ما تزال واقعة الجملة العنصرية التي قالها عضو بالحزب اليميني المتطرف "التجمع الوطني" الفرنسي داخل الجمعية الوطنية (البرلمان) تثير زوبعة من النقاش داخل فرنسا، وسط دعوات للحذر من تنامي سطوة اليمين المتطرف. وكان النائب عن حزب فرنسا الأبية (يسار) كارلوس مارتنيز بيلونغو يوجه الخميس الماضي سؤالا للحكومة عن سفينة مهاجرين عالقة في مياه البحر المتوسط، عندما تفوه النائب اليميني المتطرف غريغوري دي فورنا بعبارات فيها إهانة عنصرية في حق النائب اليساري من أصول أفريقية بيلونغو، وقال "فليعد إلى أفريقيا". وزعم دي فورنا لاحقا أنه كان يقصد السفينة التي كانت تحمل المهاجرين وليس النائب بيلونغو. وطلبت رئيسة البرلمان الفرنسي يائيل براون بيفي إدراج هذه القضية في جدول أعمال مكتب البرلمان (يضم رؤساء الكتل البرلمانية) الأربعاء المقبل للنظر في إمكانية معاقبة النائب المسيء الذي عوقب مبدئيا بعدم دخول مقر الجمعية الوطنية 15 يوما. اعتداء على الجمهورية وأكدت صحيفة "لوموند" (Le Monde) في افتتاحيتها اليوم السبت أن الجملة التي تلفظ بها النائب اليميني كانت اعتداء على الجمهورية الفرنسية، وعلى كل المواطنين، وليس فقط على النائب بيلونغو الذي صرح بأن الجملة العنصرية استهدفته هو "وكل الأشخاص الذين يشبهونه"، على حد تعبيره. ودعت الصحيفة إلى اليقظة والحذر ضد جميع الخطط والإستراتيجيات التي تحاول التهوين من خطورة ما هو غير مقبول في الديمقراطية الفرنسية، موضحة أن الكلمات التي نطق بها النائب اليميني تهدد قيم العالمية والانفتاح والمساواة، وهي قيم تشكل أساس رسالة فرنسا أمام العالم. وأوضحت لوموند أن هذه الواقعة الخطيرة وقعت عشية اختيار بديل لمارين لوبان لرئاسة حزب التجمع الوطني، في إطار السياسة الجديدة التي يحاول من خلالها الحزب اليميني المتطرف الاندماج في الحياة السياسية الفرنسية. وقالت الصحيفة إن "التجمع الوطني" يسعى جاهدا لإقناع الجميع بأنه يحترم قيم الجمهورية، لكن الواقعة جاءت لتذكر الناس بأن الدار اليمينية ما تزال على ما كانت عليه من تشبث بمشروع الإقصاء الذي يحمل تهديدات بممارسة العنف ضد من لا يشبههم، و"أن الطبع يغلب التطبع"، حسب الجزيرة.