هوية بريس – الأربعاء 30 مارس 2016 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد، فقد آلمنا ما شهدته مؤخرا مباراة لكرة القدم جمعت بين فريقي الرجاء البيضاوي وشباب الريف الحسيمي من أعمال شغب وما لحقها من تبعات خطيرة، سيما وأن المباراة المشؤومة والاحتفالية المأزومة لفظت بعد أنفاسها الأخيرة أنفس ما في الوجود وأسماه على الإطلاق ألا وهو الحق في الحياة هذا الحق الذي كفلته الشريعة ومكفول بقوة القانون، ذلكم الحق الذي لم تجد شرذمة من المجرمين أي بأس في سلبه بكل يسر وسهولة دون أدنى استحضار لرابطة الدين والأخوة والمواطنة. نعم بنو الجلدة الواحدة يقتل بعضهم بعضا من أجل جلدة ملء فراغها الهواء. وبالرجوع إلى أجواء المباراة تحيلنا الأحداث الأليمة إلى طرح ما يلي: ما نوعية الجمهور الذي يملأ الملاعب؟ ما نوعية الجمهور الذي نريد؟ إن المتتبع للشأن الكروي بالمغرب يجد أن الجماهير التي تغص بها جنبات الملاعب هي واحدة من الآتي: فئة تأتي إلى الملاعب لمشاهدة المباريات والتمتع بأطوارها وتشجيع الفرق نصفق للفائز ونحي الخاسر [قمة الروح الرياضية]. فئة تأتي إلى الملاعب همها الوحيد رفع التيفوهات، واللافتات والبيشان والميكة والتغني بكلمات 90 بالمائة منها يلوث الآذان فئة تأتي إلى الملاعب متعتها الكبرى في مشاهدة الالترات والتفاعل معها سلبا في غالب الأوقات وهاتان الفئتان الأخيرتان تمثلان للأسف نسبة قد تفوق ثلثي الجمهور وهما في جل الأوقات لا تعنيهما الفرجة داخل المستطيل الأخضر بل كل همهما المدرجات ولفت الانتباه ولا يجمعهما بالمباراة إلا صفارة الحكم في الابتداء والانتهاء. وما يؤسفنا حقيقة أننا أصبحنا أمام ظاهرتين تشجيعيتين متناقضتين إحداهما تتحلى بالروح الرياضية وتتصف بجملة من الآداب والأخلاق وأخراهما لا روح لها ولا علاقة لها بالرياضة تحكمها حبوب الهلوسة والمعجون و…. هدفها من الحضور إلى الملعب خلق حالات ما يسمى بالروبلة والحيحة والزهو وما خفي كان أعظم. مما يؤدي بنا إلى نتيجة حتمية مؤلمة تراجع الجمهور الحقيقي وابتعاده عن الملاعب أمام المد المتزايد والمتصاعد والخطير للمنحرفين والمشاغبين والمجرمين. بعد هذا البسط قد يتبادر إلى أذهاننا هذا السؤال: لماذا لم ننجح في محاربة جريمة الشغب والقضاء عليها رغم ما رصد من إمكانات وما قُرر من مقاربات لماذا لماذا لماذا؟ والجواب أننا بذلنا جهدنا وأموالنا في عقد الندوات تلو الندوات والملتقيات تلو الملتقيات والمؤتمرات تلو المؤتمرات لمحاربة هذه الآفة الخطيرة والدخيلة وكل حديثنا عن النهوض بالرياضة الاحتراف البنية التحتية المساهمات المالية الغ الغ ولم نلق بالا لأهم وأخطر عنصر وعامل والذي هو البشر الإنسان [الجمهور] ماذا عن توعيته، وتأطيره، وتنبيهه، فتجدنا صرفنا الملايير على ما سبق ولم نصرف درهما واحدا على هذا المكون الأساس الذي هو مكون الإنسان. وحتى لا نضع جامعة الكرة تحت مظلة الاتهام فان المسؤولية من باب الانصاف يتحملها الجميع: الآباء وأولياء الأمور، جامعة الكرة، الوزارات المعنية، الفرقاء السياسيون، الأحزاب، الجمعيات. الكل مسؤول والجميع معني فالخطر عظيم والمصاب أعظم فأرواح المغاربة أصبح الموت يتهددها وأبناؤنا صاروا أكثر تطبيعا مع العمل الجرمي والعصبية الجاهلية أضحت عنوان حضارة واثبات حضور للأسف الشديد. وختاما أقول ان استفحال هذا الخطر جاء نتيجة للفراغ القانوني في هذا الباب الأمر الذي شجع الكثيرة على ارتكاب جرائمهم دون حد أو قيد في تعال على القانون الغائب مما يفقد الدولة هيبتها. ومن هذا المنطلق وجب على الدولة المغربية بكل مكوناته ومؤسساتها أن تضرب بيد من نار وحديد على أيد كل من سولت له نفسه التلاعب بأرواح المغاربة مهما علا شأنه أو نزل صغيرا كان أو كبيرا رجلا كان أو امرأة رجل أمن كان أو متفرجا لاعبا كان أو مسيرا. اللهم احفظ شبابنا واهدنا وإياهم إلى ما فيه نفع للبلاد والعباد، واجعل بلدنا هذا بلدا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين.