وانقلاب سحرهم عليهم، كيف لا؟ وربنا عز وجل يقول لنبيه الكريم: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} ويقول في حقِّ شانئيه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ} ويقول في أصحاب المكر والخديعة والنفاق: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. يتبع بإذن الله..