الحداثيون يقودون حملة كبيرة لنسف ما تبقى من معالم الشريعة في مدونة الأسرة والقانون المغربي ، في غفلة من عامة الشعب المسلم. ومن الأمور الخطيرة التي لاحظتها في الزخم الإعلامي الحداثي المصاحب لهذه الحملة أنهم يلبسون على الناس ويقلبون الحقائق ويروجون لباطلهم بدغدغة العواطف واللعب بالمصطلحات. فيبررون تغيير المدونة بتوظيف مصطلحات العدل والمساواة والإصلاح ، وكأن ما جاءت به الشريعة مما بقي بهذا القانون ليس فيه عدل ولا إصلاح. كما أنهم يصفون الذين يريدون إفساد المدونة بإفراغها من حمولتها وصبغتها الإسلامية و جعلها مدونة حداثية وضعية خالصة بالإصلاحيين وهذا من التلبيس الذي يتصف به المفسدون على مر العصور، وكأني بآيات القرآن تصف حالهم: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)، فهم يزعمون الإصلاح ويسوقون أنفسهم للشعب على أنهم مصلحون، وأي إصلاح في تغيير شرع رب العالمين، وأي إفساد أعظم من استبدال شرع سماوي بقانون وضعي حداثي هو صنيعة زمرة فاسدة تشرعن لفساد المجتمعات على جميع المستويات، فصدق الله القائل: (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون). على المغاربة أن يعلموا أن عقود الزواج والطلاق والخلع وغيرها مما يتصل بالأحوال الشخصية وتتناوله المدونة إذا تم تغيير المعايير الشرعية التي تتضمنها المدونة قد يعود على هذه العقود بالبطلان والفساد، ويعيشون في دائرة الحرام والسفاح وهم لا يشعرون. وقبولها بتغيير أحكام الإرث سيوقعهم في الظلم والغصب الممنهج لحقوق الغير وأكل السحت والذي سيحاسبون عليه بين يدي الله. والقبول بتغيير القانون الجنائي ورفع التجريم عن العلاقات الجنسية المحرمة سيوقعهم في الدياثة وشيوع الفاحشة. وأخطر من هذا كله أن يتسرب إلى نفوس المغاربة أن هذه المنكرات وهذا الظلم في الأموال والاعراض يصير حلالا بمجرد المصادقة على تغيير المدونة والقانون، فهذا استحلال للحرام وهو كفر بإجماع العلماء. ولا يغرنكم ما يروجونه من تمسح بالفقهاء في تغيير ما بقي من الشريعة في المدونة وأحكام الإرث والقانون الجنائي فإن أهل العلم بكل أطيافهم لا يوافقونهم على إفكهم.