بعد الضجة التي أثارها وهبي.. سحب مهام صياغة مدونة الأسرة من وزارة العدل إلى لجنة وزارية موسعة    هل يُنهي ترامب مكائد الكابرانات وتهديدهم لاستقرار المنطقة؟    ميناء طنجة : تراجع مفرغات الصيد البحري بنسبة 31 بالمائة خلال عام 2024    تعنيف سيدة وطفلة قاصر يقود إلى اعتقال ثمانيني بتطوان    المصادقة بالإجماع خلال دورة يناير للمجلس الإقليمي لوزان    وفاة طفلين شقيقين ونقل ثالث في حالة حرجة إلى المستشفى بعد احتراق منزلهما    التشاؤم يخيم على 81 % من الأسر المغربية بسبب تدهور حاد في مستوى المعيشة    زخم ديبلوماسي متنام.. مالاوي تجدد تأكيد دعمها للوحدة الترابية للمغرب    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين (شان 2024).. المغرب في المجموعة الأولى إلى جانب كينيا وأنغولا والكونغو الديمقراطية وزامبيا    الحكومة تصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    أداء متباين في بورصة الدار البيضاء    المغرب ضمن أفضل 10 أسواق لمجموعة رونو    تعثر أولى محاولات فتح المعبر التجاري لسبتة    30 مليار لتوسيع وتقوية الطريق الساحلي بين الناظور والحسيمة (صور)    الدخيسي: حماية حقوق موظفي الشرطة تتكامل مع حماية حقوق المواطنين    مسرح محمد الخامس يحيي ليلة "إيقاعات الأطلس المتوسط" احتفاءً برأس السنة الأمازيغية    الالتزام عند الاستاذ عبد الفتاح فهدي في ثقافته البانية    تسجيل إصابة 79 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة موزعين على 13 مؤسسة سجنية    توقعات بزيادة رقم معاملات السكك الحديدية خلال 2025    مرشح ترامب للخارجية : المغرب نموذج قوي للإستثمار في إفريقيا    بايتاس : الحكومة أطلقت عدة مبادرات من أجل تكريس الطابع الرسمي للأمازيغية    اختار المغرب كأول وجهة دولية يزورها حموشي يستقبل بالرباط المفوض العام للاستعلامات بإسبانيا    «نحو مغرب خال من السيدا بحلول 2030»: اليوم الدراسي للفريق الاشتراكي يسائل السياسات العمومية والمبادرات المدنية    تطورات الحالة الصحية للنجم سيف علي خان بعد تعرضه للطعن    بايتاس: "الأغلبية الحكومية منسجمة ومعبأة لإنجاز مشاريعها"    توقيف موظفين بسجن سلوان بسبب تسريب هواتف نقالة إلى المؤسسة    قضاة المملكة بتوا سنة 2024 في أزيد من أربعة ملايين قضية    هانزي فليك: علينا أن نعتني بلامين يامال    "دكتور" للشامي تقترب من ال 7ملايين مشاهدة وتتصدّر الترند عالميًّا!    الممثل الهندي سيف علي خان يتعرض للطعن في مسكنه    منال بنشليخة تستلم جائزة "بيلبورد" عربية (صور)    إسرائيل تتهم حماس ب"التراجع عن أجزاء" من اتفاق الهدنة في غزة والحركة تنفي    هل تنتفض النخب الجزائرية ضد تبون وشنقريحة بعد منعها من دخول الأراضي الفرنسية؟    حمزة إيكمان.. نجم رينجرز الإسكتلندي في طريقه للانضمام إلى المنتخب المغربي    بعد قرار الحجب.. هل يتدخل إيلون ماسك لإنقاذ "تيك توك" فرع أمريكا؟    رغم إعلان وقف النار.. استشهاد 73 فلسطينيا في غارات للعدوان الإسرائيلي    "حليميات".. رحلة موسيقية لإحياء روائع عبد الحليم حافظ    إيغامان يقترب من صدارة هدافي الدوري الاسكتلندي    سايس ينفي شائعات اعتزاله اللعب دوليا    البطولة الاحترافية.. مبارايات قوية بين أندية مقدمة وأسفل الترتيب أبرزها قمة نهضة بركان والجيش الملكي    الذهب يقترب من أعلى مستوى في شهر مع تجدد آمال تقليص الفائدة    سيف علي خان يتعرض لاعتداء مروع في منزله    شيكاغو فاير الأمريكي يفاوض الهلال للتعاقد مع نيمار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تناول المضادات الحيوية بدون استشارة الطبيب..مختص يفرد التداعيات ل" رسالة 24 "    حزب التقدم والاشتراكية يرحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة    خبيرة توضح كيف يرتبط داء السيدا بأمراض الجهاز الهضمي..    ردود فعل دولية على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن المعروض    المغرب يدعو لتفاوض عربي موحد مع الشركات الرقمية الكبرى للدفاع عن القضية الفلسطينية    الصين: أكثر من 100 مليون زيارة لمتاحف العلوم والتكنولوجيا في 2024    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    تركيا.. عام 2024 كان الأشد حرارة في تاريخ البلاد    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمالية الاعتذار
نشر في هوية بريس يوم 10 - 12 - 2015


هوية بريس – الخميس 10 دجنبر 2015
هل لديك الجرأة الكافية لتقل لمن أخطأت في حقهم "معذرة" كيفما كانوا؟؟
من منا ما أساء قط ومن منا له الحسنى فقط، من منا لم يسر عليه قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون". من منا قد عُصم من الخطأ وعُفيَ من الزلل ولم يحتاج يوما إلى الاعتذار من أحد؟… من منا ليس من طينة الإنسان الذي جُبِل على الخطأ ليريه الله سبحانه وتعالى ضعفه وقصره، ويتجلى له سبحانه بمنه وعفوه وكرمه؟…
كل منا ذو خطأ غير أننا نختلف في التعامل مع هذا الخطأ، وفي التعامل مع من أخطأنا في حقهم، فالعاقل كثيرا ما يعتذر ممن أساء لهم تقصيرا أو تحقيرا أو تبريرا أو تعبيرا أو…، والغافل اللاهي العاجز قد يؤجل الاعتذار إلى أجل غير مسمى فاتحا باب الأماني والأمل وقد يدركه الموت وينتهي الأجل دون المبادرة بهذا العمل، لكن المتجبر المتعجرف الجبار المتكبر فإنه لا يعرف للاعتذار طريق ولا لجمالياته بريق…
ثقافة الاعتذار ثقافة سامية وراقية لكنها للأسف الشديد غائبة عندنا وبيننا إلا في حالات نادرة… الاعتذار أسلوب حسن في التعامل يفيض جمالا وروعة ونبلا، ورغم ذلك فهي عند بعضنا أو جلنا تقليل من شأن المعتذر وتنقيص من قيمته والحقيقة أن العكس هو الصحيح… يقول الشاعر:
عجبتُ لحرّ يستحي باعتذاره***وأولى به أن يستحي بذنوبه
(الشاعر القروي).
وجمال الاعتذار لا يحسه إلا من يتمتع بجمال الداخل والباطن، جمال الروح والفؤاد، جمال الحس والمشاعر، أما من لم يعرف للإنسان إنسانيته ولم يحس بآدميته، فمحال أن يعتذر أو يحاول ذلك لأنه بكل بساطة لا يحس بجمالية ذلك ولا بدفئه…
إن الذين أفسدوا ولطخوا الحياة العامة، السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، بزلاتهم وخطاياهم يغنون ويرقصون على دماء الضحايا، ويطربون ويتلذذون بمآسي الناس ومعاناتهم، فكيف ننتظر منهم أن يجيدوا فن الاعتذار وطلب التجاوز، وكيف يرون جماله وروعته، وهم يفتقدون إلى جمال الباطن والعمق؟؟ كيف ننتظر منهم أن يتعاملوا بقبول الاخرين وخفض الجناح له، وهم لم يروا أو لا يريدون رؤية جبال من الانتهاكات والمعضلات الذين كانوا هم من ورائها أو سببا فيها؟؟؟
إن للاعتذار جمال وبهاء قد تراه المجتمعات المتخلفة والظالمة ولا تمارسه، يحتقر القوي فيها الضعيف، يسخر منه، إن لم نقل يسحقه ويهضم حقوقه عيانا، والاعتذار أيضا لا يمارس من لدن سلطات لا تعرف إلا لغة القمع والحيف، لغة الرعب والخوف، تفرض جبروتها على مجتمعات معينة فتسحقها، وتأكل حقوقها، وتتفنّن في شرذمتها وبعثرتها في هذا العالم المترامي الأطراف…
ومما لا شك فيه أن دور الأسرة والمدرسة وكل مؤسسات التنشئة الاجتماعية في غاية الأهمية لزرع قيم وثقافة الاعتذار الجميلة الرقية والتي من شأنها أن تحسن من العلاقات وتمتن أواصر المحبة والتقدير بين أفراد المجتمع…
رائع لو استطاع الأب أو الأم أن تدرك ويدرك أن اعتذاره لأبنائه أو بناته لا يهز مكانته ولا يخدش قدره بل يعمق جذور الحب والاحترام بينه وبين من اعتذر له ولو كان دونه… جميل جدا أن يعتذر الأستاذ لتلاميذه وتلميذاته إن صدر منه ما يلزم ذلك وهذا لا ينقص من قدره بل من شأنه أن يجعل العلاقة بين الأستاذ وطلابه مبنية على الصدق في الاحترام وجميل المشاعر والسمو في التعامل… وعظيم وراق أن يعتذر السياسي ممن صوتوا عليه "فَسَوَّتهم"، ومنحوه شرف تمثيلهم "ومثَّلَ عليهم أو مثل بهم" ومكانة النيابة عنهم، لكنه أخطأ في حقهم ولم يوفي بما قطعه على نفسه من وعد ولم يحقق ما سطره في برنامج تعاقده معهم، والاعتذار بصدق ولباقة خير ألف مرة من التمادي في الكذب والتضليل والاستغراق في المراوغة والتجهيل…
ومن جماليات الاعتذار أنه:
* يقدر ويحترم من قُدم له الاعتذار، وأن المعتذر له ليس دون الآخرين إن أُخطئ في حقه ولو كان صغيرا.
* أن يحسن العلاقة بين المخطئ المعتذر والمعتذر له.
* أن الاعتذار يجعل العلاقات مبنية على الاحترام والتقدير الحقيقيين دون نفاق أو تصنع.
* أن الاعتذار خلق الأقوياء الذين يقدرون قيمة الإنسان ويحفظون كرامته…
* أن الاعتذار اعتراف بالآخر وهو أجمل ألف مرة من التمادي في الظلم والاحتقار والتبخيس…
إن الأجيال القادمة بحاجة ماسة إلى بناء تربوي رصين ومن نوع جديد منفتح، يستحضر جمال القيم النبيلة من قبيل قيمة الاعتذار والتسامح وقبول الآخر والاعتراف به وبكيانه… وهي سلوك النبلاء، ودرب العقلاء، كما أنها حصن حصين للابتعاد عن الخطأ والتمادي في الزلل، وسد منيع لتجاوز سوء الأدب، وتأتي يقيمة الاعتذار كذلك من أجل الاهتمام بمشاعر الآخرين احترما وإكراما .
كم ستكون الحياة أجمل بجماليات قيم الاعتذار إذا تفشت بيننا، وكم ستكون العلاقات أكمل وأمثل تحت ظلال وفي رحاب أخلاق الاعتذار، وكم سيكون العالم أرقى وأنقى وأبقى مستضيئا بأنوار الاعتذار وجمالياته الرقراقة… فاعتذر من الابن والبنت الصغيرة ومن الخادم والتلميذ وممن هو دونك قوة وجاها -حسب تقديرك – فلا تكتفي بالاعتذار من رئيسك أو من هو فوقك، فنحن في أمس الحاجة إلى الاعتذار بناء على تقدير الآخر وليس الخوف منه، تقديره كإنسان وليس كمنصب أو مكانة في المجتمع…
وفي الختام لا يفوتني أن أقول لكل من أخطأت في حقه… أخي الكريم وأختي الكريمة… أنا آسف جدا جدا… معذرة على كل ما صدر مني في حقكم يوما ما… ودامت علاقاتنا مبنية على الصدق والاحترام والارتقاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.