تصوير: عثمان اولاد سي حايدة الأربعاء 27 يناير 2016 أما رسالة الحاضرين إلى الملك محمد السادس، فقد تلاها وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأردني "هايل داود"، وجاء فيها: نهوضا بواجب البيان الذي طوق الله به أعناق العلماء وخاصة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة الإسلامية: إحياء للنفوس المعصومة وحفضا للأعراض المصونة، وحرصا على تحقيق السلم بين بني الإنسان، ومطالبة للنفس بأداء من انعكاسات هذه الجرائم المتدثرة بلبوس الدين على وحدتها واستقرارها ومصالحها الكبرى في المدى القريب والبعيد. وبعد تداول الرأي ومناقشة الرؤى والأفكار فإن العلماء والمفكرين المسلمين المشاركين في هذا المؤتمر يعلنون 1- التذكير بالمبادئ الكلية والقيم الجامعة التي جاء بها الإسلام. 2- اعتبار "صحيفة المدينة" الأساس المرجعي المبدئي لضمان حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي. 3- تصحيح المفاهيم وبيان الأسس المنهجية للموقف الشرعي من حقوق الأقليات. وفي ختام الرسالة أكد المؤتمرون على أنه لا يجوز توظيف الدين في تبرير أي نيل من حقوق الأقليات الدينية في البلدان الإسلامية. النص الكامل للبرقية المرفوعة إلى أمير المؤمنين الملك محمد السادس من المشاركين في مؤتمر "حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية" المنعقد بمراكش: رفع المشاركون في مؤتمر "حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية "الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة" المنعقد بمراكش أيام 14، 15 و 16 ربيع الثاني 1437ه الموافق ل 26،25 و27 يناير برقية إلى مقام أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، وفيما يلي نص هذه البرقية: "بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله الطيبين، وصحبه الغر الميامين حضرة أمير المؤمنين صاحب الجلالة والمهابة الملك محمد السادس، سبط النبي الأمين وحامي حمى الملة والدين، ملك المملكة المغربية الشريفة حفظكم الله وأعز أمركم: السلام على جنابكم العالي الشريف، ومقامكم السامي المنيف: فيتشرف المشاركون في مؤتمر "الأقليات الدينية في البلاد الإسلامية: الإطار الشرعي والدعوة إلى المبادرة" أن يرفعوا إلى مقامكم العالي بالله أسمى آيات الامتنان، وخالص عبارات الشكر على رعايتكم الكريمة السامية لهذا المؤتمر الذي يمثل حدثا تاريخيا عظيما بكل ما تشمله الكلمة من معاني وما تدل عليه من دلالات دينية وإنسانية وحقوقية. إنكم يا صاحب الجلالة حين أضفيتم على المؤتمر كرم رعايتكم، وسابغ إنعامكم باحتضان أرض المملكة المغربية لهذا الحدث، فإنكم قد تمسكتم بسنة جدكم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، الذي أسس لأسس المواطنة، وأقام صرح بنيانها على معاني الاعتراف والانتماء، والتعايش السلمي المشترك، وذلك حين كتب صحيفة المدينةالمنورة لتكون أساسا مرجعيا يستند إليه المجتمع الناشئ المتجه إلى وحدة الدولة والمصير. صاحب الجلالة والمهابة: إن جدكم الرسول الأكرم عليه وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين الصلاة والسلام، جاء بدين الإنسانية الذي يخاطب كل الإنسان، وليحفظ كرامة وحقوق كل إنسان، فبنى مجتمعا مادته وأساسه وركنه وسقفه الإنسانية، مجتمع يتساوى فيه أفراده في الحقوق والواجبات، وتحفظ فيه اللحمة الوطنية دون نظر إلى الدين أو العرق، أو اللون أو اللغة، ليقدم للعالم أنموذجا غير مسبوق في التسامح والتعايش بين مكونات النسيج الوطني الواحد ضمن مجتمع متعدد الأعراق والديانات. صاحب الجلالة والمهابة: إن هذا المؤتمر الذي تحتضنه مملكتكم الشريفة، ليحمل دلالات تتعلق بالمكان والزمان والإنسان، في ظل واقع المتغيرات المتسارعة، وفي ظل الأحداث المتلاحقة التي أنتجت واقعا أساء إلى صورة الإسلام والمسلمين، فأما الدلالات المكانية فهي أن أرض المملكة المغربية عميقة الجذور في الأصالة والحضارة والتسامح والتعايش السعيد بين الملل والأديان تحت ظل سلطان أسلافكم المنعمين، والتاريخ يسجل ما قام به جدكم المغفور له الملك محمد الخامس من بسط حمايته على المواطنين اليهود الذين كادت تبطش بهم يد الغدر، كما يسجل التاريخ مواقف مشهودة لوالدكم المنعم الملك الحسن الثاني في حفظ حقوق هاته الفئة من مواطني المغرب. وأما الدلالات الزمانية، فتأتي في سياق تشويه صورة الإسلام من قبل فئة مارقة عن أحكامه ومقاصده، وعن روح صحيفة المدينةالمنورة التي ضمنت الأمن والأمان لأتباع الملل والديانات المختلفة، ومتعسفةٍ على نصوص الشرع الإسلامي تخضعها لأهوائها ونزواتها، اعتدت على الدماء المعصومة، والأعراض المصونة، فكان هذا المؤتمر الذي يعيد الاعتبار لهذه الصحيفة أقوى رد على الفكر المأزوم، وأخلال ثقافة العنف، وخطاب الكراهية، والذي انعقد ليقول للعالم كله: إن الإسلام لا يمكن أن يقبل أن يكون مطية لتحريف الغالين، أو انتحال المبطلين، أو تأويل الجاهلين، أو تسطو عليه فئة لتملك به البلاد وتذل العباد. فلولا هذه الفظائع التي آذت الضمير الإنساني، ولبست الحق بالباطل، لما كان هناك موجب له. وأما الدلالات الإنسانية، فأعلاها اهتمامكم بحفظ الإنسان وجودا ومعتقدا، إثباتا وممارسة، وحرصكم على أن يكون الإنسان مصونَ الكرامة، محفوظَ الهوية التي اختارها لنفسه مُمَكَّناً من حقوقه واعيا بواجباته تجاه نفسه ومجتمعه والكون الذي يحيط به. صاحب الجلالة والمهابة: إن التاريخ يسجل بمداد الفخر في سجل مناقبكم الكريمة، وشيمكم المنيفة، ومآثركم العالية، أن جلالتكم أحطتم المبادرة- التي أشرف عليها وزيركم في الأوقاف والشؤون الإسلامية بشراكة مع منتدى تعزيز السلم-أبوظبي – بكريم العناية، ووافر الرعاية، وقد كانت رسالتكم الشريفة للمؤتمرين سندا قويا، ومتنا مرجعيا لإعلان مراكش التاريخي لحقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية، ويسجل لبلدكم السبق في مبادرة إعادة بعث الروح في أصول ومنهجية التعامل مع مجتمع متعدد الثقافات والأعراق واللغات، وتأصيل إطارها الشرعي. صاحب الجلالة والمهابة: إن المؤتمرين الذين لبوا دعوة المؤتمر من مختلف الديانات والطوائف والملل، ومن كل أنحاء العالم أجمعوا على التنويه برسالة المؤتمر ومقاصده وأبعاده في هذه المرحلة العصيبة التي يجتازها العالم؛ ودعوا إلى ضرورة استلهام قيم المواطنة التعاقدية من روح صحيفة المدينة، على اعتبار أن بيئة المواطنة ترتقي اليوم إلى مرتبة الضروري وكلي الزمان الذي يتمثل في ميثاقين: ميثاق داخلي، هو دستور البلاد الذي يمثل عقداً بين كل المواطنين. وميثاق عالمي، هو ميثاق الأممالمتحدة ولواحقه. وهذا الواقع يرشح صحيفة المدينة لأن تكون أنموذجا أصيلا، وأساسا صالحا للمواطنة التعاقدية وخيارا للتعامل مع مقتضيات الواقع، ومفاهيمه ونظمه الجديدة، سعيا إلى تفعيل المشترك الإنساني، وتحييد عناصر الإقصاء والطرد ضمن دائرة التفاعل الإيجابي مع مختلف مكونات النسيج الوطني للمجتمعات، وتحقيق السلم الاجتماعي القائم على الاعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات، والقبول بما يفرضه التنوع من اختلاف العقائد والمصالح وأنماط الحياة، مع وجود مرجعية حاكمة يفيء إليها الجميع حال التنازع والاختلاف. فبارك الله يا صاحب الجلالة جهودكم، وكلل بالنجاح مسعاكم، وأصلح أعمالكم، وبلغكم ما ترجونه للعالم من سلم وسلام، وطمأنينة ووئام. وأقر الله أعينكم بولي عهدكم الأمير الجليل المولى الحسن، وشد أزركم بصنوكم السعيد الأمير مولاي رشيد، ومتع شعبكم بالخير في ظل عرشكم المجيد. والسلام المجدد على مقامكم الشريف ورحمة الله تعالى وبركاته. المشاركون في مؤتمر حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية".