معامل المادة في المجال التعليمي التربوي يراد به إعطاء كل مادة عدد محدد يحدد قيمتها، بحيث تضرب النقط المحصل عليها فيه. فإذا كان مرتفعاً رفع من قيمة المادة والاهتمام بها، وإذا انخفض قلَّل من أهمية المادة وقيمتها،- شئنا أم أبينا-. وهذا هو الانطباع السائد لدى التلاميذ ومعظم أحاديثهم تدور عليه. جاءني تلميذ وقال: أستاذي أريد أن أسألك. قلت: تفضل؟ قال: كم مُعامل التربية الاسلامية؟ (لقد حرك التلميذ في أعماقي الرغبة في النقاش والحوار، – لو كان أهلاً لأدخل معه في تفاصيل الموضوع- ، لكن مالا يُدرك كُله لا يُترك جله كما قيل، فعزمت على الدردشة معه قليلاً). قلت: ولماذا تسأل عن مُعامل المادة؟ قال: لأنظر هل اجتهد فيها أكثر أم لا ! ثم قال: وأنظر هل تنفعني نقطها؟. قلت: وهل أنت تجتهد في المادة لأجل مُعاملها؟ قال على استحياء: لا. وإن كنت أعلم أن هذا الجواب منه لترضية أستاذه، وأعلم أيضاً أن سؤالي بعيد عن الواقع، لأن جوابه السابق يَنفيه. فسعيت للإقناع وتصحيح ما يمكن تصحيحه. قلت: حينما أكلفك بحفظ المقطع أو الشطر القرآني تحفظه لأنني سأعطيك نقطة؟ قال: لا. ( ومرة أخرى لم أقتنع شخصياً بصدق جوابه، لكن لست أبحث الآن عن الصدق من عدمه بقدر ما أبحث لتصحيح المفهوم أولاً ثم بعد ذا يكون الصدق ان شاء الله). قلت: هل إذا أخبرتك أن معامل التربية الاسلامية منخفض، ستترك المادة، ولن تهتم بها أبداً؟ وهذا السؤال لعلمي بالتلميذ وحبِّه للمادة، فهو لا يسأل سؤال من يريد أن يعرف المعامل، بقدر ما يسأل سؤال المتحسِّر على انخفاض معاملها ويود لو كان مرتفعاً لأمكنه أن يرفع رصيده أمام تعثره في مواد أخرى، بالمادة التي يحبها. وكأنه يريد أن يقول: لماذا معامل المادة منخفض على غرار بعض المواد الأخرى؟ كيف نرفع هذا الحيف والظلم؟ فكَّر قليلاً ثم ردَّ علي: بالطبع لا، سأجتهد فيها ولو لم تكن بدون معامل أصلاً. قلت: ولماذا؟ قال: لأن التربية الاسلامية تعلمنا الدين والأخلاق الطيبة. وتعلمنا الصلاة، فهذه الأمور لابد منها. وفي زحمة استقبال قسم آخر أنهيت النقاش على عجل، وأخبرته بأن معاملها اثنان، ومضى متعثر الخطو، يكاد يسقط ارضاً، متحسراً مما يبدو من حاله على تهاوي معامل المادة. وأتذكر يوم دخل عندي تلميذ مشاكس، فنطق دون استئذانٍ موجهاً الخطاب لي قائلا: أستاذي هذه أجمل مادة عندي؟ فحاولت إيجاد الخيط الناظم بين شغبه ودعواه. فقلت: ولماذا؟ قال: " أجد فيها راحتي، وما نناقشه فيها يعبِّر عن احتياجاتي". كذا قال. وهذه همسة في أذن: – الجهات المعنية للرفع من معامل المادة حتى تكتسب قيمتها لدى التلاميذ، والرفع من قيمة مضامينها ومناهجها. – أساتذة المادة للرفع من قيمة المادة بالمزيد من الابداع فيها وإعطاء القدوة للتلاميذ من أنفسهم. – أساتذة المواد الأخرى لترسيخ مضامين التربية الاسلامية في موادهم. – المؤلفين للكتاب المدرسي بالجدة في تناول قضاياها وربطها بالواقع. – التلاميذ والأولياء بالمزيد من الاهتمام بها لأنها من دينهم بغض النظر عن معاملها. وإنما الموفق من وفقه الله.