هوية بريس – وكالات قال منسّق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد الدستور الجديد إن المسودة المنشورة في الجريدة الرسمية تختلف تماما عن النسخة التي عرضتها الهيئة على الرئيس التونسي. نأى منسّق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد الدستور الجديد في تونس، الأحد (الثالث من يوليوز 2022)، بنفسه من النص الذي نشره الرئيس قيس سعيّد، مؤكداً أنّ تبنّيه في استفتاء مقرّر في 25 يوليوز يمكن ان « يفتح المجال أمام نظام ديكتاتوري ». وقدّم صادق بلعيد رئيس « اللجنة الوطنية الاستشارية لجمهورية جديدة » التي كلّفها سعيّد صوغ دستور جديد، مسودّته للرئيس في 22 يونيو. ولكنه نأى بنفسه من النص الذي نشره سعيّد الخميس في رسالة نشرتها صحيفة الصباح الأحد وأكّد لوكالة فرانس برس أنه كاتبها. وفي رسالته، أكد بلعيد وهو من أشهر خبراء القانون في تونس، أنّ مسودة الدستور المنشورة الخميس في الجريدة الرسمية « لا تمت بصلة إلى تلك التي وضعناها وعرضناها على الرئيس ». ويكتسب هذا النأي بالنفس أهمية أكبر باعتبار انه صادر من رجل قانون محترم ومقرّب من الرئيس، كما يعطي صدقية لاتهامات المعارضة التي تؤكّد أن مسودة الدستور تكرّس السلطة الاستبدادية في يد رجل واحد. وتمنح مسودة الدستور هذه، سلطات واسعة لرئيس الدولة ممّا يمثّل قطيعة جذرية مع النظام البرلماني القائم منذ العام 2014 والذي يشكّل مصدراً للخلافات المتكرّرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وقال بلعيد « بصفتي رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية (...)، أُعلن بأسف وبوعي كامل للمسؤولية إزاء الشعب التونسي صاحب القرار الأخير في هذا المجال، أن اللجنة بريئة تماماً من المشروع الذي طرحه الرئيس لاستفتاء وطني ». وأوضح أن المسودة التي نشرها سعيد « تنطوي على مخاطر وأوجه قصور كبيرة ». وأشار خصوصا إلى مادة عن « الخطر الداهم » تمنح رئيس الدولة « سلطات واسعة للغاية في ظروف يقرّرها بمفرده ما من شأنه التمهيد لنظام ديكتاتوري ». وعبر الاستشهاد بمادة مماثلة في دستور العام 2014، تمكّن قيس سعيّد من تولّي السلطة الكاملة في 25 يوليوز 2021، عبر تعليق البرلمان وإقالة الحكومة التي يهيمن عليها حزب النهضة الإسلامي المحافظ. وأشار بلعيد إلى « انتفاء المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية » في النص المنشور، ممّا يسمح له بالحكم من دون قيود. وشدّد بلعيد لفرانس برس على أنّ « النص الذي انتهيت منه بعد عدّة أسابيع من العمل بمشاركة عشرات الخبراء على جميع المستويات، مختلف تماماً عن النص الذي تمّ نشره لطرحه للاستفتاء »، معتبراً ان المسودة في شكلها الحالي تنذر ب « مستقبل سيء » لتونس. وقال بلعيد إن النص « يقلّل من صلاحيات السلطة التشريعية ويزيد بشكل ديماغوجي صلاحيات رئيس الجمهورية كما يُخضع النظام القضائي لإرادته ». وأكد أن نصّه والنص الذي نشره الرئيس مختلفان لدرجة أنّهما « خطَّان متوازيان ». ويؤكد النص المعدّل الطابع الرئاسي للنظام عبر الاشارة إلى ان « رئيس الجمهورية يمارس السلطة التنفيذية، بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة » يعيّنه. ولن تُعرض هذه الحكومة على البرلمان لنيل الثقة. بالإضافة إلى ذلك، يتمتّع الرئيس بصلاحيات واسعة، فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو من يحدّد السياسة العامة للدولة ويصادق على القوانين. كما يمكنه تقديم نصوص تشريعية إلى البرلمان الذي يجب أن يتحقق منها « على سبيل الأولوية ». وبالإضافة إلى واقع أنّ النص يقلّل بشكل كبير من دور البرلمان وسلطته، فهو ينص أيضاً على إنشاء مجلس ثانٍ هو « الجمعية الوطنية للأقاليم ». ولا يتضمن أيّ ذكر للإسلام باعتباره « دين الدولة » على عكس المواثيق السابقة.